شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 29 مارس 2024م09:56 بتوقيت القدس

سفارات "نائمة في العسل"..

"كورونا".. عالقون في الغربة يستغيثون بأمان الوطن

19 مايو 2020 - 13:13
صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

شبكة نوى، غزّة:

انتظارٌ غير محدد المهلة، انتظارٌ طويلٌ، مرهقٌ، ومذلٌ أيضًا، يعيشه الفلسطينيون في "الغربة القسرية" التي فرضها زمن "كورونا"! أن تكون فلسطينيًا في الغربة اليوم، يعني أن لا تتوقع حلَّ أزمتك كعالقٍ في المنفى بالشكل الطبيعي، هي الحقيقة: ليس هناك من يكترث لأمرك حتى "سفارة بلادك" كما أكد مغتربون لـ "نوى".

لمياء المجدلاوي، فلسطينيةٌ من مدينة غزّة، قررت العودة إلى غزة قبل أن يغلق مطار اسطنبول بتركيا أبوابه في وجوه المسافرين، ويقيد حركة السفر بسبب الجائحة، أسرتها كانت تنتظر بلهفةٍ أن تقضي معهم شهر رمضان لهذا العام وعيد الفطر، وهي كانت تشتاق إلى عودةٍ حميدة بعد أعوامٍ قضتنها بعيدةً هناك بسبب ظروف العمل. في المطار الكل غادر إلا هي، بقيت برفقة حقائبها وحيدةً تلوّح بيديها لأصدقائها من الجنسيات المختلفة : "مع السلامة نحن عائدون إلى بلادنا"، أما المبرر فكان: "أنتِ فلسطينية، ومعبر رفح البري مغلق، لا نريد أن تنتظري في مطار القاهرة".

في الحقيقة، كان هذا أقسى "رمضان" تعيشه الفتاة في الغربة، فلا أصدقاء ولا جيران ولا أهل، وحيدة بين جدرانٍ باردة في بلد غريب.

"أصعب شهرين مرّوا علي بحياتي، وضعي مأساوي وأنا أعيش بمفردي"، تقول الشابة التي لا تخرج إلا لتدبير مستلزماتها الأساسية، ذلك عند فكّ حظر التجوّل الذي لا يتجاوز اليومين في أقصى حد.

وتضيف: "لو لم يكن لدي المال الكافي، لكنت في الشارع الآن بسبب سوء الأوضاع، أسرتي تساعدني حاليًا، لكنني أتساءل إلى متى سأبقى على هذه الحال؟". لمياء كانت تعمل في بيع الملابس "أون لاين"، وبسبب "كورونا" توقفت عن العمل تمامًا.

ويعاني المئات من الطلبة والمواطنين الفلسطينيين العالقين منذ عدة شهور في مختلف دول العالم، نتيجة إجراءات الإغلاق التي اتبعتها غالبية الحكومات بسبب انتشار فايروس كورونا (وباء كوفيد-١٩)، ينتظرون إعادة فتح المطارات والسماح بالتنقل.

وفي صفحة حملت عنوان "رجعونا ع بيوتنا" على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، يقول العالقون: "هذه الإجراءات الصارمة ليست بغريبةٍ على الفلسطينيين الذين عانوا مرارًا من الاحتلال الإسرائيلي، وما خلّفه من أثر في حياتهم، بينما تنوعت جذور المشاركين فيها بين غزة، والقدس، ورام الله، وبيت لحم، ونابلس، وجنين، بل إن بعضهم خرجوا ليبحثوا عن مستقبلهمفي الغربة من مخيمات عين الحلوة، وبرج البراجنة، والبدّاوي، وغيرها من المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية.

بالعودة إلى لمياء، فقد أوضحت أن سفارة فلسطين في اسطنبول، اقتصر دورها خلال هذه الأزمة فقط على وضع رابط تسجيلٍ للراغبين بالسفر "عندما يحين الوقت"، بينما لم تعرض أي مساعدة، في الوقت الذي بادر فيه اتحاد المستثمر الفلسطيني في تركيا، بإرسال كوبونات غذائية للعالقين.

تضيف: "العالقون من قطاع غزّة لا أحد يرحّب باستقبالهم، حتى مع فتح المطارات في تركيا، لقد تم تأجيل سفرهم إلى شهر آب/ أغسطس القادم، وإلا لن تسمح لهم القاهرة بالنزول إلى مطارها"، مناشدةً سفارة فلسطين بضرورة التحرك من أجل إيجاد حل لكل العالقين.

مثلها، كان حال رزان قريعات، الطالبة الفلسطينية التي تدرس في إيرلاندا، وتشكو تقاعس السفارة الفلسطينية هناك، عن إيجاد حل لمشكلتها التي وصلت حدّ تهديدها بالقتل من قبَل أصحاب السكن الذي استأجرته.

تروي رزان عبر منصة "فيس بوك" أنها في الحادي عشر من شباط/ فبراير الماضي، وصلت "إيرلاندا" بغرض الدراسة، وقد تزامن ذلك مع انتشار "كورونا" في البلاد ما أدى إلى فرض حظر التجول، وهذا بدوره أخّر وأضعف فرصتها في الحصول على سكنٍ مريح.

تقول: "لاحظتُ اختلافًا في السلوكيات والقيم بيني وبين أصحاب السكن (رجل وخطيبته)، حاولت التأقلم معها حتى اكتشفت في الأسبوع الثاني من سكنها أنهما يتعاطيا المخدرات، ثم بدآ تدريجيًا بالاعتداء علي لفظيًا".

وتضيف: "تواصلت مع السفارة الفلسطينية، أخبروني أن اسمي سيكون على قائمة العائدين، ثم حولوني لفلسطيني يمكنه مساعدتي"، متابعة باستغراب: "لا أدري إذا كانت السفارة تعتقد أن هذا هو الحل المناسب والكافي!".

بالتزامن مع ذلك، تصاعد الاعتداء على الطالبة ليصل إلى إيذائها جسديًا، ثم إلى قطع التيار الكهربائي عنها، وإلقاء طعامها من الشبابيك، وفصل الإنترنت عنها أيضًا، هنا تعقب: "تواصلت مع السفارة مجددًا، لكنهم ردّوا علي بالقول (لا تقلقي، سنتواصل مع صاحب السكن لحلّ الموضوع)".

"إجراؤهم سيزيد الطين بلة"، متسائلة بتذمر: "من يمكن أن يتحدث مع متعاطي مخدرات عن القانون والمنطق؟". ازداد الخطر، ووصل الحال بخطيبة صاحبة السكن أن هددت رزان آخر المطاف بسكين.

تتابع: "مررت بتجربة قاسية، لقد مللت من التواصل مع السفارة دون جدوى، وأعرف أن الكثير من الفلسطينيات يواجهن نفس مشكلتي الآن، ولا يعرفون إلى أين يتوجهون".

ولولا أن رزان، تدرس علم النفس، لما استطاعت تمالك نفسها، وضبط مشاعر الاستفزاز التي تملكتها من تصرفات الخطيبين، في حين كان الحل أخيرًا في يد عائلتها التي استخدمت امتيازها الآخر بامتلاك جواز السفر الأمريكي.

تتساءل بحرقة: "مع وجود كل السفارات والوزارات، إنتوا مش قادرين ترجعونا لبلدنا وتحلوا مشكلة العالقين، كيف رح ترجعوا حقوقنا الوطنية؟".

أبو مازن خريس عالقٌ آخر منذ شهرين في الإمارات العربية، سافر بتكاليف محددة ولم يكن يتوقع ولا بأي حال أن "كورونا" ستتفشى، ويقف هو والعالم كله عندها.

يقول: "أفلسنا بسبب الإيجارات وغلاء المعيشة"، فهو مريضٌ يعاني الضغط والسكر والقلب، ويحتاج إلى علاجٍ مستمر هو وزوجته، ما تسبب بارتفاع التكاليف أضعافًا مضاعفة عن المال الذي يملكونه هناك في الخارج.

يردف: "ابنتي المرافقة لنا، موظفة في القطاع الصحي بمستشفى العودة بمعسكر جباليا، هاتفوها بأن إجازتها انتهت، وهناك احتمال أن تخسر وظيفتها"، مناشدًا السفارة الفلسطينية بضرورة إيجاد حل سريع لمشكلة العالقين وتحديدًا الذي يقيمون في قطاع غزّة.

وبحسب الخارجية الفلسطينية، فإن ٧٨ فلسطينيًا قضوا بسبب كورونا في مختلف دول العالم، فيما سُجّلت 1445 إصابة بين صفوف المغتربين.

كاريكاتـــــير