شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم السبت 20 ابريل 2024م15:46 بتوقيت القدس

"كورونا" وقطاع الزّراعة.. وصلَ البللُ لذقنِ غزة!

06 مايو 2020 - 22:35
صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

خانيونس:

المُزارع الفلسطيني خالد قديح، لم يعد قادرًا على مواصلة زراعة أرضه كما في السابق، فأزمة "كورونا" التي ضربت القطاع الزراعي على مستوى العالم، بدأت إرهاصاتها تظهر في غزة.

وكانت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو)، أطلقت مؤخرًا عبر موقعها الإلكتروني تحذيرًا قالت فيه: "نخاطر بأزمةٍ غذائيةٍ تلوح في الأفق ما لم تُتخذ إجراءات سريعة لحماية الفئات الأكثر ضعفًا، والحفاظ على سلاسل الإمداد الغذائي العالمية، وتخفيف آثار الوباء عبر النظام الغذائي".

على الرغم من أن عدّاد الإصابة بفايروس (كوفيد-19) داخل قطاع غزة ما زال تحت السيطرة، إلا أن مجرد وجودها يعني أن أزمةً جديدة أضيفت إلى أزمات القطاع المركبة

وعلى الرغم من أن عدّاد الإصابة بفايروس (كوفيد-19) داخل قطاع غزة ما زال تحت السيطرة، إلا أن مجرد وجودها يعني أن أزمةً جديدة أضيفت إلى أزمات القطاع المركبة: الحصار الإسرائيلي الذي تسبب في ضعف الوضع الاقتصادي، وانعكاس ذلك سلبًا على المزارعين، ثم اعتداءات الاحتلال المباشرة عليهم، ناهيك عن رش أراضيهم بالمبيدات السامة كما حدث بداية العام الحالي، لتأتي أزمة "كورونا" وتزيد الطين بلّة.

يقول المزارع قديح الذي يمتلك 6 دونمات يزرعها بالخضراوات في المنطقة الشرقية لمحافظة خانيونس: "تأثرت الزراعة بسبب إغلاق الأسواق وبعض المجمّعات التجارية -المولات- ومنع توريد العديد من المستلزمات"، مستدركًا بأسى: "في بعض الأيام عجزنا على الوصول إلى أراضينا الزراعية شرق القطاع".

يزرع الشاب قديح من الخضراوات (الكوسا-البندورة-البروكلي-والبنجر وغيرها)، وكلها تأثرت حاليًا، إذ كان يعمل لديه بعض العمال، الذين اضطر لإيقاف التعامل معهم، والإبقاء فقط على أشقائه الأربعة، ذلك بسبب ضعف الحركة الشرائية، وتراجع تسويق المزروعات "بالتالي ضعف الإمكانيات المادية للمزارعين".

يوضح قديح: "بعض المحلات والمتاجر التي كانت تشتري مثلًا 20 صندوقًا من الكوسا، تطلب الآن 10 فقط، حتى يتمكّن أصحابها من تسويقها"، ملفتًا إلى كمية كبيرة لديه من الفقوس تنتظر من يشتريها حتى الآن.

يوضح الشاب أن المدخلات الزراعية كلها من أسمدةٍ وبذور وغيرها، تم تقليصها، بنسبةٍ لا تقل عن 40 إلى 50%، "وقد تغيّر سعرها حتى أن بعضها انخفض سعره بسبب قلة الطلب، لأن هناك مزارعين لم يزرعوا بنفس المساحة السابقة، كون الكل الآن يعانون" يضيف.

تبلغ مساحة الأراضي الزراعية في قطاع غزة 75 كيلومترًا مربعًا، وتشكل الحدوديةُ منها ربع هذه المساحة، وهي تسهم بشكلٍ كبيرٍ في تغطية حاجة السوق المحلي، خاصةً من الخضراوات الموسمية والفواكه.

جمال صبح أيضًا، مزارعٌ من المنطقة الشرقية لمحافظة خانيونس، قال لـ "نوى": "أزمة كورونا أثرت بشكل كبير على المزارعين، فحركة البيع الضعيفة جدًا، وتدني الأسعار، قابلها ارتفاعٌ في تكلفة الإنتاج، وزيادةٌ في استهلاك المياه، وهذا عبء إضافي على المزارعين".

صبح: خففتُ عدد العمال بشكل كبير، الأسعار تأثرت بنسبة 40%، حاليًا أنا أزرع الأرض ولكن لست أدري كيف الحال مستقبلًا

يمتلك المزارع صبح 35 دونمًا زراعية، كلها يزرعها بالخضراوات، في فبراير من العام الحالي واجه برفقة عددٍ من المزارعين اعتداءً صارخًا من قبل الاحتلال الإسرائيلي، الذي رشّ أراضيهم بالمبيدات السامة، فتسبب في تلف موسمهم الزراعي، وتكبيدهم خسائر فادحة، كان صبح يأمل بالتعويض، ولكن يبدو أن "كورونا" قلبت كل أمنياته.

يضيف: "خففتُ عدد العمال بشكل كبير، الأسعار تأثرت بنسبة 40%، حاليًا أنا أزرع الأرض ولكن لست أدري كيف الحال مستقبلًا".

ويشكك صبح في قدرته على الصمود إذا استمرت الخسائر بهذا الشكل، خاصةً وأنه -كما يؤكد- تابع زراعة وإصلاح أرضه بجهدٍ شخصي فقط، بعد أزمة المبيدات التي تسبب بها الاحتلال.

الشريف: سنواجه أزمةً اقتصاديةً متوقعة خلال الأشهر القادمة، ولكن حتى الآن الاضطرابات في حدها الأدنى

واتفق المزارعان صبح وقديح، على ضرورة تدخّل الجهات الرسمية من أجل إنقاذ المزارعين المتضررين أصلًا بفعل الحصار، وإجراءات الاحتلال الإسرائيلي، حتى من قبل "كورونا".

بدورها، حذرت الإغاثة الزراعية على لسان نهى الشريف منسقة الإعلام والمناصرة فيها، من خطورة الوضع الحالي على الموسم الزراعي المقبل، قائلةً: "سنواجه أزمةً اقتصاديةً متوقعة خلال الأشهر القادمة، ولكن حتى الآن الاضطرابات في حدها الأدنى، والأغذية كافية، والأسواق مستقرة حتى هذه اللحظة".

يتخوّف المزارعون وفقًا للشريف من عدم قدرتهم على توفير مستلزمات الإنتاج ارتباطًا بالإجراءات الوقائية من قبل الجانب الإسرائيلي، وانقطاع سلسلة التوريد، وحركة الصادرات والواردات، مع احتمالية احتكار التجار للمستلزمات والمواد وارتفاع أسعارها، ما يكبد المزارعين خسائر فادحة.

وشرحت بالقول: "سيكون هناك تحدياتٍ تتعلق بحركة الغذاء، وعدم القدرة على نقل الغذاء من منطقة إلى أخرى حسب تطورات الوضع الميداني المتوقع، أيضًا إغلاق المعابر سيأثر على قطاع الثروة الحيوانية بسب عدم القدرة على استيراد أعلاف للحيوانات، وهذا الأزمة إن ظهرت، سيكون الوضع خطيرًا جدًا".

وحول دور الإغاثة الزراعية، أوضحت الشريف أنهم بحاجة لتجهيز خطة إنقاذ مبكر، والتفكير في مصادر تمويل ذاتية (رؤوس الأموال الفلسطينية مثلًا)، إلى جانب تشجيع مشاريع القطاع الخاص، والتركيز على إدارة القيم، وكيفية الاستثمار في رأس المال الاجتماعي وإعادة إحياءه.

وتابعت: "دور الإغاثة هو التركيز على إعادة إنتاج المشاريع التي تعتمد على خلق فرص العمل، وتشجيع الاقتصاد المنزلي، وتأسيس بنوك البذور البلدية، وتشجيع الزراعة العضوية إلى جانب تبني برامج الإرشاد والتوعية للمزارعين، وتنفيذ أنشطة المناصرة، للضغط على الجانب الإسرائيلي، من أجل ضمان فتح المعابر، واستمرار سلسلة التوريد للصحة والغذاء والطاقة.

كاريكاتـــــير