شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 19 ابريل 2024م19:25 بتوقيت القدس

2020م.. "كورونا" تخلع "المسامير" عن عادات رمضان!

22 ابريل 2020 - 09:56

شبكة نوى، فلسطينيات: غزة:

لن ترسل السيدة وداد الكحلوت هذا العام أطفالها، بفوانيسهم الملونة، لمشاركة أبناء الجيران فُسحة الشوارع القريبة في ليلة رمضان الأولى، تلك التي تجعل للشهر الكريم مذاقه المختلف حين تبدأ بإضاءة الفوانيس، وتتواصل حتى ساعةٍ متأخرة، بإنشاد الأغاني الأصيلة: "حالو يا حالو" و"أهلًا رمضان" و"هل هلاله".

هذا العام، لن تحتفي الكحلوت بالطقوس الرمضانية التي اعتادت على تطبيقها كل عام، كالكثير من السيدات داخل قطاع غزة، بسبب حالة الطوارئ التي أُعلنت مطلع آذار/ مارس الماضي، تفاديًا لتفشي فايروس "كورونا"، الذي أصاب حتى الآن 17 مواطنًا هنا، بينهم امرأة.

هذا العام، لن يكون شهر رمضان كما عهدته غزة، لن تعج الشوارع بزوّار "ما بعد الإفطار"، ولن تُضاء فوانيس المساجد استقبالًا لمُصلِّي التراويح، ولن يكون الإقبال على شراء "القطائف" كما كل عام لأسبابٍ بعضُها اقتصاديٌ، وبعضها نفسيٌ بحت.

تقول وداد: "مؤسفٌ أن يزورنا رمضان ونحن نقبع في حجرٍ صحي، لا طقوس، ولا احتفالات، ولا أجواء بهجة، صحيحٌ أن الوضع لم يختلف كثيرًا عن كل عام بسبب تبعات الحصار المفروض منذ قرابة 14 عامًا، إلا أن "كورونا" زاد الطين بلة".

تؤكد وداد، الأم لخمسة أبناء، أنها لن تتمكن من زيارة أرحامها خلال العام الحالي –كما تفعل كل عام- فهي من مريضات "الربو"، وهذا يجعل الحجر الصحي عليها لزامًا وفرضًا، هي وكل أفراد عائلتها.

تضيف: "أكثر ما يؤلمني هو أنني لن أتمكن من أداء صلاة التراويح في المسجد، هناك كنتُ أشعر براحةٍ نفسية لا تُوصف، وأؤدي شعائر الشهر على أكمل وجه برفقة المصليات، كنا نشجع بعضنا على المواصلة إذا ما شعرت إحدانا بالنعاس لكن هذا الشهر..."، تصمت السيدة برهةً ثم تكمل: "سأضطر للصلاة منفردة، أما عائلتي، فقد أنشأت جروب (مجموعة) على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، لجمعنا، وتبادل التهاني بحلول الشهر الكريم، لا سيما وأننا قررنا إلغاء الزيارات هذا العام حفاظًا على صحة أبناءنا".

ورغم الإزعاج الذي يسببه سهر الأطفال أمام أبواب البيوت حتى وقت السحور، ورفضها القاطع للألعاب النارية التي يستخدمونها تعبيرًا عن فرحتهم بالإفطار بعد صيام يومٍ كامل، وأصواتهم العالية في ترديد أناشيد رمضان، إلا أنها ترى في تلك المشاهد "طقوسًا" ستفتقدها هذا العام، تزيد: "حتى القطائف، والفلافل، سأحاول صناعتهما في البيت كنوع من التعويض، بدلًا من المخاطرة في شرائهما من الخارج، والاضطرار للاحتكاك بالزبائن".

ولا تختلف كثيرًا عن سابقتها، المواطنة رويدة مفيد، من سكان حي الشجاعية شرق مدينة غزة، إذ ترى أن أجواء شهر رمضان ستختلف تمامًا في العام الحالي، تتساءل: "كيف سيكون هناك احتفالات، بينما الناس لا يستطيعون الخروج إلى الشارع، والاستمتاع بالأجواء الاحتفالية الخاصة بالشهر الفضيل؟".

وتقول: "يدعونا والدي كل عامٍ في شهر رمضان إلى وليمة إفطار، شقيقاتي وأنا وأزواجنا وأبناؤنا، فتكون فرصة للتجمع في بيت العائلة، وكذلك الأمر في بيت والد زوجي الذي يختار يومًا لدعوة بناته وأزواجهن، وأبنائه وزوجاتهم، وأحفاده، بالإضافة إلى شقيقاته (العمّات) لتناول طعام الإفطار، لكن هذا العام لن يحصل ذلك لا هنا ولا هناك".

بالنسبة لرويدة، هذه الأيام تمثل تعزيزًا للعلاقات الاجتماعية، وأجواء الألفة والمحبة التي قد لا تتكرر كثيرًا بفعل انشغال كل فردٍ بظروفه الخاصة، الناتجة عن حالة الفقر والحصار، "لكن حتى هذه الفرصة ضاعت هذا العام" تعلق بنبرة أسف.

السيء في الأمر –كما تردف- هو حرص أطفالها الثلاثة في كل عام، على الخروج بعد الإفطار إلى الشارع للاحتفال، أو المشاركة في جولة عائلية بعد المغرب إلى الأماكن العامة التي لا تخلو من بعض الأجواء الاحتفالية المتعلقة بالشهر الكريم، ويستمتع الأطفال بها كثيرًا، وهذا ما لن تستطيع إيجاد طريقةٍ لتبريره أمام عقوله البريئة.

الوضع مختلفٌ نسبيًا بالنسبة للسيدة صابرين أبو عرمانة، من سكان مدينة رفح جنوب قطاع غزة، فهي تصرّ على تطبيق ما تستطيع من مظاهر وطقوس شهر رمضان المبارك، "سوف أحضر الفوانيس، والزينة، وأحاول الاحتفال مع أطفالي داخل البيت" تقول.

وتضيف: "أظن الاختلاف الوحيد سيكون في صلاة التروايح، سأُصَليها هذا العام جماعةً في البيت مع بناتي"، متابعةً: "كنا في كل عام نصلي في مسجد طيبة، وفي الطريق نتبادل الأحاديث، كنتُ أخبرهم كيف كنا نحتفل به صغارًا، وكيف كنا نصنع الفوانيس من علب الكولا، وزينة من أوراق (الكلينيكس)".

وتتابع: "بالنسبة لزيارات العائلات، فهي واجبة، ولا أظن أننا سنغيّر أطباعنا، سنزور كل الأرحام شقيقات زوجي وأهلي وأخواتي"، لكنها تؤكد حرصها على اتخاذ كافة تدابير السلامة كي لا تتعرض لأي ضرر.

أما بالنسبة لحلويات الشهر الكريم، ستحاول صابرين صناعة البهجة بكل السبل، ولن يخلو الأمر من شراء القطائف، أو الكنافة، وتهاديها، في محاولةٍ لتجاوز وضع الحجر الصحي بأقل الخسائر النفسية.

كاريكاتـــــير