شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الثلاثاء 23 ابريل 2024م22:46 بتوقيت القدس

يوم الطفل الفلسطيني..

أطفال يعرّفون "العنف" ويبوحون بالأمنيات

05 ابريل 2020 - 10:29

غزة:

في الخامس من إبريل/ نيسان من كل عام، يُحيي الفلسطينيون يوم الطفل الفلسطيني،  فتُنظم المؤسسات على اختلاف أنشطتها وتوجهاتها، الفعاليات التي تعرِض واقع الطفولة هنا، وما تتعرض له من انتهاكاتٍ -على مرأى العالم ومسمعه- من قبل دولة الاحتلال الإسرائيلي.

هذا العام تحلُّ الذكرى على الأراضي الفلسطينية بصورةٍ مختلفة، فأطفال فلسطين في الضفة الغربية وقطاع غزة، يقبعون في الحجر المنزلي بعيدًا عن مقاعد الدراسة اتقاءً لفايروس "كورونا"، هذه المعاناة الجديدة التي كان على أطفال وطفلات فلسطين أن يعيشوا ظروف "الخوف منها" أيضًا، برفقة 200 طفلٍ في سجون عوفر ومجدو والدامون الإسرائيلية، يكابدون ظروفًا غير إنسانية.

لكن ما هي قصة هذا اليوم؟ في الخامس من إبريل/ نيسان 1995م، أعلن الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، التزامه باتفاقية حقوق الطفل الدولية، وأعلن ذلك التاريخ يومًا للطفل الفلسطيني؛ علمًا بأن المصادقة الرسمية لدولة فلسطين على الاتفاقية المذكورة، كانت في الثاني من نيسان لعام 2014م.

يشكّل أطفال فلسطين ما نسبته 45% من المواطنين الفلسطينيين، الذين يضيّق الاحتلال حياتهم بالاستهداف المباشر، القتل، والحصار، ونصب الحواجز، وقصف المناطق السكنية، ظروفٌ استثنائية لا يعرفها إلا طفلٌ عاش تحت احتلال، فماذا يمكن أن يقول أطفال فلسطين في يومهم؟

بدنا حديقة

ميار كريزم (8 سنوات) من مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، تعرّف العنف بأنه: "الضرب أو السب الذي نتعرض له من أي شخص، سواء في البيت أو المدرسة، أو من صغير أو كبير"، تصمت وتتابع بأسى: "أنا بحزن من أي حد بيغلط عليا أو بيضربني".

عن أطفال فلسطين تقول: "نحن أطفال، من حقنا أن نلعب في الحديقة وليس في الشارع، وأن يكون عندنا ألعاب ومكتبة وقصص وألوان كي نبدع بالرسم"، مردفةً بعد بعض التفكير: "أيضًا.. نريد ملاهي كبيرة وحلوة، لا يوجد في حارتنا منتزه، طوال الوقت نلعب في الشارع وتتسخ ملابسنا، وآهٍ لو كان لدينا حديقة تحتوي على مسبح مثلًا كي نستمتع بالصيف ستكون الحياة أجمل بكل تأكيد"، "بدناش نلعب بالشارع" تعقب.

الطفلة التي تسكن في مخيمٍ مكتظٍ بالسكان، ويفتقر لمرافق الترفيه الخاصة بالأطفال كما الكثير من مناطق قطاع غزة، تطمح بأن تصبح طبيبةً عندما تكبر، لأنها شاهدت –في يومٍ من الأيام- سيارات الإسعاف عندما منعها جنود الاحتلال الإسرائيلي من إنقاذ الجرحى.

كيف العالم برا عايش؟

لونا شاهين (14 عامًا) من مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة، تُعرّف العنف من وجهة نظرها فتقول: "لما بسمع كلمة عنف بتذكر الضرب والمسبّات (الشتائم) لأن ممكن الكلام يؤذي".

تضيف :"نحن أطفال فلسطين نواجه الكثير من المشاكل، أولها عدم الشعور بالأمان، لأن واقعنا دائمًا يفرض علينا أن نكون مهددين، بسبب الاحتلال"، مستدركةً بالقول: "قبل فايروس كورونا الذي نقبع في الحجر بسببه اليوم، كنا نسمع أصوات القصف والطيران الحربي الإسرائيلي، في تلك اللحظات نلعن الطائرات التي لم تكن تترك لنا الفرصة كي نرتاح في نومٍ أو جلوسٍ مع العائلة، أو حتى الدراسة، صوت القصف مرعب".

ترى الطفلة أن المرافق في غزة محدودة "وكبيرنا نروح عالبحر" على حد تعبيرها، فلا توجد هناك حدائق تقصدها برفقة صاحباتها، وتبقى في البيت تستخدم الإنترنت الذي يكون في أغلب الأحيان ضعيفًا.

"نفسي أطلع في طيارة، ونفسي تيجي الكهربا منيح، نفسي ما أسمع صوت طيران بيخوف، دايمًا بطّلع (أنظر) للسما وأنا بالأرض، نفسي أروح تركيا وأتغدا عند الشيف بوراك، بشوف فيديوهات مطمعه على الفيس بوك، إحنا حياتنا فش فيها شي نتمناه ويصير، احنا معزولين عن العالم نفسي أشوف العالم برا كيف عايشين"، تقول لونا.

بدنا صحة منيحة

أما سيف خليفة (14 عامًا) الذي يعيش في حي الشيخ رضوان، فيرى العنف "أي شيء يؤذي الأطفال"، متحدثًا عن واقعهم ببعض الإسهاب: "في غزة نعاني من الحصار، وانعدام الحرية، ونقص العلاج والأدوية، وضعف الرعاية الصحية، وغلاء الأسعار، حتى ألعاب الأطفال، ولا يوجد أماكن للعب، الأطفال يلعبون في الشارع".

سيف الذي يهوى القراءة، ومتابعة نشرات الأخبار، تطرق إلى أحلام أطفال فلسطين فقال: "أن نعيش بحرية، وأن يزول الاحتلال، أن نجد علاجًا عندما نمرض"، وعلى المستوى الشخصي يضيف بعاميةٍ بسيطة: "نفسي أصير مهندس معماري عشان أساعد في بناء البيوت وأطورها، ونفسي أشوف مدينة القدس والمسجد الأقصى، بنشوفها على الإنترنت بس".

لا يعرف سيف شكل الأماكن خارج قطاع غزة، لكنه يعرف جيدًا أصوات القصف الإسرائيلية، "عشنا 3 حروب، وما بنعرف إلا صوت القصف، وما بنسمع إلا عن الموت، صوت الزنانة (طائرة الاستطلاع) لحالو بيقتل".

زيارة يافا

بينما ألما مراد ابنة الأعوام الـ (13)، التي تقطن حي النصر غرب مدينة غزة، فترى في العنف "قوة، تعطي الحق لصاحبها كي يعتدي على الطرف الأضعف، تحبس الحرية، وتحرم الأمان".

تشرح بالقول: "نحنا ما بنقدر ننتقل من مدينة لأخرى، بأي وقت بنخاف تصير حرب، أمي يافاوية، ودايمًا بتكلمني عن يافا، صار نفسي أشوف بحرها وبرتقالها، لكن للأسف ما بشوفها إلا بالصور عبر الإنترنت، أوقات بمسك ورقة وقلم وبرسمها متل ما بتخيلها".

تحاول ألما وصديقاتها أن يعيشوا الطفولة من خلال لعب الحجلة ونط الحبل، ولكن في واقع مثل واقع قطاع غزة، يقف الاحتلال دومًا بالمرصاد، تذكر حادثة عايشتها قبل وقت، عندما خرجت في رحلة مع عائلتها (أمها ووالدها وجدتها) إلى المناطق القريبة من شرق غزة، فألقى جنود الاحتلال قربهم قنبلة غاز، ولحسن الحظ أنها وصلت منطفئة، "يمكن كان انخنقنا"، تزيد.

وتطمح ألما، إلى أن تصبح ذات يوم مهندسة ترسم البيوت للمواطنين الذين دمّر الاحتلال منازلهم في حروبه على غزة، على صغر سنها لكن الواقع المحيط بها جعلها تعي أكثر عن حال قطاع غزة واحتياجاته أيضًا.

مكتبة في كل حي

شقيق ألما الصغير سامر مراد ابن الأعوام الـتسعة، وافقها الرأي في تعريف العنف فقال: "هو تنمّر الإنسان القوي على الإنسان الضعيف".

سامر اكتشف حديثًا حبه للقراءة والمطالعة، وهو يقضي فيها وقتًا واسعًا، لكن يقول: "مرات لما بيصير قصف إسرائيلي، لو كان بعيد ما بخاف وبصير ألعب علشان أنساه، بس لو كان قريب بخاف وبنط فوق الكنبة، أو بهرب عند بابا، وبقدرش (لا أستطيع) أدرس".

والده يحضر له القصص دومًا، لكنه يتمنى لو يصبح في كل منطقة مكتبة عامة يقصدها الأطفال للقراءة، ويحلم بأن يصبح خبيرًأ كيميائيًا وباحثًا كالذين يقرأ عنهم، أضف إلى ذلك أمنيةً كبرى تشارك سامر بها مع عدد كبير من الأطفال الذين حاورتهم "نوى" فقالوا بصوتٍ يرتعش شوقًا :"نفسي أزور القدس".

كاريكاتـــــير