شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الاربعاء 24 ابريل 2024م00:30 بتوقيت القدس

 تراجع عن استقباله في اللحظة الأخيرة

"المطلع" يعبث بأمل النجاة في قلب مؤيد

04 ابريل 2020 - 17:08

شبكة نوى، فلسطينيات: بعد اكتشاف إصابته بورمٍ في الجذع النخاعي مطلع شهر آذار/ مارس الماضي، كان الطفل مؤيد حسن (12 عامًا) يصحو صبيحة كل يومٍ فينظر إلى ساعته، ويسأل والدته عن التاريخ، ممنيًا نفسه بأن الموعد المنتظر اقترب (29-3-2020م).

كان الأمل يحدو الطفل بأن يغادر بمقتضى التحويلة العلاجية إلى مستشفى المطلع في القدس المحتلة، مع نهاية الشهر، فيغيبُ بضعة أيامٍ ثم يعود إلى منزله وأسرته سليمًا معافى، حتى أنه هيأ نفسه للألم الذي قد يواجهه في جلسات العلاج، وأقنع نفسه بأنه "لن يطول".

رفضت الطبيبة المُعالجة في مستشفى المطلع استقباله "رغم الحصول على موافقة أمنية من الجانب الإسرائيلي" بحجة عدم وجود أسرّة فارغة في المستشفى

التحويلة العلاجية، التي حصل عليها أهله بعد رحلة محاولات مريرة، وبعد توصية أطباء عدة أكدوا على ضرورة خضوعه لعلاجٍ إشعاعي سريع من أجل "إنقاذ حياته"، أضحت بلا قيمة، حين رفضت الطبيبة المُعالجة في المستشفى المذكور استقباله "رغم الحصول على موافقة أمنية من الجانب الإسرائيلي" بحجة عدم وجود أسرّة فارغة في المستشفى( هذا ما أبلغهم به وسطاء)وفق ما ذكرت العائلة لـ نوى.

عم الطفل نسيم حسن، الذي يعمل ضابط إسعاف قال لـ "نوى": " أبلغنا الوسطاء بأن الطبيبة بررت ذلك بأن التقارير توضح بأن الطفل لا يقوى على الحركة، وأنهم لا يملكون أسرة فارغة لمثل حالته، خاصة في ظل حالة الطوارئ، وأنه لو كان قادرًا على الحركة، لكان الوضع أفضل، ولاستقبلوه في وقت أخذ الجرعات فقط، ليغادر إلى شقة مجاورة بعدها دون الحاجة إلى نقله بالإسعاف".

بدأت  الأم تدرب نفسها على محاولة حمل "مؤيد" لتدحض حجة المستشفى، ورغم أن هذا قد يبدو مستحيلًا، إلا أنه كان الحل الوحيد أمام العائلة من أجل إنقاذ حياة ابنها.

في اليوم المقرر، أجرت أسرة الطفل اتصالًا مع الطبيبة المعالجة من خلال وسيط، ليخبروها بأنهم قبلوا بأن يتم علاج ابنهم في المستشفى بدون الحاجة إلى سرير، "وأنهم سيتدبرون أمر نقله من وإلى المستشفى أثناء فترة العلاج، وأنهم الآن في طريقهم إلى معبر بيت حانون"، لكن الرد كان صادمًا، حين فاجأتهم الطبيبة بطلبها أن يوفروا على أنفسهم ثمن المواصلات، وأن يعودوا بابهم إلى المنزل لأنها لن تستقبله، وجاء الرد الرسمي من خلال الشئون المدنية برفض إدارة المستشفى إرسال سيارة اسعاف لنقل الطفل للمستشفى بعد خروجه من معبر بيت حانون ودعوتهم لمراجعة دائرة العلاج بالخارج لتحديد موعد آخر لاحقاً.

يتساءل عم الطفل: "لماذا تقتل إدارة المستشفى والطبيبة المعالجة الأمل بداخلنا؟ لماذا تريد أن تقتل أحلام طفلنا في مهدها؟ هل سيكون قادراً على الانتظار حتى تحديد موعد آخر؟ هو ينتظر السفر للعلاج لحظة بلحظة، يحلم باليوم الذي سيعود فيه إلى طبيعته، إلى طفولته التي خطفها المرض اللعين وطبيبة لا تحتكم إلى قلبها عندما تقرر مصائر المرضى".

ويواصل: "أعمل في جهاز الإسعاف والطوارئ، وأعرف جيداً أن المشفى يستقبل حالات لديها نفس المرض، والمبرر بأن لا أسرة فارغة، لا أساس له من الصحة".

ناشدت أسرة الطفل عبر وسائل الإعلام المختلفة، وزارة الصحة والرئاسة، ورئيس الوزراء، لإنقاذ حياة ابنها، وقد جاءهم الرد سريعًا من خلال مكتب الرئيس، الذي أبلغهم بأن ملف الطفل تم تحويله إلى مكتب وزيرة الصحة لعمل اللازم.

عاد الأمل ينبض من جديد في قلوب أفراد أسرة مؤيد، انتظروا يومًا وآخر، لكن الرد لم يأتِ حتى اللحظة.

أبوابٌ كثيرة طرقتها الأسرة بحثًا عن بصيص أمل، يزيد عم الطفل: "في المرة الأولى يتم الرد على اتصالاتنا، ونحصل على وعود بعمل اللازم، لكن الاتصالات التالية لا يتم الرد عليها مطلقًا".

كل يوم يمر على الطفل مؤيد دون الخروج لتلقي العلاج يعني كتابة سطرٍ جديد في شهادة وفاته،

كل يوم يمر على الطفل مؤيد دون الخروج لتلقي العلاج يعني كتابة سطرٍ جديد في شهادة وفاته، يعلق عمه: "قبل شهر كنت أصحبه إلى المستشفى مشيًا على الأقدام، كان يقِظًا، وقادرًا على الحركة، والتجاوب، لكنه اليوم فقد القدرة على الحركة تمامًا، وبدأ المرض يؤثر في حواسه كافة"، متسائلًا بانفعال: "هل تنتظر وزارة الصحة أن يعلن عن وفاة الطفل في غزة  المحاصرة، التي لا تملك من أمرها شيئًا؟ وهل تقصد الطبيبة المعالجة في مستشفى المطلع برفضها استقبال الحالة، أن من لا يستطيع المقاومة، لا يستحق الحياة؟".

لم توقف أسرة الطفل مؤيد، محاولاتها في طرق باب الأمل، راسلت مستشفى (57) في مصر، وأطباء في تركيا، وآخرون في الأردن.. لا يمكن لأبوين أن يسلما بأن لا أمل في علاج قطعةٍ من قلبهم، لمجرد أن مستشفى مختص رفض استقباله كونه لم يعد قادرًا على الحركة!

كاريكاتـــــير