شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 29 مارس 2024م01:15 بتوقيت القدس

"الشائعات" مرضٌ أخطر

فايروسات "غير كورونا" ينشرها العالم الأزرق

22 مارس 2020 - 15:25

"كنتُ أتابع موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" بمعدل ساعة أو اثنتين في اليوم، لكن بعد أزمة  فايروس كورونا تغير الحال"، تقول الثلاثينية سارة غزال، التي تؤكد أنها اليوم باتت تنام وتصحو وهي تحمل بين يديها هاتفها المحمول، وتتابع عليه آخر الأخبار المتعلقة بالفايروس.

تضيف: "الأمر أرهقني من الناحية النفسية جدًا، وقلب نظام حياتي رأسًا على عقب، من كثرة ضخ المعلومات والأخبار، تلك الصحيحة، وتلك التي أكتشف فيما بعد أنها غير صحيحة".

تأثرت سارة كثيرًا بمقاطع الفيديو التي وصفتها بـ"السلبية"، التي كانت تبث عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ما جعلها في حالة قلق دائم، ومكّن وسواس النظافة الزائدة من السيطرة عليها.

تأثرت سارة كثيرًا بمقاطع الفيديو التي وصفتها بـ"السلبية"، التي كانت تبث عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ما جعلها في حالة قلق دائم، ومكّن وسواس النظافة الزائدة من السيطرة عليها، فأضحت تراقب أبنائها الخمسة على مدار الساعة، وتنتقد تصرفاتهم المتعلقة بالنظافة الشخصية وتعقيم الأيدي المستمر.

حال سارة، يتشابه وحال آلاف الأمهات والنساء اللاتي تأثرن بشكل كبير بالأخبار المتواترة، والإشاعات التي تم بثها عبر مواقع التواصل الاجتماعي بشأن فايروس "كورونا" بشكل غير مهني، ولا يستند إلى مراجع أو مصادر علمية موثوقة، ما حولها فيما بعد إلى هواجس ومخاوف طالت نفوس المتابعين ووصلت إلى مرحلة "الهلع".

المواطنة منى عوض هي الأخرى، تأثرت ببعض المعلومات الخاطئة التي تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي، ما خلّف أثرًا سلبيًا كبيرًا على نفسها "وحالة من الرعب والخوف على أبنائها" كما تقول.

تضيف: "صار عندي نوع من هوس الإفراط في النظافة، وتجنب الالتقاء حتى بمن أحب من الأقارب والأهل، لقد خلق الأمر لديّ نوعًا من العصبية الزائدة تجاه أبنائي، جراء ما أتابعه على مدار الساعة من أخبار عبر تلك المواقع، وتعليمات متلاحقة بشان الوقاية والمخاطر الناجمة عن عدم التقيد بسبل الوقاية والنظافة الشخصية".

"الغرق في صفحات "السوشيال ميديا"، عدد الذين يتماثلون للشفاء، البحث هنا وهناك عن مصادر طبية تعطينا ولو بصيص أمل بالنجاة، الأخبار السريعة المرهقة والمتضاربة، تتبع الإحصاءات التي تعج بها الصفحات"، تتمتم عوض التي تتمنى أن تنتهي هذه الفوضى في أقرب وقتٍ ممكن.

منار السراج، الناشطة على مواقع التواصل الاجتماعي، دعت إلى حصر الشائعات الكاذبة "التي أثرت في العمق الذاتي"، وضرورة تتبع إرشادات الطواقم الطبية والشرطية فقط، قائلةً: "لنكن إيجابيين، ولنقِصي العشوائية، ونمارس إنسانيتنا، ونتحلى بمسؤولياتنا، فحالة القلق الطاحن لا تستثني أحدًا، كلنا أمام الخوف وفكرة الموت واحد".

بعض النشطاء يسعون إلى استجلاب الشهرة على حساب الدقة والأمن المعلوماتي في أحيان كثيرة.

وعن بث وتأثير الإشاعة وقت الأزمات قال أستاذ الإعلام في جامعة الأقصى، ماجد تربان: "لا شك أن موضوع تداول المعلومات والأخبار من قبل بعض النشطاء في  وسائل الاتصال الحديثة، يُعد من الموضوعات الخطيرة التي أربكت –حتى قبل كورونا- الساحة السياسية والاجتماعية والثقافية والإعلامية العربية؛ كون بعض النشطاء يسعون إلى استجلاب الشهرة على حساب الدقة والأمن المعلوماتي في أحيان كثيرة".

ويتابع: "يتوجب على النشطاء جميعًا عدم المساهمة في نشر أي خبر بدون مصدرٍ مسئول أو موثوق، وعلى من يرغب في نشر الأخبار –خصوصًا في ظل أزمة كورونا- اعتماد المصادر الرسمية الموثوقة، والابتعاد كل البعد عن الصفحات المجهولة أو الإسرائيلية؛ لتجنب المشاركة في نشر الشائعات وخلق البلبلة، وإرباك المجتمع وتهديد السلم المجتمعي.

ولفت إلى أن النساء، هن الأكثر تأثرًا بالإشاعة من غيرهن، وهذا ينعكس بشكل سلبي عليهن وعلى أدائهن وحالتهن النفسية، داعيًا إلى الرجوع لأهل الاختصاص فيما يتعلق بالنشر، "فالنشر السلبي سيعكس آثاره السلبية حتى على الناشر".

وحول الأبعاد النفسية للإشاعة، أوضحت المستشارة النفسية والتربوية د.وفاء أبو موسى، أن كل كارثة أو أزمة بيئية أو صحية أو اجتماعية، يصاحبها بالعادة آثار نفسية، خصوصًا إذا تفشت الإشاعة.

مع الانتشار الواسع لوسائل التواصل والاتصال، وتدفق المعلومات حول فيروس "كورونا"، ألقت وسائل التواصل الاجتماعي بكم هائل من المعلومات بشكل عشوائي، ما أثر على الصحة النفسية.

وقالت: "ومع الانتشار الواسع لوسائل التواصل والاتصال، وتدفق المعلومات حول فيروس "كورونا"، تزاحمت مواقع التواصل وألقت بكم هائل من المعلومات في وجوه المتابعين بشكل عشوائي، ما أثر بشكل كبير على الصحة النفسية، وولد لدى المواطنين مظاهر وأعراض نفسية، منها القلق والخوف غير الطبيعي".

وبينت أن سرعة ضخ المعلومات بهذه الطريقة "الممجوجة"، خلقت حالة من الهلع والقلق المؤذي نفسيًا، الذي من شأنه أن يوجه الذات إلى سلوكيات قد تُمرض الشخص في حالة اللاوعي، "وهو ما نطلق عليه نحن أهل الاختصاص اسم المرض النفسي"، مردفةً بالقول: "فضلًا عن إصابة  المتلقي بالبلادة النفسية، التي تجعل منه فاقدًا للثقة في أي مصدر، وهذا يُشكل عبءً كبيرًا أمام تخطي أزمة الفايروس بأمان".

كاريكاتـــــير