شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم السبت 20 ابريل 2024م13:47 بتوقيت القدس

الخوف في غزة شيءٌ لا يشبه (كوفيد-19)

"كورونا" أجّلَ عرس مرام: "الحمدلله.. مش حرب"

19 مارس 2020 - 17:41

قطاع غزّة:

ليس للخوف في قطاع غزّة شكل محدّد. فمنه مثلًا تلك الهيئة التي تظهر اليوم على أهله بسبب فايروس كورونا (كوفيد – 19)، ومنه ما يشبه شكل الحصار الذي عزله عن العالم منذ 14 عامًا، ومنه ما يحفر في الوجه تجاعيد الرعب من أصوات القصف خلال موجات التصعيد والاعتداءات الإسرائيلية، ومنه ذلك الخوف الذي لا يشبهه شيء، خوفٌ من الفقر والبطالة وضعف الأمان الوظيفي، وخوفٌ آخر من الموت. الموت الذي يُهيَّأ للفلسطيني هنا أن أساسه –كما كل أشكال الخوف السابقة- هو الاحتلال الذي يجثم على أنفاس الأرض منذ 74 عامًا.

على مدار أكثر من قرن، يتصدّر قطاع غزّة مركز البؤس في التصنيفات العالمية، من ناحية انعدام الأمن الغذائي وانتشار الفقر، فبحسب آخر نسبة صدرت عن وزارة التنمية الاجتماعية بغزة، نسبة انعدام الأمن الغذائي في صفوف سكان قطاع غزة بلغت 70%، كما أن نسبة الفقر والبطالة وصلت خلال العام 2019م، إلى ما يقرب من 75%، في حين وصلت نسبة الذين يعيشون تحت خط الفقر المدقع إلى 33,8%.

وفي العام 2017م، حذرت الأمم المتحدة، من أن يكون قطاع غزة قد أصبح مكانًا "غير صالح للحياة" تمامًا بحلول عام 2020م، وذلك في تقرير أصدرته بعنوان: "غزة بعد عشر سنوات"، يؤكد أن معظم التوقعات السابقة لعام 2020م قد تدهورت أكثر، وأسرع، مما كان متوقعًا لها في عام 2012م.

"وين الجديد؟! ما طول عمرنا عايشين بالخوف" هكذا أجابت الطفلة سمر المدهون ١٤ عامًا، على سؤالٍ وجّهناه لها حول إذا ما كانت تخاف من انتشار فايروس كورونا في غزّة، مضيفة: "حرفياً أنا مولودة بعمر الحصار، أدركت كل معاني الخوف والموت في وقت واحد، ولا أظن أن كورونا ستكون أصعب علينا من الحرب!".

ربّما تعد إجابة الطفلة مأساويةً، بالمقارنة مع الرعب الذي يعيشه العالم من انتشار الفايروس المستجد، إلا أنها قد تكون نتيجة استدراج الاحتلال الإسرائيلي للنّاس في غزة إلى مربّع الاستخفاف بكل الكوارث الطبيعية، بعد اختلاق كوارث مدسوسة سامة ومميتة بكل الأحول، أزهقت حياة الآلاف من أبناء الجيل "الحي".. جيل الحصار الذي لا يعرف عن العالم إلا "غزة" ولعل سمر "نموذجًا".

تقول أمها نصرة، التي لديها خمسة بنات :"حرصي الشديد في الأيام الحالية على مواجهة كورونا، وإجراءات الوقاية التي أتبعها مع بناتي سبّبت لهن حالة من الملل، حيث بتن يعتبرن أنني أعطي الموضوع "أكبر من حجمه"، في حين أن هناك أمرًا رائعًا يحدث "لا طائرات ستقصف غزّة اليوم، وإن حدث فإنهن في المنزل، على اعتقاد أن المنزل أأمن من المدرسة لحظة القصف"!

أما سمير عبده (20 عامًا) الذي يدرس إدارة الأعمال في الكلية الجامعية، يقول تعليقاً على الموضوع: "أخاف من كورونا بالطبع، لكن ليس بمقدار خوفي من التخرج من الجامعة والانضمام إلى صفوف البطالة!".

ويضيف الشاب: "كورونا ستمر مخاوفها في غضون سنة أو سنتين، لكنها ستمضي، ولكن ماذا عن غزّة التي لا يمضي بها شيء؟"، ثاطعة أحد أصدقائه ساخرًا خلال اللقاء: "يعني إحنا نجونا من ثلاثة حروب، وعايشين في حصار وفي الآخر نموت بفايروس كورونا؟ لا مش معقول!".

وفي العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2014م، قتلت إسرائيل  2322فلسطينيًا، بينهم 578 طفلاً (1شهر-16 عامًا)، و489 امرأةً (20-40عامًا)، و102 مسنًا (50-80عامًا)، وفق إحصائية رسمية صدرت عن وزارة الصحة الفلسطينية. 
وتسببت الحرب، بإصابة نحو 11 ألفًا، بينهم 302 سيدة، منهن 100 سيدة تعاني من إعاقة دائمة، كما أصيب (3303) من بين الجرحى بإعاقة دائمة، وفق الإحصائية.

"لم تؤجّل الحرب عرسي، أجلته كورونا!"، باختصار: هذه قصة مرام نعيم، تقول العروس التي تبلغ من العمر 30 عامًا: "أجبرت على تأجيل موعد زفافي حتى إشعار آخر بسبب سفر شقيقي إلى إيطاليا، وعدم قدرته على العودة في ظل الظروف التي يمر بها العالم، والإعلان عن تعليق الرحلات الجوية خاصة من البلدان التي انتشر فيها الفايروس".

وتضيف "أكثر ما كنت أخافه هو أن يشن الاحتلال عدواناً جديدًا على غزة وسط سيل من التهديدات التي صرح بها قادته في الآونة الأخيرة، وأن يتأجل زفافي لهذا السبب، ولعله أمر مضحك في الحقيقة أن يتأجل العرس بسبب فايروس يغزو العالم!".

"في حرب؟ قولك متى ستقوم الحرب الجديدة؟ بعد الانتخابات الإسرائيلية أو على الصيف؟" ثمّة أسئلة لا تغيب عن بال الفلسطينيين الذين يعيشون داخل قطاع غزة، رغم انتشار الوباء وخشية انتقاله إلى هنا، ليس هذا الموضوع ما يخيفهم بالدرجة الأولى! وإنما يتجسّد "الخوف" دائمًا على شكل عدوان يمكن أن يشنه الاحتلال قبل أن تزفّ مرام إلى زوجها، وقبل أن تتمتع العروس بارتداء أحلى الملابس التي اشترتها من أجل الزفاف!

كاريكاتـــــير