شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 29 مارس 2024م13:21 بتوقيت القدس

في مسابقة للهيئة المستقلة

فنانون يجسدون واقع المرضى بالريشة والألوان

24 ديسمبر 2019 - 15:38

غزة:

"أردت من خلال لوحتي القول أن المريض/ة في قطاع غزة حتى لو توفّر له العلاج لا يحصل عليه، ويموت"، بهذه الكلمات عبّرت الفنانة التشكيلية الشابة آمال العالول لنوى وهي تتحدث عن لوحتها التي جسّدت فيها واقع مرضى ومريضات السرطان في قطاع غزة المحاصر منذ 12 عامًا.

لوحة آمال حصلت على المركز الثاني في مسابقة للفنون التشكيلية حول "الحق في الصحة" نظمتها الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان بغزة، ومحترف شبابيك، بمشاركة أكثر من 50 فنانة وفنان شبّان، أعُلن اليوم عن الفائزين/ات الثلاث بالمراكز الأولى، بينما تم تكريم بقية المتسابقين والمتسابقات وافتتاح معرض فني للوحاتهم/ن.

وتجسّد آمال من خلال امتزاج اللونين الأخضر الفاتح والأحمر القاني، مع وجوه شاحبة وشعر متساقط لامرأة وطفلين، كيف يمرّ الوقت ثقيلًا وقد فقدوا جمال الوقت، بينما تستعد يراقات للخروج من كيس محلول ربما يحمل لهم الحياة لو توفّر.

اللوحة التي رسمتها صاحبتها بيوم واحد، تجلّت أمامها كما تحكي ذكريات صديقتها الراحلة الفنانة التشكيلية آية عبد الرحمن، فقد حاربت مرض السرطان لسنوات، كانت عل الدوام قوية شجاعة، ولكن في النهاية توفيت وتركت أثرّا كبيرًا في نفس كل من عرفها.

الشابة سماح أبو حمام، واحدة من المشاركين/ات في المسابقة، لكنها اختارت عرض أكثر من قضية، الطفل عبد الرحمن نوفل الذي أصيب في مسيرات العودة على الحدود الشرقية لقطاع غزة وتعرّض لبتر في ساقه، وظلّ بانتظار السفر للخارج من أجل تركيب طرف صناعي، طفل مصاب بالسرطان وإلى جواره مهرّج يخفف عنه وثالثًا الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي الذين يتعرضون للإهمال الطبي.

تقول سماح وهي خرّيجة علم نفس :"لو توفرت الإمكانيات الطبية المناسبة في قطاع غزة لما اضطر الطفل عبد الرحمن للسفر إلى الخارج ولما اضطر للانتظار، وحتى مرضى السرطان الأطفال في قطاع غزة، لدينا في علم النفس ما نسميه الطبيب المهرّج أردت تجسيد كيف يخفف عن الأطفال".

أما بالنسبة للإهمال الطبي بحق الأسرى فهي عبّرت عنه من خلال سماعة طبية لم تصل إلى قلب المريض، لكن سماح أرادت أن يصل صوت نبض قلوبهم إلى كل من يمّر على المعرض وإلى كل العالم الذي لا يعرف بعد ما يعانيه أسرانا، وهي تؤمن بأن الفن رسالة سامية تصل إلى القلوب سريعًا.

آلاء المصري "18 عامًا" تدرس الترجمة في عامها الأول، اختارت دراسة تخصص بعيد عن موهبتها لتكسب كما تقول مهارتين معًا، فهي موهوبة بالرسم منذ صغرها، وتريد أن تخاطب العالم بلغتين، لغة الفن ولغة الكلام.

اللون الأزرق بدرجتيه السماوي والغامق سيطرتا على لوحتها التي توسطتها ساعة زمنية، ربما ترمز كما توضح آلاء إلى دورية الكورسات العلاجية التي تتعرض للخطر بسبب صعوبة انتظامها، وربما إلى متابعة المريض للساعة على مدار الوقت فكل لحظة تمر من عمره حال فقد العلاج.

نار الحصار الإسرائيلي لمرضى قطاع غزة كما توضح آلاء، أثّرت فيها وما زالت تنعكس على رسوماتها، فتجربتها مع ابنة خالتها المريضة بحصى في الكلى، ومعاناة خالتها من أجل سفر ابنتها لإجراء عملية جراحية في الخارج حاضرة حتى الآن، فطالما باتت معها في المستشفى وسهرت معها على وجع طفلتها، إلا أن الاحتلال سمح للطفلة بالسفر وحدها.

تقول آلاء:" اللون الأزرق يرمز للسلام، أردت القول أن مرضانا في القطاع لو سافروا للخارج سيحصلوا على حقهم في العلاج ويعيشوا بسلام، لو توفر العلاج للمرضى هنا أيضًا سيعيشوا بسلام، ولكن هذا لا يحدث".

في افتتاحية المسابقة تحدّت المحامي عصام يونس المفوض العام للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، إن هذه الفعالية تأتي بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، ونركز فيه على عدد من القضايا الأساسية، والقول أن العدالة في هذا المكان من العالم مغيبة، وأن المدنيين/ات المحميين/ات بموجب القانون الدولي أبعد ما يكونوا عن العدالة والحياة الكريمة.

ويضيف :"الحق في الصحة ينطوي على التمتع بالحقوق، فهو يعني أن الحق في الحياة يكون مصونًا"، لكنه وضّح أن هذا الحق يتعرّض للانتهاك في قطاع غزة، بسبب الحصار الإسرائيلي منذ 12 عامًا، فالمرضى ومنهم مرضى السرطان لا يستطيعون الخروج من قطاع غزة من أجل العلاج، فالاحتلال لا يصدر لهم تصاريح مرور أو يصدر تصاريح لأطفال ولا يسمح لوالديهم، إضافة إلى واقع الانقسام الذي زجّ بالخدمات الصحية في أتون الصراع السياسي والمناكفات وانعكس ذلك على المواطنين/ات.

وعقّب يونس على قرار المدعية العامة لمحكمة الجنايات الدولية، بتوفّر أساس للتحقيق في جرائم حرب ارتكبت، أنها مرحلة مهمة في سياق طويل للبحث عن العدالة، وأن هذه المرحلة تعني أن الرواية القانونية السردية تؤكد وجود جرائم حرب، واليوم نحن نتناول موضوع الحق في الصحة الذي يتعرض هو أيضًا لانتهاك.

لجنة التحكيم للمسابقة تكوّنت من الفنان التشكيلي شريف سرحان، والناشطة النسوية عندليب عدوان، والفنان سمير ضاهر، والفنان باسل المقوسي، وهم عملوا على التقييم من خلال معايير الأصالة والإبداع في الفكرة.

يقول الفنان التشكيلي شريف سرحان إن هذا النوع من المسابقات يعزز دور الفن في خدمة المجتمع وقضاياه، فهو يبرز معاناة الناس ويوصل صوتهم، وهو استخدام للفن في التعبير عن القضايا الأساسية والاجتماعية وحتى السياسية.

اللوحات بوجه عام كانت ذات مستوى جيد كما يرى سرحان، وهم كمحكّمين من خلال محتر فشبابيك يعمون على تطوير الفنانين/ات وتمكينهم من استخدام هذه الأدوات، هناك فائزون ولكن حتى من لم يفوزوا فقد قدموا أعمال ذات مستوى جيد، الفن رسالة وفي النهاية هناك فروقات.

اللوحة الحاصلة على المركز الأول للفنانة رانيا زين الدين

كاريكاتـــــير