شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الاربعاء 17 ابريل 2024م01:20 بتوقيت القدس

المعلمة منى ابراهيم تحكي قصة فوزها بلقب "أفضل معلمة"

16 ديسمبر 2019 - 21:44

غزة:

صرخت بأعلى صوتها وانطلقت "تتنطط" كالأطفال مع إعلان وزارة التربية والتعليم فوزها كأفضل معلمة في قطاع غزة والثالثة على مستوى الوطن، انطلقت تحتضن طلابها وهم يصرخون معها مهللين بفوزها، إنها منى ابراهيم معلّمة الصف الأول في مدرسة البحرين الابتدائية بمدينة غزة والتابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين.

"حقًا لقد فاجأني الفوز، حين تقدّمت لم يكن أولوية بالنسبة لي، ومع اهتمام المحيطين بي بالمسابقة ظهرت لدي بعض الرغبة بالفوز، كان مفاجأة رغم أن كل من حولي توقعوه"، هكذا لخّصت الشابة منى لحظة إعلان حصولها على اللقب.

الدخول إلى فصلها الدراسي، ينقلك إلى عالم آخر، حيث يستقبلك الطلاب بالنشيد و"النطنطة" على وقع أغاني الأطفال، غرفة ملوّنة الجدران، السطر الأخير بمقاعدها ملئ بالكامل بالألعاب والمطرزات والمجسمات المختلفة، يرتفع صوت أغنية الأعداد التي يتم نقلها على شاشة العرض، وبطبيعتهم ينطلق الأطفال مرددين الأغنية تشاركهم معلمتهم، هذا النهج النشط هو جزء من طريقة التدريس التي تمارسها.

وُلدت منى ابراهيم في مخيم البريج للاجئين الفلسطينيين، ودرست تخصص التعليم الأساسي، تخرّجت عام 2010، تزوجت وأنجبت ثلاثة أطفال، عملت في مدارس أونروا كمسانِدة وبمجرد تخرجها تم تثبيتها، انتقلت في ثلاث مدارس قبل مدرستها الحالية، حيث كانت معلمة رياضيات للصف الرابع، ولما اتخذ مدير المنطقة التعليمية قراراً بأن يعمل كل شخص حسب شهادته، تم نقلها للصف الأول الابتدائي قبل ثلاث سنوات.

وتبتسم بينما تروي الصعوبة التي واجهتها عندما انتقلت لتعليم طلاب الصف الأول:" حقًا بكيت، وأنا أنظر إليهم وأسأل نفسي كيف سأتعامل مع أطفال صغار، وأوصل لهم المعلومة، لا يجيبون ولا يتكلمون"، كان الأمر بالنسبة لها صعبًا، لكنها قررت التفكير بشكل مختلف.

ذهبت إلى أقرب مكتبة واشترت مجموعة من البالونات والألوان للرسم والألعاب، وعادت لتبدأ التعليم بشكل مختلف، شكل قررته بنفسها وبدأت بخوض طريقة التعلّم باللعب مع الأطفال، حوّلت المعادلات الحسابية إلى ألعاب، والمحفوظات إلى غناء وأناشيد، والعلوم إلى أشياء يلمسونها بأيديهم.

تقول :"الأطفال لا يفهمون المعلومة المجرّدة، يجب أن يلمسوا ويجربوا، التفريق بين السائل والجماد يجب أن يلمسوه، أنواع التربة يجب أن تكون الرمال أمامهم، هناك أشياء اشتريتها وأخرى استثمرت فيها إمكانيات المدرسة البسيطة، لم أهمل شيء متوفر"، طوال هذه الفترة لم توجه اللوم لطفل على قدراته العقلية، فهناك فروق فردية تعرفها، إنما المهم بالنسبة لها أن يكتسب القيم قبل المعلومة، وهي مقتنعة بأن الطفل إذا أحب المدرسة، فإنه سيتعلّم.

احتاجت المعلمة منى العام الماضي إلى 37 حصة دراسية خارج المدرسة، قضتها في رحلات تعليمية للأطفال، إضافة إلى استثمارها الجيد لساحة المدرسة والحديقة الخلفية والمكتبة، كما أنها وفّرت شاشة عرض وجهاز الكمبيوتر الشخصي الخاص بها وسماعات وخط انترنت.

وتحكي كذلك كيف طوّرت علاقتها بأمهات الأطفال: “أعامل أبناؤهن كأنهم أطفالي، أيضًا أمهاتهم أخواتي، منذ اليوم الأول، أرسل رسائل لوالدة كل طفل مفادها لا تقلقي، ابنك بيد أمينة، سيتمكن من القراءة والكتابة خلال شهرين، كوني واثقة، وتابعي معنا، وبعض الكلمات الجميلة".

"للكلمة الطيبة والابتسامة مفعول السحر على النفس"، هكذا تؤمن المعلمة منى، وهذا ما تمارسه خلال اجتماعها مع الأمهات، فهي تعقد لهن جلسة في ذات القاعة الدراسية للطلاب ليكونوا في الأجواء التي يدرس بها أطفالهن، وكذلك تشرح لهن طريقتها في التعليم كي لا تتغير الطريقة على الطفل، فمتابعة الأمهات مهمة، إضافة إلى أنها أنشأت مجموعة على الفيس بوك تتواصل من خلالها مع الأمهات وهن يشاهدن جزءًا كبيرًا من الحصص التي يتم بثها.

وتضيف :"أما الجائزة فلم أفكر بها، ولكن مدير المدرسة الأستاذ جهاد رزق كان هو أول من دفع بهذا الاتجاه، عندنا زارنا منسق صندوق التميز والانجاز ودخل الفصل وشاهد ما فيه، قال أن هذه المبادرة في التعليم تستحق الجائزة".

قدّمت المعلمة شكرها لمدير المدرسة الذي دفعها للتقّدم ولكافة زملائها وزميلاتها الذين دعموها طوال الفترة الماضية، وهي تشعر بأنها تؤدي رسالتها كمعلمة وتسير في الاتجاه الصحيح، مع تأكيدها أن معلمي ومعلمات قطاع غزة لديهم هذه الدافعية للإبداع في طرق توصيل المعلومة وليس هي فقط.

وتكمل: “حين رأيت المعلمة رنا زيادة تزور مدارس في اليابان وظهر الأطفال كيف يتعلمون بهذه الطرق الإبداعية، شعرت بالغيرة على أطفالنا، لماذا لا يحصلون على حقهم في التعلّم بهذه الطريقة، أطفالنا يتعرضون لظروف قاسية بسبب الحصار المفروض على قطاع غزة، والقصف الذي يتجدد ويؤثر على نفسيتهم".

وتطمح المعلمة منى أن تتمكن من الوصول للقب دولي ترفع فيه علم فلسطين عاليًا وتتحدث بشكل واسع للعالم عما يعانيه الأطفال في قطاع غزة، مضيفة: “أطفالنا يحتاجون يد حانية تنمّي إبداعهم، لا الاستمرار في العيش تحت القصف".

أنثاء الحصة الدراسية

أثناء احتفال طلابها وأمهات الطلاب بها 

أثناء تكريم إدارة المدرسة لها 

 

كاريكاتـــــير