شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم السبت 20 ابريل 2024م08:40 بتوقيت القدس

34 عامًا داخل الأسر يحلم وزوجته سناء بـ"طفل"..

"ميلاد وليد دقة" تُبصِرُ النور بعد شهر

12 ديسمبر 2019 - 09:17
سناء سلامة زوجة الأسير وليد دقة
سناء سلامة زوجة الأسير وليد دقة

شبكة نوى، فلسطينيات: غزة :

في لحظاتٍ مفرحةٍ مبكيَة، كان المشهد يفوق قدرة العقل على التصديق، حينما زَفّ أحد الأسرى للأسير وليد دقة خبر حمل زوجتِهِ "سناء" بعد 34 عامًا في الأسر.

"بكوا كثيرًا من فرحتهم له، أما هو فكان بين الوعي واللا وعي من شدة الفرح، كان ينتظر هذا الخبر سنين طويلة، واليوم أنعم الله علينا بحملي" تقول زوجة الأسير.

بعدَ ثلاثة عقودٍ ونصف، سترى روايات الأسير وليد دقة (57 عامًا)، التي نسجها داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي النور، وستُصبح واقعًا بعد أن كانت حلمًا يقف السجّان والزنزانة حاجزًا أمامه.

"ميلاد" عنوان رواية وليد التي شغلته في شبابه حتى شيبه اليوم بين كل تلك العتمة، سيكون أيضًا اسم "وليّة العهد" التي ستُنير حياة والديْها في كانون ثاني/ يناير المقبل.

تفاصيل تجربة حمل "سناء" عبر النطف المهرّبة التي خصّت "نوى" بالحديث عنها، بدأت قبل سنوات، حين حاول الزوجان الإنجاب بواسطة تلك الطريقة خمس مرّات فلم يُكتَب لهما النجاح، إلا أن إصرارهما وتحديهما لسنوات السجن التي وضعها الاحتلال الإسرائيلي أمام أدنى حقٍ من حقوق الإنسان، كان أكبر من أن يستسلما للفشل في كل مرة.

خيبات متتالية

محاولات الإنجاب بدأت حينما لم تفرج "إسرائيل" عن الأسرى القُدامى "من سكان الأراضي المحتلة عام 1948م" ووليد "ابن باقة الغربية" أحدهم، في دفعات الأسرى ممن اعتقلوا قبل اتفاق "أوسلو"، حيث فرضت على السلطة الفلسطينية "عدم التدخل أو حتى مجرد النقاش حول أسرى تلك المناطق، باعتبارهم مواطنين داخل إسرائيل، وأمرهم شأن إسرائيلي داخلي".

تبِع هذه الخيبة خيبة أخرى، حينما لم يتم الإفراج عن "دقة" في صفقة "وفاء الأحرار" التي أبرمتها حركة المقاومة الإسلامية "حماس" مع الكيان الإسرائيلي عام 2011م.

كان الزوجان يؤجلان خطوة الحمل عبر النطف المهربة طوال تلك السنوات على أمل أن يخرج "دقة" في إحدى الصفقتيْن، فلما لم يحدُث، قرّرا المحاولة وعدم انتظار انتهاء محكوميته المقررة بعد خمسة أعوام.

خمسُ محاولاتٍ باءت بالفشل والسادسة نجحَت، بُشِّرَت "سناء" بالحمل في شهر آيار/مايو من العام الجاري.

وكانت أولى عمليات الإنجاب بواسطة النطف المهربة، من جانب الأسير عمار الزبن المعتقل منذ عام 1998م، الذي يقضي حكمًا بالسجن المؤبد، فأنجب بواسطتها مولوده الأول "مهند" عام 2012م، قبل أن ينجح مجدداً في إنجاب مولوده الثاني "صلاح الدين" عام 2014م.

وتكررت حالات الحمل لدى زوجات الأسرى بنفس الطريقة من قبل 51 أسيراً أنجبوا 67 طفلاً حتى منتصف العام الجاري، وحققوا بذلك انتصارات "ملحمية" على السجّان الإسرائيلي، وأثبتوا أن أحكام "المؤبد" الجائرة لن تفقدهم الأمل في الحياة والحرية.

انتظار "ميلاد" بسورة "يس"

"ميلاد" هو اسم رواية أصدرها الأسير "دقة"، وتحدث كثيرًا فيها عن طفله الذي لطالما كان يحلم بأن يكون أبًا له في يومٍ من الأيام، رغم كل سنوات الأسر التي أهدَرَت شبابه وشباب زوجته.

يتابع "وليد" حمل زوجته أثناء زياراتها الدورية له، ويوصيها بأن تهتم بنفسها جيّدًا كي لا يصيبها مكروه هي أو جنينها. في إحدى زياراتها له قال مخاطبًا السجان: "لحبلي طرفان، وما أكسبه من طرفي يخسره هو.. أرى النور ولا أراك".

أحد الأسرى قال: "إن وليد ومنذ اليوم الأول لسماعه خبر حمل زوجته، يقرأ سورة يس في السجن، والأسرى جميعًا حوله يعيشون معه فرحته ويترقبون اكتمالها على خير".

وليد الذي اعتقل بتاريخ 25 آذار/ مارس 1986م أنتج خلال مسيرته الطويلة في الاعتقال العديد من الكتب والدراسات والمقالات، وأسهم معرفيًا في فهم تجربة السّجن ومقاومتها، ومن أبرز ما أصدره "الزمن الموازي" "ويوميات المقاومة في مخيم جنين"، "وصهر الوعي" و"حكاية سرّ الزيت"، الذي فرضت إدارة معتقلات الاحتلال عقوبات بحقه بعد نشره عام 2018م، فحرمته من الزيارة لمدة شهرين، وصادرت كافة كتاباته وكتبه الخاصة، إضافة إلى غرامة مالية، عدا عن عملية نقله التعسفية التي تمت من معتقل "جلبوع".

ومع بدء العد التنازلي لأن يصبح سناء ووليد أبويْن، بدأت الأم بتجهيز ملابس واحتياجات طفلتها التي تحملها اليوم وهنًا على وهن، على أمل أن تبدأ معها العام المقبل حياةً جديدةً يملؤها النور حتى يأتي الفرج المرتقب بتحرير والدها بعد خمس سنوات.

كاريكاتـــــير