شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الخميس 28 مارس 2024م10:36 بتوقيت القدس

لماذا يجب أن نقلق جميعًا من حرائق الأمازون ؟

02 سبتمبر 2019 - 07:45

بينما تنبعث سحب الدخان الكثيف بفعل الحرائق الهائلة في غابات الأمازون شمال البرازيل لتغطي أجزاءً واسعة من الدولة، وصولًا إلى العاصمة الاقتصادية ساو باولو جنوبًا، يثير هذا الحدث مخاوف أنصار البيئة في العالم أجمع لما له من تأثيرات مستقبليه تضر كوكب الأرض.

أكثر من 70 ألف حريق طال مساحات واسعة من الغابات الاستوائية المطيرة المقدّر مساحتها 550 مليون هكتار، ذات الأهمية العالمية كونها توفّر لكوكب الأرض 20% من أكسجين الغلاف الجوي، حتى لُقبت برئة العالم، لتسبق بذلك غابات افريقيا، كما أنها تعجّ بالتنوع الحيوي والنباتي الذي يستفيد منه العالم كله، وفي حال تزايدت الحرائق سندفع الثمن جميعًا. 

بماذا تنفعنا الأمازون

"نعم الأمازون له أهمية كبيرة للكرة الأرضية"، هكذا أكدت رئيس قسم الجغرافيا في جامعة الأقصى بغزة د.هالة الحرازين، موضحة إن الحياة الطبيعية في هذه الغابات تعود إلى حوالي 500 مليون سنة، وهذا ساعد على التنوع الحيوي الكبير فيها.

وتضيف الحرازين:" يوجد فيها نصف الكائنات الحية الموجودة على ظهر الأرض وما يقدّر بـ 10 ملايين بين نباتي وحيواني، وتتضمن 750 صنفًا من الأشجار العالية ونحو 1500 صنفًا من النباتات، ومصادر المياه العذبة و30 مليون صنفًا متنوعًا من الحشرات، وتحتوي أنهار الأمازون على نحو 3000 نوع من الأسماك".

لهذا احترق الأمازون

تُرجِع الحرازين الحرائق إلى عدة أسباب أولها أنها لم تسلم من انتهاكات الإنسان الذي خلع الأشجار وجرّف التربة، بهدف إنشاء طرق سريعة تربط بين المدن، وتخدم المناطق المحيطة، إضافة إلى تركيز الحطابين عل اقتلاع نوعيات معينة من الأشجار العالية من أجل الأثاث نظرًا لقيمته المادية، كما ساهم الجفاف على مدار أربعة عقود في جفاف العديد من الأنهار وموت أعداد كبيرة من الأسماك.

من جانبها تضيف الباحثة في شؤون البيئة أمل شيخة  إن الحرائق ليست مصادفة؛ فقد تسببت بها شركات الصناعة والتعدين والأخشاب كما تؤكد وبتواطؤ من حكومة الرئيس البرازيلي الحالي بولسونارو الأكثر كارثية في تاريخ السياسة البيئية البرازيلية، فقد فككوا قوانين المناخ وشجعوا غزو السكان الأصليين وأثاروا ارتفاعًا في معدلات إزالة الغابات، إذ تلعب الشعوب الأصلية وطرق معيشتها التقليدية دورًا رئيسيًا في حماية النظم البيئية والتنوّع البيولوجي وهم أقوى مقاومة ضد شركات التعدين والآن يتعرضون للاضطهاد.

أما الحرازين فتكمل :" هناك اتهامات للرئيس البرازيلي بتشجيع المزارعين على قطع الأشجار، لأنها مجدية اقتصاديًا، ثانيًا أرجعها البعض إلى تغيّر اتجاه الرياح بسبب موجة البرد والصقيع، التي أدت إلى تسخين مناطق واشتعال النيران، كما اتهم الرئيس البرازيلي المنظمات الأهلية بافتعال الحرائق عمدًا للإضرار بصورة حكومته لأنه خفّض تمويلها، فالأسباب الحقيقية غائبة"، لكن قناعة الحرازين راسخة بأن هناك فلاحين يقطعون الأشجار لاستبدالها بالزراعة المجدية اقتصاديًا مثل أشجار الصويا، ولاستخدامها كمراعي.

تعود القصة كما تحيكها الباحثة شيخة إلى سبعينات القرن الماضي حيث كانت الرغبة في الحصول على أرض جديدة لتربية الماشية هي المحرك الرئيسي لإزالة الغابات في منطقة الأمازون البرازيلية، ومن المفارقات أن المزارعين لا يحتاجون إلى تنظيف أراضي جديدة لرعي الماشية حيث يتواجد عدد كبير من المراعي المتدهورة وغير المنتجة والتي يمكن أن توفر النتائج نفسها مع استهلاك موارد طبيعية أقل.

لماذا يجب أن نقلق

"نعم علينا القلق، فأكبر غابة استوائية في العالم تحترق وهذا يشكّل كابوسًا مرعبًا لسكان الكوكب أمام تردي الوضع البيئي وتهرّب الجهات الدولية من المسؤولية العالمية، هكذا أكدت الحرازين وأضافت إن كميات الكربون ستنبعث إلى الغلاف الجوي بشكل أكبر وهذا يؤدي إلى تفاقم الاحتباس الحراري وارتفاع حرارة الكوكب أكثر، وارتفاع درجات الحرارة لاحقًا.

وتضيف الحرازين إن المستقبل سيشهد تعثر سقوط الأمطار؛ فالأمازون مسؤولة عن جلب الأمطار إلى مختلف المناطق المجاورة، وتراجع كميات الأمطار في مناطق أخرى، وثانيًا زيادة الجفاف وتراجع كميات المياه الصالحة للشرب والكميات اللازمة للزراعة كون الأمطار تغذي الخزان الجوفي، وكل هذا سيؤدي إلى تهديد الغذاء عالميًا، وثالثًا تزايد الغازات الدفيئة التي ترفع درجة حرارة الكوكب، وزيادة نسبة الفيضانات وهذا يؤدي إلى فقدان التنوّع البيولوجي، والقضاء على الكثير من الكائنات الحية، بالتالي يزداد الفقر وتزداد المنافسة على الغذاء.

من جانبها تعقّب الباحثة أمل شيخة  :"الخسارة المدمرة للتنوع البيولوجي لا تؤثر فقط على البرازيل، حيث يؤدي فقدان الغطاء النباتي من الأمازون إلى تقليل الأمطار مباشرة عبر أمريكا الجنوبية ومناطق أخرى من العالم"، مضيفة إن كوكب الأرض يفقد بالوعة الكربون الهامة، والحرائق تضخ الكربون مباشرة في الغلاف الجوي، إذا لم نتمكن من إيقاف إزالة الغابات في منطقة الأمازون والحرائق المرتبطة بها، فسوف يثير ذلك أسئلة حقيقية حول قدرتنا على الوصول إلى اتفاق باريس لإبطاء التغير المناخي.

نقطة غاية في الأهمية ركّزت عليها الحرازين، وهي الأهمية الطبية لغابات الأمازون، فنحو 90% من الأمراض التي تصيب الإنسان يمكن علاجها من خلال وصفات طبية مستمدة من عناصر الطبيعة بالأمازون على غرار سم الأفاعي والعفن، إضافة إلى وجود علاج لمرض السرطان، وهذه نباتات مهددة بالانقراض، كما سيفقد نحو 300 مليون شخص على مستوى العالم عملهم في هذا المجال، ويهجروا إلى المدن وهذا يزيد العبء الاقتصادي.

هل هناك حل؟

تقول الباحثة شيخة إن الحكومة البرازيلية وضعت إطارًا سياسيًا رائدًا لوقف إزالة الغابات بشكل غير قانوني في منطقة الأمازون حيث بلغت إزالة الغابات ذروتها في عام 2004 ، ولكنها تقلصت بشكل كبير في أعقاب الإدارة البيئية وتدخلات تغيير العرض التي تهدف إلى إنهاء إزالة الغابات بشكل غير قانوني، ثم صدرت قوانين بيئية لتطوير برنامج وطني لحماية الأمازون ، حيث انخفضت معدلات إزالة الغابات في الأمازون بأكثر من الثلثين بين عامي 2004 و 2011.

وأضافت إن الاتفاقيات العالمية الخاصة بالبيئة تتفق الشركات فيها على عدم شراء فول الصويا أو الماشية المرتبطة بإزالة الغابات بشكل غير قانوني، قد أدت أيضًا إلى انخفاض معدلات الإزالة، كما أن لدى المجتمع الدولي أدوات مالية ودبلوماسية وسياسية يمكن أن تعمل على وقف عمليات تطهير الأمازون بالكامل، وبالتالي وقف هذه الحرائق المدمرة وحان الآن الوقت لاستخدامها.

بدورها أكدت الحرازين ضرورة أن تتعاون الحكومة البرازيلية مع هيئات مكافحة الكوارث الدولية للحد من انتشار الحرائق، ومطلوب التدخل السريع من  الدول المتقدمة واستخدام مضادات النيران وهي املاح غير سامة لمقاومة النيران ووسائل إطفاء الحرائق المنتشرة عالميًا.

كاريكاتـــــير