شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم السبت 20 ابريل 2024م12:33 بتوقيت القدس

فئة المكفوفين.

الأول على فلسطين وسيم راضي.. تفوقي رسالة لكل معيق

24 يوليو 2019 - 00:28
إسلام الأسطل

بداخله أحاسيس متناقضة ، فرحة بالنجاح والتفوق، ومشاعر بالعرفان والامتنان لكل من وقف إلى جانبه، وذلل صعوبة أمامه، لكل من مد له يد المحبة والاعتراف بأنه قادر وليس عاجز.

ولد وسيم راضي منذ ثمانية عشر عاماً، كأي طفل طبيعي، لكن ذويه وبعد أيام من ولادته لاحظوا أن عينيه غير عاديتين، بدأت رحلته منذ الولادة مع السفر  والعلاج والعمليات التي انتهت جميعها إلى فقدانه النظر بشكل جزئي، تحول فيما بعد إلى كلي، وبعد أن كان بإمكانه تمييز الألوان؛ أصبح يعاني كثيراً من أجل تحقيق ذلك، لكنه يحاول.

وسيم الذي ارتدى النظارة الطبية المكبِّرة منذ نعومة أظافره، يكره مصطلح كرره ذووه أمامه عن توصيف أحد الأطباء لحالته وإخبارهم أنه بحاجة لنظارة(كعب كباية)، هذا الوصف الذي ترك أثراً جارحاً داخل وسيم لم يكن الوحيد الذي لمس فيه جرحاً وعدم تقدير لإنسانية ذوي الإعاقة، بل والتقليل من قدراتهم وإمكانياتهم. قبل وقت غير بعيد في بداية العام الدراسي،  علق أحد المشرفين على كلام ناظر المدرسة بأن وسيم هو الأول على مدرسته وعليه تتعلق الآمال قائلاً : " كيف لمثل هذا المريض أن يحقق نجاحاً، انظر لعينيه كيف تتحركان، إذا كانت عيونه غير ثابتة فكيف عقله!!

كلمات تركت جرحاً غائراً داخل وسيم الذي  تعرض لمضاعفات ناجمة عن المياه البيضاء في عينيه ومحاولاته الحثيثة استخدام عينيه أثناء طفولته أدت لإصابته بما يسمى ( الجلوكوما)  ومن ثم فقدان الرؤية بشكل كامل.

صعوبات كثيرة واجهها الطالب وسيم راضي الأول على فئة المكفوفين في فلسطين خلال مسيرته التعليمية، وصولاً للثانوية العامة، وتمكّنه طوال سنوات دراسته من حصد المرتبة الأولى على جميع الطلاب أقرانه من المكفوفين.

وعندما حانت لحظة انتقاله إلى  الثانوية العامة، توجّب خروجه من مدرسة النور والأمل إلى مدرسة نظامية،  الأمر الذي جعله يواجه صعوبة أخرى بكيفية التأقلم مع  الطلبة العاديين وكيفية تقبلهم له، ناضل طوال العام من أجل إقناع المجتمع أن ذوي الإعاقة طبيعيون ولا تنقص منهم الإعاقة شيئ ولا من قدراتهم، وكل ما هنالك مجتمع معيق رافض للاختلاف.

قاوم  وسيم الأوجاع في عينيه نتيجة "الجلوكوما" كان يبذل مجهوداً مضاعفاً سواء أثناء دراسته أو حتى خلال الامتحانات، وهي بحسبه من تتحمل مسؤولية عدم تحصيله درجة أعلى  تضعه على قمة المتفوقين على مستوى الوطن، فالصداع والغثيان والارهاق، جميعها أعراض تكاد تكون ملازمة لوسيم طوال حياته ، وتزداد مع بذل مجهود .

 لا يتوقف وسيم الذي حصل على معدل 97% في القسم الأدبي عن الامتنان لكل من دعمه، عمتيه زينب ودعاء، مؤكداً أنهن من وقفن إلى جانبه واحتضنتاه منذ كان طفلاً صغيراً، فعمته زينب تعلمت لغة برايل لتكون المساعدة الأولى له في مشواره العلمي، وأستاذه ماهر ديب  الذي آمن به واحتضنه وكان يراه شخصاً مؤثراً، وقادراً على تحدي كل الظروف، ولم يدخر أي جهد أو نصيحة، أو دعم.

تقول عمته زينب الأكثر قرباً إلى قلبه، وهو الأكثر تملكاً لقلبها، فهو بمثابة ابنها الذي لم تنجبه: "لازلت أذكر أنامله الرقيقة الناعمة وهي تحاور آلة الكتابة بطريقة برايل الخاصة بالمكفوفين لتخط مع كل همسة صوت من مفاتيحها حرفا من حروف الابداع والتميز، في حينها اخبرته انك ستحقق مجدا وتظفر نصراً وستكون الأول على وطنك حين تكبر، وها هو اليوم يقطف الثمار.

كاريكاتـــــير