شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الخميس 18 ابريل 2024م20:32 بتوقيت القدس

غزّة.. مباراة الجزائر تجمعنا

20 يوليو 2019 - 21:06

غزّة:

بخلاف العادة، تُشعَل المزيد من الأضواء في المقاهي، ويتضاعف عدد الكراسي والطاولات، لا يفصل الناس عن بعضها البعض سوى بضع سنتيمترات، تذوب الغرابة في دقائق، فالكل أصدقاء، يجتمعون على طاولات مشتركة، يتبادلون التوقعات والهتافات أيضاً، وأما أنظارهم فهي أمام الشاشة الكبيرة مصوّبة، يترقبّون فوز الأخضر، يحملون شعار واحد "فنحن أيضاً مع الجزائر غالبة أو مغلوبة"، هكذا كانت الأجواء.

للوهلة الأولى، يكاد يشعر الإنسان أنه ليس في قطاع غزّة، فالكهرباء تنير المنطقة، وصوت المباراة يغطّي على أصوات طائرات الاستطلاع الإسرائيلية التي تلغّم سماء المدينة وتؤرق صفاءها، كما تنسيهم رائحة البحر الملوّث من خلفهم، فلا مجال إلا للفرح اليوم.

وفي ثوان معدودة، يعودون لطبيعتهم، الكهرباء انقطعت، صراخ غاضب ونداءات للعاملين في المقهى "هربنا من المنزل بسبب انقطاع الكهرباء، لحقنا هنا؟ أشعلوا المولّدات فوراً"، سيناريو تكرّر أربع مرات نغصّ على الناس فرحتهم واندماجهم في الأجواء.

"لماذا هذا المكان؟ ولماذا الجزائر دائماً؟"، سؤالان وجهتهما معدّة التقرير لبعض المتواجدين في المقهى، فأجابت سهى الشيخ ١٨ عاماً: "هذا المقهى لأنه يظهر بساطتنا، لا يكلفنا سوى فنجان القهوة بـ ٥ شواكل فقط والأجواء بداخله رائعة، فالناس تلقائياً تتحوّل إلى ودودة وطيبة حتى مع الغرباء، فنحن هنا نجتمع على حبّ الجزائر".

وتضيف: "الجزائر هي الأقرب لنا من بين الشعوب العربية، لا تحمل شعارات مناصرة لقضيتنا الفلسطينية بل إنها مناصرة لها وتدعمها ولم تقبل بالتطبيع مع الاحتلال، غير أن فريقها يستحق الدعم وبجدارة".

عامر حسين ٢٧ عاماً يقول إنه يفضّل حضور المباريات عموماً في مثل هذه الأماكن، المطلّة على البحر والممتلئة بالناس ولأسباب مهمّة له وهي "هرباً من انقطاع الكهرباء ومن حرّ الصيف ولأن الأجواء الجماعية حماسية أكثر".

ويضيف أن أسرته ليست مهتمة بالمباريات نوعاً ما، إلا أن اللعبة عندما تكون لمنتخب الجزائر فإنها تهتم وتقدّر وتشجّع، وتخرج لمشاهدتها في الأماكن العامة ثم الاحتفال مع الناس بالفوز ورفع أعلام الجزائر، كون العلاقة مع هذا البلد ليست وطنية فقط، وإنما هي علاقة شعبين يعرفان معنى الاحتلال وثمن الحرية ويقدّرون بعضهم البعض.

سهام الحلو ٥٥ عاماً، تقول إنها أتت برفقة أبناءها وبناتها لمشاهدة المباراة بعد حماستهم الزائدة "وفق وصفها" وتحضيراتهم وأحاديثهم عن المباراة قبل أيام من موعدها.

وعن الجوّ العام في مقهى الباقة الذي كان يعجّ بعشرات العائلات ومئات الشباب والشابات في كلّ الأقسام، تحدثنا عن ذهولها وأنها بالفعل استمتعت وشعرت أنها تسافر إلى بلد لا يعرف ماذا يعني الحصار ولا الفقر ولا البطالة ولا انقطاع الكهرباء حتى باغتها الانقطاع لحظتها، فأضحكها الموقف بصوت عال قائلة "تراجعت، خلص هي غزة رجعت لنا!".

ووفق بيانات للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فإن نسبة البطالة في قطاع غزّة بلغت خلال العام الماضي 52% مقابل 44% في العام السابق عليه، وكان لافتاً انخفاض نسبة العاملين بأجر في القطاع الخاص، الذين يتقاضون أجراً شهرياً أقل من الحدّ الأدنى للأجر إلى 72% العام الماضي مقابل 81% في العام السابق عليه، إذ يبلغ معدل الأجر الشهري في غزة 671 شيكلاً إسرائيلياً. (الدولار = 3.60 شيكلات).

آلاف الفلسطينيين في قطاع غزة، تابعوا مباراة الجزائر والسنغال في نهائي كأس أمم أفريقيا، مشجعين فريق الجزائري بالبطولة، كما تجمّع حوالي نصف مليون فلسطيني بغزة، في تسع ساحات شعبية، وذلك بدعوة من مؤسسة أمواج الرياضية، التي قامت بتنظيم المهرجانات للمشاركة، وحضور المباراة، ووضع شاشات كبيرة في مناطق التجمع لتوفرها لجميع الناس.

كاريكاتـــــير