شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الخميس 28 مارس 2024م18:06 بتوقيت القدس

الإدارة المدنية.. فخ إسرائيلي لضم الضفة الغربية

16 يوليو 2019 - 12:03
شيماء مرزوق

غزة:

لا تخطئ العين الإجراءات الإسرائيلية الموازية للمقترحات السياسية التي تستهدف السيطرة على الأرض الفلسطينية والقضاء على حل الدولتين نهائياً.

في ذروة الاستيطان والتهويد والسيطرة على أراضي ومقدرات الضفة الغربية يفعّل الاحتلال الإسرائيلي دور "الإدارة المدنية" في الضفة التي تهدف إلى إضعاف دور السلطة الفلسطينية إلى أقصى درجة، كما بدأ مؤخراً بربط الفلسطينيين بالإدارة المدنية مباشرة متجاهلة دور السلطة والشئون المدنية. 

ويتضح أن الاحتلال الإسرائيلي من وراء سياسته في التعامل مع المواطنين الفلسطينيين في الضفة بشكل مباشر، يتجاوز دور السلطة والاتفاقات الموقعة بين الطرفين عام 1994، وذلك من خلال زيادة نشاط وعدد العاملين في الإدارة المدنية.

ويبدو أن الاحتلال الإسرائيلي يحمل أجندة واضحة للسيطرة على الضفة، وذلك لعدة أسباب أولها إما استعداداً وتحسباً لليوم التالي لانهيار السلطة، أو ضمن أجندته في الضفة بالسيطرة على الأرض والسكان.

إعادة توزيع

توسيع نشاط الإدارة المدنية يؤثر على طبيعة العلاقات بين السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية، كون ذلك يقود إلى تقليص صلاحيات السلطة المقيدة أصلًا بموجب اتفاق أوسلو وملحقاته، ويساهم في إضعافها.

المختص في الشأن الإسرائيلي سعيد بشارات أكد في حديث لنوى أن إجراءات الإدارة المدنية في الضفة ليست جديدة وتسير حسب سياسة واضحة، حيث بدأت بلقاءات تعقدها أسبوعياً مع القرى العربية، لما يسمى برفع المنع الأمني عن مواطنين الضفة الغربية.

واعتبر بشارات أن هذه الحملات عززت اللقاءات بين المنسق والشاباك من جهة والمواطنين في الضفة من جهة أخرى، بحجة فتح ملفات الأمن والعمل والتصاريح والسفر والأمور الحياتية التي شكلت مدخل لجمع المعلومات والبيانات عن سكان الضفة.

وأكد أن التطور الخطير يكمن في عملية التواصل المباشرة بين الاحتلال الإسرائيلي والمواطنين، وهي سياسة تدريجية تهدف لإلغاء دور السلطة الفلسطينية ومؤسساتها تدريجياً ودون اعلان رسمي.

وقال بشارات: "حتى عمليات البناء والتعمير تخضع للرقابة وهذا تقوم به جمعية تسمى "ريچڤيم"، حيث تتابع بيع وشراء الأراضي، وتراقب أي تصرف في الأرض، من بناء أو تعمير أو أي شيء آخر، سواء في الضفة أو في النقب أو في أي مكان آخر، حتى المسمار في الضفة تُبلّغ عنه الجيش".

من ناحيته قال المحلل السياسي عثمان عثمان: "الإدارة المدنية بالضفة تسهّل عمل الاحتلال لشراء ولاءات أبناء الضفة للمقارنة بأن بالسلطة الفلسطينية لا تحقق لهم إنجازات أو خدمات؛ بينما الإدارة المدنية هي التي تقدم لهم التسهيلات وتمنحهم التصاريح للعمل والبناء وغيره من متطلبات الحياة اليومية وهذا هو تمهيد لضم المستوطنات والمناطق المحيطة بها والتي تعتبر أمنية".

واعتبر أن ما يجري لتحسين صورة المحتل وإضعاف لصورة السلطة والخيار الفلسطيني في ظل افتقاد السلطة والأحزاب للوسائل والإمكانيات للمواجهة في ظل الحصار الخانق المفروض أميركياً وإسرائيلياً وعربياً على الفلسطينيين.

وأكد عثمان في حديث لنوى أن الإدارة المدنية تعتمد عبر صفحات معينة على مواقع التواصل الاجتماعي مخاطبة الشعب الفلسطيني وبث سموم عبر رسائل تتلاءم مع العادات والتقاليد والهيئة المتدينة للمجتمع الفلسطيني، وتعرض تقديم مساعدات.

تعميق السيطرة

وأمام المتغيرات الخطيرة الحاصلة، يؤخذ على السلطة أنها لا تواجه إجراءات الاحتلال خصوصاً الانتهاك الخطير الذي تتعرض له هيئة الشئون المدنية، لكن المتحدث باسم الهيئة وليد وهدان في قال لـ"لنوى": "سلطات الاحتلال، ومن خلال مواقع التواصل الاجتماعي، تحاول أن تربط المواطنين الفلسطينيين، للتعامل معها مباشرة، وبعيدًا عن الشؤون المدنية".

وأكد وهدان أن الاحتلال يريد إضعاف هيئة الشؤون المدنية، ومؤسسات السلطة الفلسطينية ككل، وتدريجيًا يتحلل من الاتفاقيات قبل وبعد اتفاق أوسلو.

وأوضح أن هناك محاولات مستمرة ومتسارعة من الإدارة المدنية لربط المواطنين ودفعهم للتعامل معها بشكل مباشر سواء عبر صفحة المنسق أو من خلال الدعوات والحملات التي تطلقها، مؤكداً أن ذلك يعتبر خرق فاضح لاتفاقيات أوسلو.

وتابع: "التعامل المباشر يجري من بعض الأشخاص فقط وهم يشكلون نسبة قليلة جداً لا تتعدى 3% ممن لديهم احتياجات وسرعان ما يكتشفوا ان تعاملهم دون فائدة وبلا نتائج إيجابية كما كانوا يتوقعوا".

واعتبر وهدان أن هناك مبالغة في دور الإدارة المدنية بالضفة وتوصيفها كحكومة ظل، خاصة أن جميع المؤسسات ملتزمة بدور الهيئة، قائلاً: "هذا لا يعني أنه لا توجد محاولات مستمرة لتجاوز دور هيئة الشؤون المدنية لكن نراهن على وعي شعبنا في إفشال مخططات الاحتلال".

إجراءات موازية!

في المقابل، اعتبر المختص في الشأن الإسرائيلي "بشارات" أن السلطة لا تواجه إجراءات الإدارة المدنية في الضفة، وتساءل: "هل تعقد السلطة لقاءات موازية مع أهالي القرى مثل المنسق؟ هل تحارب إجراءات المنسق وتعتبر من يذهب لهذه اللقاءات خارج عن القانون؟.

وشدد بشارات على أن الاحتلال لا يريد إنهاء دور السلطة بالكامل لأن ذلك سيشكل عبء كبير عليه وما يجري هو إعادة ترتيب لدور السلطة.  

وفي ذات السياق شدد عثمان على أن الرضا الجماهيري عن السلطة وأداءها ليس بالإيجابي وهي تتحمل ذلك لأنها لا تراهن على الوحدة والعمل الإداري السليم ولا تراهن على متطلبات الشعب ومقاومته، وإنما تراهن على ذات الشخوص التي تريد أن يسيطروا على الشعب وهذا عامل مهم يؤدي لنفور الناس منها، موضحاً أن الاحتلال معنيّ بإضعافها عبر الشعب الفلسطيني.

واعتبر عثمان أن المشكلة الأساسية: "هي أن السلطة قلبت بأن تلعب دور الوسيط بين الاحتلال والشعب، فهي ليست صاحبة قرار وأي معاملة يجب ان تحصل على القرار الإسرائيلي عبر تقديم الخدمة مقابل المال والنفوذ وهذا دور مهين يجب أن ينتهي".

وكان الإعلامي والكاتب ناصر اللحام وصف الإدارة المدنية في الضفة بأنها حكومة الظل وقال: أي بناء أو تطوير لأي منزل في منطقة "أ" يحتاج أن تنتقل نسخة من التراخيص وحتى مواصفات مواد البناء المستخدمة لإدارة الاحتلال في مستوطنة (بيت ايل).

ورد وهدان على هذه الاتهامات بالقول أن الهيئة أصدرت أكثر من مرة بيانات صحفية تحذر فيها المواطنين من التعامل مع الإدارة المدنية وحذرت من خطورة التعامل المباشر وأن أي إجراء يجب أن يمر عبر هيئة الشؤون المدنية المخولة رسمياً بالتعامل فيما يتعلق بكل التفاصيل وقضايا البنى التحتية واحتياجات المواطنين والمؤسسات.

وتابع وهدان: "من خلال صفحة الهيئة على الفيس بوك والاعلانات والبيانات الصحفية نحذر من التعامل مع الإدارة المدنية كما نعقد اجتماعات دائمة مع مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص وهي ملتزمة تماما بالتعامل مع الاحتلال عبر الهيئة".

كاريكاتـــــير