شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 29 مارس 2024م10:22 بتوقيت القدس

كامل ومحمود

إبداعات أخشاب وأسلاك مفعمة بالحياة

13 يوليو 2019 - 20:41

غزة:

"مقلمة"، تلك التي لا غنى لأي مكتب عنها، تحفة فنية جميلة يمسكها السبعيني كامل أبو كويك بين يديه، ولكن من يصدق أنها مصنوعة من أعواد المشاوي وعلبة بيبسي فارغة وبعض أوراق الزينة يتم لصقها بالسيلكون.

فالسيد كامل أبو كويك يبدع في إعادة تدوير الأخشاب ومواد خام منزلية ليصنع منها تحفاً فنية غاية في الروعة، مجموعة من مصنوعاته زيّن بها زاويته في معرض مرايا للمشغولات اليدوية الذي أقيم مؤخراً في مدينة غزة احتوت ساعات الحائط والبراويز والمجسمات الخشبية وسلات الضيافة وغيرها.

يُطلق الرجل السبعيني على عمله الذي ما زال يصفه بأنه "هواية" Palestinian Craft، بدأه بعد انتهاء عمله في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" وإحالته للتقاعد، وهنا مارس قناعته بأن الحياة تبدأ من جديد.

يقول أبو كويك والذي تقاعد قبل 10 سنوات :"ما أفعله بغالبيته تجسيد للتراث الفلسطيني عبر إعادة تدوير المواد البيئية، كل الأشياء التي أستخدمها مواد طبيعية وهي صديقة للبيئة كان يُمكن ان تُرمى ولكن أنا اجيد استخدامها".

ويشير السبعيني إلى المجسمات الموزّعة بشكل مرتّب على طاولة، هذه سلات ضيافة مصنوعة من بلاستيك عادي وخيطان وحبات لولو من الاكسسوارات العادية المتوفرة بالبيت ولاصق سيكون، ويحمل بين يديه قطعة أخرى ويقول سراج الإضاءة الذي كنا نستخدمه قديماً قبل توفر الإضاءة المنزلية صنعته أيضاً من نفس المواد مضاف إليها أوراق الزينة.

على الطاولة أيضاً علب لأوراق المحارم "كلينكس" مصنوعة من الخيوط الملوّنة وحبات اللولو، وبراويز ولمبات ومقلمات للمكاتب وساعات استخدم فيها حتى الزجاج المكسّر وبرج إيفل من أعواد المشاوي، بعضها أدخل فيها التطريز الفلسطيني وأخرى أدخل فيها بعض الرسومات.

يقول أبو كويك :" هي كانت هوايتي منذ الصغر، لم يكن وقتي يسمح بها، ولكن بقي شغفي وحبي لهذا الفن موجود، لم أتعلّم من أحد، فقط حين أدخل غرفتي وأبدأ أطلق خيالي ليفكر في قطعة أريد صنعها ثم أستخدم الأشياء المتوفرة وأحدد تلك المواد اللازمة للشراء لاصق السيلكوم وأوراق الزينة والحبال وغيرها".

وللرجل السبعيني طقوس خاصة في العمل، فهو يحب الوقت المتأخر إذ يكون قد أنهى اهتماماته الاجتماعية، فيصنع لنسفه كوبٍ من القهوة ويدخل غرفته الخاصة ويبدأ بالتعامل مع بقايا المعلبات والعيدان والأخشاب.

مشروع Palestinian Craft ما زال حديثاً، ولم يتم التسويق له بالشكل الجيد، لكن صاحبه والذي يود المواصلة في هذه الهواية حتى يحوّلها إلى مهنة يعتاش عليها فبعض المواد التي يستخدمها مكلفة وإنتاج القطعة يحتاج إلى وقت وجهد كبيرين، ويأمل في المستقبل أن يصبح أكثر انتشاراً إذ أقبل الكثيرون على منتجه وأحبوه.

النحت بالإسلاك

أما الشاب محمود النباهين، فهو قصة إبداع أخرى لشاب هو أول من احترف النحت بالأسلاك في قطاع غزة، فيطوّع أسلاك وأسياخ عادية بين يديه لينتج منها مجسمات جنية ديزني ورجل يحمل القمر وحصن تتسابق وشجرة عيد الميلاد، عالم من الإبداع الكلاسيكي على طاولة واحدة.

بدأ محمود مهنته قبل أكثر من عام، كان ينتج ويسوّق بشكل منفرد، آملاً من خلاله نشاطه على وسائل التواصل الاجتماعي بنشر إبداعه، وقد تحقق له ذلك إذ زاد معجبو أعماله وارتفع الإقبال على الشراء منه، وهذا ما دفعه للتطوير المستمر.

يقول محمود والذي يشارك أيضاً في معرض مرايا :"ما بين العام الماضي والحالي طورّت مشروعي بشكل كبير، من خلال زيادة طبيعة الأشكال التي أنحتها وحتى أنواع الأسلاك، إذ كنت أستخدم نوعين فقط والآن أصبحوا ما بين 4-5 أنواع إضافة إلى مواد خام أخرى".

عمل الشاب ذو 21 ربيعاً والذي كان طالباً في تخصص إدارة الأعمال إنه لم يتوقف طوال العام الماضي عن استثمار معارفه الذين تواصل معهم من خلال عمله في هذا الفن الجديد على قطاع غزة، إذ أراد من خلالهم التعريف بمشروعه بشكل أكبر ونشر هذا الفن، حتى تمكّن حديثاً من الحصول على منحة من خلال حاضنة الأعمال في الجامعة الإسلامية لتطوير مشروعه.

ويضيف: “كان العائق المادي قائماً ولكن بمرور الوقت وجدت من يحتض مشروعي، شغلي كان فقط على العرائس حالياً دخلت على نظام عمل الأنتيكات وتصميم اللوجوهات للشركات نفذته بالفعل وكان جميل جداً".

كان مشروع محمود بسيطاً في البداية، ولكن مع محبة الناس له كبر واستخدم فيه أسلاك ثلاثية وأسلاك الربط وأسلاك من الفولاذ والنحاس، وهذا بدورها منح التصاميم إبداع أعلى وجودة وإتقان أكبر.

ويكمل: “أعتقد أنني نجحت في استثمار وسائل التواصل الاجتماعي للترويج للفن، أصبح الكثيرون يجرّبون النحت، ولكن هذا الفن جانبين التشكيل بالأسلاك والنحت بالأسلاك، الأول بالممارسة يُمكن تعلمه إنما النحت أمر صعب نسبياً فهو يحتاج إلى ما يشبه الحياة في المجسمات".

 لم يتخرج محمود بعد من تخصص إدارة الأعمال، فهو متوقّف حالياً عن الدراسة ولكن حين يعود سيكمل في تخصص الفنون الجميلة من أجل مواصلة موهبته التي أصبحت مهنة له، فهو وجد نفسه في هذا المضمار.

أما عن طموحه فما زال مشروع تجسيد تاريخ فلسطين عبر النحت بالأسلاك قائم، ولكنه يحتاج إلى تمويل ليس باستطاعته توفيره، أما حلمه الآخر فهو كرائد لهذا الفن في قطاع غزة يأمل في أن يُدرّب على يديه الكثيرون ممن يتقنوه.

مشروع محمود النباهين:

كاريكاتـــــير