شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 29 مارس 2024م12:32 بتوقيت القدس

لماذا لا يتشافى المجتمع من ظاهرة عمالة الأطفال؟

07 اعسطس 2017 - 13:35
دعاء شاهين
شبكة نوى، فلسطينيات:

غزة-نوى --:

بخطى ثقيلة يتجه الطفل رأفت حماد( 14 عاما)، نحو عمله في إحدى ورش الميكانيكا شمال قطاع غزة. يحوز الطفل على 10 شواكل بمقابل كل عشرة ساعات عمل. ويبدأ نهاره بشراء الفطور إلى العمال في الورشة وإعداد ابريق الشاي بأمر من رب العمل. يقول الطفل حماد: "بعد أن انتهي من إجازتي المدرسية أقوم بالبحث عن مكان أعمل فيه، لأن والدي مريض وإخوتي صغار وأنا أكبرهم، ولا أحد يمنحني المصروف".

يقطع رب العمل حديثنا مع الطفل فجأة، ليطالبه بإكمال عمله، فسارع حماد إلى حمل مطرقة ثقيلة الوزن وأخذ يقوم بتعديل لوحة حديدية. قمنا بالاستئذان من رب العمل مجدداً، لغاية استكمال الحوار مع الطفل الذي يعيش وسط أسرة مكونة من عشرة أفراد، وقد أكد بعد أن وضع المطرقة جانباً أن مستوى تحصيله العلمي ضعيف، لذلك يحاول ضمان امتهان إحدى الصناعات حتى ينتفع منها مستقبلا.

ويبدو واضحاً أن عمل الأطفال ممن هم دون 15 عاماً يتنامنى بشكل لافت في الورش والمصانع وحتى في الأسواق، خصوصا في السنوات الأخيرة من الحصار. الأمر الذي يرجعه مختصون إلى تدني مستويات الدخل على نحو غير مسبوق. وحسب "الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني "اكتسبت عمالة الأطفال في المجتمع الفلسطيني أهمية خاصة، ويعود ذلك إلى خروج الأطفال إلى سوق العمل بدلاً من التوجه إلى التعليم، والتحاق أغلبية الأطفال العاملين بسلسلة من الأعمال المجهدة بل والخطرة، وأحيانا تعرضهم لسلب حقوقهم من رب العمل".

وتظهر عمالة الأطفال في قطاع غزة ضمن مجالات متعددة في الصيد، البيع على الطرقات، العمل في الباطون وكسارات الحجارة، كما ورشات الحدادة ومنهم من عمل في الأنفاق مع الحدود المصرية. الطفل ياسر أبو الريش (14 عاما) يعمل تحت يد رجل كبير في مهنة بيع المشروبات الساخنة على شاطئ بحر غزة.

يقول ياسر الذي يعمل بمثابة ندال متنقل بين عربة تحضير المشروبات والمصطفين لتلبية احتياجاتهم: "أنه يحصل على خمسة شواكل بمقابل ثمانية ساعات عامل يومياً". يحمل الطفل على عاتقه مسؤولية إعالة أسرته المكون من عشرة أفراد، عقب وفاة والده، حيث يستغل اجازته المدرسية سنويا في العمل. ويجتهد الطفل في بيع أكبر عدد من أكواب الشاي واقناع المصطافين بالكلمات المنمقة ليستدر تعاطف المشترى، لاسيما أن رب العمل يهدده إذا لم يجلب كماً كبيراً من المشرين فلن يحصل على يوميته كاملةً.

وتحظر المادة 14 من قانون الطفل الفلسطيني، والمادة 93 من قانون العمل الفلسطيني، تشغيل الأطفال دون سن الخامسة عشرة؛ ويسمح بعمل الأطفال 15-17 سنة بشروط معينة منها: أن لا تكون هذه الأعمال خطرة، وأن تكون ساعات العمل قصيرة، وتوفير الكشف الطبي للأطفال كل 6 أشهر. وتقر هيام الجرجاوي القائمة على حماية برنامج الطفولة في وزارة الشؤون الاجتماعية، بأن عمالة الأطفال في قطاع غزة مشكلة متنامية وتزداد في فترة الإجازة الصيفية، على ضوء دفع العديد من العائلات بأطفالها للعمل. وقالت الجرجاوي: "إن الوزارة تبذل جهود كبيرة لتقليص أعداد الأطفال العاملين، من خلال الزيارات الميدانية المستمرة للعائلات الفقيرة التي يعمل أطفالها في مهن شاقة أو مهن يغلب عليها طابع التسول وتملأ مفترقات الطرق في القطاع".

وأوضحت أن هناك أسراً رفضت الحصول على مساعدة من الوزارة بعد أن جرى مراجعتها ميدانيا، بزعم أن ما يحوز عليه أطفالهم العاملون أكثر قيمة مما قد تقدمه الوزارة من مساعدات. في المقابل، قال فادي المسارعي مدير دائرة شروط العمل في الوزارة ذاتها، "إن هناك جهل في شروط العمل من قبل الطفل الذي يعمل ولا يدرى ما هي حقوقه، فيما أن أصحاب العمل يقومون بتشغيل الأطفال ولا يدركون عواقب هذا الأمر"، مشيرا إلى أن وزارة العمل تقوم من وقت ولآخر بزيارات تفتيش على أرباب العمل؛ لمعرفة مدى توافق البيئة العملية للشروط. وحول مدى مراقبة وزارته لورش العمل التي يعمل داخلها أطفال دون الخامسة عشر، أجاب: إن أصحاب العمل يقومون أحيانا بتخبأة الطفل الذي يعمل عندهم أثناء التفتيش"، مشيرا إلى أن وزارته قامت مؤخرا بسحب ترخيص ورشات العمل التي تشغل أطفال دون تطبيق قانون الأجور وتفتقد لإجراءات السلامة المهنية.

في المقابل، ترى الأخصائية النفسية سمر قويدر، أن عمالة الأطفال مشكلة خطيرة تقع نتائجها على المجتمع وكذلك على الطفل الذي يعمل في سن مبكر، مؤكدا أن من بين تداعيات هذه المشكلة، هو التأثير السلبي على التطور والنمو الجسدي للطفل. وقالت قويدر: "تتأثر صحة الطفل من ناحية التناسق العضوي والقوة والبصر والسمع، وذلك نتيجة الجروح والكدمات الجسدية، وبالتالي تتشكل شخصية عدوانية من السهل أن ترتكب الجرائم".

كاريكاتـــــير