شبكة نوى، فلسطينيات
اليوم السبت 01 نوفمبر 2025م20:05 بتوقيت القدس

معظمها أغلقت أبوابها بسبب ضعف الموارد..

تكايا بـ"الموجود".. ونازحون في طوابير "الأمل"!

27 نوفمبر 2024 - 14:23

غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:

في خيمةٍ صغيرة، بين تجمعٍ للخيام في مدينة دير البلح، وسط قطاع غزة، تعيش النازحة ميساء الأبيض برفقة أطفالها الخمسة حياةً صعبة، وسط "الإبادة" المتواصلة للعام الثاني على التوالي.

تعتمد السيدة الأربعينية، التي أنجبت آخر أطفالها قبل نحو شهر فقط، على طعام التكايا، وتعاني من الحصول عليه، كون خيمتها على الرصيف، أي ليست ضمن مخيم من المخيمات المنظمة في المدينة الجنوبية.

تقول: "أذهب لأقرب مخيم كل يوم أنا وأطفالي لطلب الطعام، أحيانًا أحصل عليه وأحيانًا لا؛ لأن سياسة المخيمات تعطي الأولوية للذين يسكنون في خيام ضمن المخيم"، مشيرةً إلى أنها "نفساء" وتحتاج إلى الغذاء كي تستطيع إرضاع طفلها الصغير. "أجاهد كل يوم كي لا ينام أطفالي جوعى. وكل طعامنا يعتمد على التكايا. حياتنا اليومية كلها مطاردة للقمة".

يبلغ الطفل مؤنس الهبيل من العمر عشر سنوات، ويقطع كل يوم مسافةً طويلة ليصل إلى طابور التكية الأقرب إلى مكان خيمة عائلته.

يقول: "والدي كان يعمل على بسطة صغيرة، لكنه أغلقها بسبب ارتفاع الأسعار، ولم يعد أمامنا إلا التكية كوسيلة للحصول على الطعام، وهي لا تقدم إلا وجبة غداء فقط".

"أنا نفسي تخلص الحرب، علشان تعبت من طوابير الأكل والمية (المياه)".

ويضيف بحرقة: "أنا نفسي تخلص الحرب، علشان تعبت من طوابير الأكل والمية (المياه)".

وباتت آلاف العائلات النازحة في قطاع غزة، تعتمد في إطعام أفرادها على ما تقدمه التكايا الخيرية، في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها قطاع غزة، منذ أن اندلعت الحرب الإسرائيلية في السابع من أكتوبر/ تشرين أول 2023م، وفُرض الحصار، واشتدت المجاعة، وتقلصت كميات المساعدات الواردة إلى المناطق كافة.

ولم يكن ظهور التكايا في قطاع غزة أمرًا جديدًا، فهي مظهر من مظاهر الإطعام لا سيما خلال شهر رمضان المبارك، إذ تقصدها العائلات المستورة، ويستوفون طعام إفطارهم أو سحورهم منها، لكنها صارت معلمًا من معالم المدينة في ظل "الإبادة"، وما تبعها من ظروف اقتصادية أثقلت كاهل المواطنين، وجعلتهم يسعون لتأمين غذاء أبنائهم بشق الأنفس.

وقد ارتفعت الحاجة للتكيات في مناطق جنوبي القطاع بشكل كبير، منذ مطلع أكتوبر/ تشرين أول الماضي، عندما أغلقت "إسرائيل" كافة المعابر، وسمحت بدخول المساعدات إلى جنوبي القطاع بكميات بسيطة، لا تغطي أعداد النازحين الكبيرة، ناهيكم عن احتكار التجار للبضائع، وعرضها للبيع بأسعارٍ فلكية.

بالتزامن مع هذه المعطيات، تقف المؤسسات القائمة على التكايا أمام تحديات كبيرة، وتساؤلات تبدو معرفة إجابتها ضرب من ضروب المستحيل: "كيف نستمر في تقديم الطعام للناس الذين لا يملكون طريقاً آخر للحصول على طعامهم؟".

يخبرنا محمد ربيع، وهو منظم إحدى التكايا، جنوبي قطاع غزة: "الكميات التي تحصل عليها التكية لا تكفي النازحين هنا، ولهذا نجد صعوبة في تغطية أعداد المصطفين في الطوابير لأخذ نصيبهم من الطعام".

القائمون على التكايا باتوا يتخوفون بشكل جدي من أن لا يجدوا مجالًا للاستمرار في تقديم الطعام للأسر التي علقت آمالها على وجبة يوميةٍ تسكت بها جوع صغارها

ويضيف: "نحن مسؤولون عن (١٤٠) أسرة داخل هذا المخيم، وأحيانًا لا تحصل الأسرة إلا على صحن واحد، بينما لا تأخذ أسر أخرى أية كمية في ظل شح المواد الغذائية"، موضحًا أن القائمين على التكايا باتوا يتخوفون بشكل جدي من أن لا يجدوا مجالًا للاستمرار في تقديم الطعام للأسر التي علقت آمالها على وجبة يوميةٍ تسكت بها جوع صغارها، وتقدمها لهم التكية.

وبين أن أحوال النازحين باتت صعبةً للغاية، "وحتى الأسواق خلت من البضائع في حين توقفت مشاريع العديد من المؤسسات الخيرية التي لم تعد قادرة على تقديم المساعدات للنازحين، نتيجة شح الكميات، وسرقة قطاع الطرق ما يدخل من شاحنات، ثم بيعها بأسعار مرتفعة للتجار في الأسواق المختلفة.

وقد توقفت عشرات التكايا الخيرية التي تقدم الطعام لمئات الآلاف من النازحين في مناطق جنوب وشمال غزة عن العمل، بسبب القيود التي تفرضها دولة الاحتلال الإسرائيلية على إدخال البضائع والمساعدات إلى السكان، ضمن سياسة التجويع، ناهيكم عن سماحها لقطاع الطرق بسرقة شاحنات المساعدات.

وقد تفاقمت المجاعة في قطاع غزة، بعد اجتياح الاحتلال مدينة رفح في الخامس من أيار/مايو الماضي، وإغلاق معبري رفح البري وكرم أبو سالم التجاري مع غزة، ومنع دخول المساعدات والمستهلكات الطبية منذ ذلك الحين.

كاريكاتـــــير