غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:
في زمنٍ جثمت فيه ظلال الموت على غزة، تقف المعلمة وفاء حجازي بثباتٍ استثنائي تحت خيمةٍ من قماشٍ مهترئ، تحمل اسمًا يليق بها: "مدرسة إنسان". تقول بثقةٍ يملؤها العزم: "حتى لو عادت الحرب، حتى لو أوغلوا في القتل والدمار والتجويع، سأواصل مسيرتي ورسالتي من أجل هؤلاء الأطفال".
كانت كلماتها تشبه وعدًا، ووعدها يشبه نورًا يتحدّى العتمة في قطاعٍ أنهكته حرب الإبادة الإسرائيلية، حيث تحوّلت المدارس إلى ركام، والأحلام إلى رماد.
 قررت وفاء أن تصنع معجزة صغيرة بحجم قلبها الكبير. تقول: "كنت أرى الأطفال يوميًا في الشوارع، يركضون خلف تكيات الطعام وصهاريج المياه، يجمعون الحطب بدل الكتب، ويلاحقون لقمة النجاة بدل الحروف، يحملون حقائبهم الممزقة بأعباء النزوح بدل الواجبات المدرسية، فشعرت أن شيئًا ما يجب أن يُفعل".
قررت وفاء أن تصنع معجزة صغيرة بحجم قلبها الكبير. تقول: "كنت أرى الأطفال يوميًا في الشوارع، يركضون خلف تكيات الطعام وصهاريج المياه، يجمعون الحطب بدل الكتب، ويلاحقون لقمة النجاة بدل الحروف، يحملون حقائبهم الممزقة بأعباء النزوح بدل الواجبات المدرسية، فشعرت أن شيئًا ما يجب أن يُفعل".
من تلك الفكرة البسيطة، ولدت الخيمة. لم تكن فصلاً دراسيًا عاديًا، بل مساحة للأمل والحياة. ومع الأيام، تحوّلت إلى ملاذٍ يومي لعشرات الأطفال الذين يأتون بثيابٍ بالية ودفاترٍ ممزقة أو حتى بلا دفاتر. يجلسون على الأرض بلا مقاعد، لكنهم يجلسون بشغفٍ يشبه العطش للحياة، كما تصف وفاء.
"تعبي ليس خسارة بهؤلاء الأولاد"، تقول مبتسمة، وتضيف وسط ضجيج الصغار: "هم يستحقون هذا التعب، بل وأكثر من ذلك. هؤلاء الأطفال أمانة في عنقي، ورسالتي إنسانية واجتماعية لحين عودة المدارس".
اختارت وفاء لمدرستها اسم "إنسان"، ليكون عنوانًا للمعنى الذي تؤمن به: أن الطفل الفلسطيني إنسان له الحق في التعليم كما له الحق في الحياة، تلك الحياة التي سُلبت من أكثر من 64 ألف شهيد وجريح خلال عامين من الحرب.
في عالمٍ أدار ظهره للموت المتكرر في غزة، تُصرّ وفاء على أن يعلو صوت الحروف من بين الركام. بين دفاتر أُعيد تدويرها وألواح كُتبت بالطباشير المتكسرة، يتعلم الأطفال الأمل قبل الأبجدية، ويستعيدون إحساسهم بأنهم ما زالوا قادرين على الحلم.
تختم وفاء حديثها بعبارة تختصر رحلتها كلها: "الطفل الذي يُحرم من المدرسة، يُحرم من مستقبله.. وأنا أرفض أن أكون شاهدة على ضياعهم".
 
                 
            
 
                                                                    
 
                                            






















