شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الثلاثاء 19 مارس 2024م07:20 بتوقيت القدس

أنتجوها خلال مبادرة جنوب القطاع

"باتريوشكا".. دمى "روسية" بأنامل أطفال غزة

03 يونيو 2023 - 18:52

رفح:

ما إن انتهت الطفلة رهف أبو الحصين (11 عامًا) من صنع دمية من بقايا قماشٍ منزليٍ مُستهلك، حتى انخرطت في حوارٍ فكاهي مع صديقتها دعاء التي انتهت للتو من صنع أخرى.

تلبس كل فتاة لعبتها في كف يدها، وتحركها، ثم تنطلق بالمزاح مع الأخرى، فهذه تلقي نكتة بصوت "فطوطة"، وتلك ترد عليها بصوتٍ يدعو إلى الضحك. وما بين هذا وذاك تسمع ضحكات أطفالٍ آخرين من حولهما في مشهدٍ وكأنه "مسرح الدمى".

رهف ودعاء، هما طفلتان من بين 50 طفلًا يتدرّبون في مركز المودّة الثقافي في قرية النصر جنوبي مدينة رفح، جنوب قطاع غزة، ضمن مبادرةٍ تسمى "باتريوشكا غزاوية".

بمجرد أن أعلن المركز عن المبادرة، وخصص في إعلانه الأطفال، سارعت رهف إلى الالتحاق بها، "فقد أردتُ أن أتعلم شيئًا جديدًا، وفكرة تدوير القماش لصنع الدمى جديدة، ومميزة أيضًا" تقول لـ"نوى".

وتتلخص فكرة مبادرة "بارتريوشكا غزاوية" بتدريب أطفالٍ من قرية أم النصر المهمشة، (والبالغ عدد سكانها نحو 12 ألف نسمة) على فن صناعة الدمى من المواد المتوفرة في البيئة، مثل الأقمشة المنزلية، وبقايا الأزرار، والكرتون، وغير ذلك، إضافة إلى تدريبات أخرى متنوعة في الخطابة والإلقاء والتواصل.

وحصلت جمعية "مودّة" على هذه الفرصة بعد فوزها بمسابقة للمبادرات عن طريق الهيئة العامة للشباب والثقافة، وبتمويل المركز الثقافي الماليزي. لكن لماذا سُميت المبادرة باسمٍ روسي "باتريوشكا"؟

تجيب حنين خماش منسقة المبادرة بالقول: "باتريوشكا هي دمية من التراث الروسي، على شكل امرأة مصنوعة من خشب الصندل، تحكي القصص والحكم للأطفال، وكانت منتشرة بشكل خاص في مناطق الأرياف وبين الفلاحين".

وخلال المبادرة -وفقًا لخماش- فقد تم إطلاع الأطفال على العديد من الثقافات المتعلقة ببلدان العالم، كي يعرفوا أن لكل بلد ثقافته، وأن هذا الاختلاف هو تنوّع إنساني جميل.

وتضيف: "النصر هي قرية ريفية مهمّشة لا تأخذ حقها في الدعم والاهتمام، ولهذا كنا مهتمين بتنشيط مبادرة للأطفال يكون لها صدىً كبيرًا، وهنا نحن نعيد استخدام المواد الخام بصنع شيء جميل، وفي ذات الوقت وسيلة للتفريغ النفسي في ظل ما يعانيه الأطفال في هذه المنطقة المهمشة والقريبة من الحدود، التي تتعرض بشكل دائم للعدوان الإسرائيلي".

وتضمنت المبادرة تدريب الصغار على صنع الدمى، وكذلك تدريب المدربين على كيفية حماية الأطفال من الحوادث النفسية والاجتماعية، كون المبادرة تتعامل مع فئة هشة هي الأطفال، "الذين يقطنون أماكن هشة أمنيًا بسبب العدوان، وبالتالي هناك حاجة لدعمهم نفسيًا وإشعارهم بالطمأنينية" تردف.

وحسب خماش، تتضمن المبادرة تدريبات أخرى لتعريف الأطفال كيفية التقديم لأنفسهم ومنتجاتهم، بغرض كشف مواهبهم وجعلهم أكثر قدرة على التعبير عن ذواتهم، وهذا ما برز فعليًا خلال صنع الدمى، حيث تمتع المشاركون بثقة عالية بالنفس والمنتجات التي يقدمونها.

وتحدثت خماش عن العديد من المعوقات التي واجهت المبادرة وأولها قلة التمويل، فهي تتحرك ضمن تمويل محدود في منطقة بحاجة لتدخل كبير، "وثانيًا اتساع مساحة المنطقة، وتباعد مبانيها عن مكان الجمعية، ما جعل إمكانية وصول كل الأطفال صعبة وبالتالي الاضطرار لتوفير المواصلات، واللجوء لأكثر من وسيلة اتصال كي يعلم جميع الأهالي بوجود مبادرة من هذا النوع في منطقتهم".

تكمل: "سجّل في المبادرة عددٌ كبير، ويا للأسف فهي لا تستوعب كل العدد، ويبقى أملنا أن نكمل الطريق من أجل خدمة أعداد أكبر".

عودةٌ إلى رهف التي ما زالت ومن خلال دميتها تلقي خطبةً أمام الصغار، وتحاول تقليد أصوات أبطال الكرتون المشهورين وتضحك. تقول: "أنا أصلًا أحب الخطابة، وهنا كسرتُ حاجز الخجل من الإلقاء أمام الناس. ما فعلناه في المبادرة أدخل شيئًا جميلًا إلى حياتنا".

صنعت رهف دمية أراجوز، وأهدتها لصديقتها المقربة، وتطمح اليوم لأن يتم إنشاء مسرح يعملون من خلاله على إيصال رسالتهم وصوتهم، ويؤدون فيه أدوارًا حقيقة أمام الناس، ومن خلف الستار.

اخبار ذات صلة
كاريكاتـــــير