شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 19 ابريل 2024م03:54 بتوقيت القدس

رمضان غزة.. رزقٌ في "علبة سمبوسك"

21 مارس 2023 - 13:28

قطاع غزة:

من ساحة البطالة الرحبة في قطاع غزة، اختير جمال عبده ليكون عاملًا في أحد مصانع "السمبوسك" قبل قدوم شهر رمضان. اختيارٌ يقول إنه "جاء عن طريق الصدفة"، عبر معارف، "لكنها صدفة فارقةٌ" بحياته، وفق تعبيره.

صحيحٌ أن الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة "مأساوية" بسبب ارتفاع نسب الفقر والبطالة، لكن هل لدرجة أن يعُدُّ شاب تخرّج من دبلوم المحاسبة حديثًا، عمله في صنع "السمبوسك" حظ، وفارق؟ 

كان الردّ كالآتي: "عشتُ 27 عامًا، لكن الشيب التهم نصف شعري. كان التعليم حلمًا بالنسبة لي، وفي الحقيقة لا أعلم كيف واصلت حتى حصلت على دبلوم المحاسبة. انقطعتُ عن الدراسة فترات لعدم قدرة والدي على توفير رسومي، وعملت في البناء لـ 12 ساعة في اليوم الواحد حتى انحنى عمودي الفقري. رغم ذلك واصلت لإكمال تعليمي وفعلتها".

الوظيفة حلم صعب المنال -يكمل جمال- "لكن صنع السمبوسك حلو وليس مرهقًا كالعمل السابق" يستدرك. 

ويضيف: "وردني اتصال من صديق لي يقول إن أحد المصانع يحتاج عمالًا خلال رمضان. شعرتُ أن العمل بسيط وليس متعبًا كالبناء، حتى أمي التي تعمل خياطة، ووالدي الذي يعمل حارسًا لإحدى البنايات، وشقيقاتي اللواتي يشعرن بالحزن لحال شقيقهن الوحيد، كلهم فرحوا لي".

يبلغ دخل جمال اليوم 1000 شيكل شهريًا، حيث يعمل لمدة 10 ساعات يوميًا، ويتمنى لو كان العام كله رمضان حتى يأكل الناس "السمبوسك"، ويحافظ هو على عمله فيها! "هذا هو الحلم بالطبع" يكمل ضاحكاً.

في المصنع ذاته، يصطف عشرات الشبان الذين استقطبوا لصنع هذا النوع من الرقائق. تختلف تعابير وجوههم، فبخلاف قصة جمال تبدو علامات التأفف على وجه هيثم عليان.

أخد يتمتم قائلًا: "لو لم تكن غزة تعاني الفقر والبطالة، لكنت الآن موظفًا حكوميًا أو شرطيًا! لكن راحت علينا نحن جيل التسعينيات"، وعندما وجهنا له سؤالًا عن عمله، اكتفى بالرد: "أعمل مُجبَرًا؛ لتوفير قوت أطفالي الثلاثة، لكن حلمي بالحياة أن أهاجر من هنا!".

مصطفى الشرباصي عاملٌ ثالث، يبلغ من العمر 26 عامًا. يُخبرنا بأنه ينتظر هذا العمل من العام إلى العام! منذ خمس سنوات يصنع السمبوسك في المصنع، ويفرح لإقبال الناس عليها، ولا ينفك يسأل أقاربه الذين يطلبونها: "كيف لقيتوها؟ ما هي تعليقاتكم على العجينة؟".

يشير إلى أنه يشعر بإنجازٍ كلما سمع كلمات الشكر عليها، فهذه الوجبة الخفيفة التي تجمع العائلات في قطاع غزة على حبها، لا تخلو منها المؤائد الرمضانية، وتُطهى مشويةً أو مقلية، ويتم حشوها بالجبن، أو اللحم المفروم، أو البطاطس والخضار أيضًا.

ومن مميزاتها أنها في متناول يد جميع الفئات، إذ يبلغ سعر العلبة 4 شواكل، وبها ما يعادل 30 شريحة مستطيلة من الرقائق.

والسمبوسك عبارة عن نوع من المقبّلات، تصنع من الدقيق والماء والملح، تمر بمراحل أولها خلط الدقيق، ثم العجن، ليتم تقطيعها فيما بعد إلى كرات، يتم مدها لاحقًا لتصبح رقيقة جدًا قبل أن يضعها العامل على الصاج لتُخبز قليلًا، ثم تقطع، وتصف على شكل شرائح مستطيلة في علب جاهزة للبيع والتسويق.

  

كاريكاتـــــير