شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 19 ابريل 2024م09:06 بتوقيت القدس

الرياض وطهران.. تدوير الزوايا الحادة في العلاقات الإقليمية

12 مارس 2023 - 14:45

شبكة نوى، فلسطينيات: غزة:

منذ إعلان بكيّن رسميًا نجاح مساعيها في تحقيق استئناف العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية، وإيران، بعد مفاوضات مطوّلة مع الجانبين، توالت ردود الفعل العربية والدولية، خاصة على صعيد أبعاده، ليس فيما يتعلق بالبلدين فحسب، بل بالدول المحيطة أيضًا.

في فلسطين، عدّ الكثيرون ما حدث ضربةً لمسار التطبيع الذي تنتهجه حكومة بنيامين نتنياهو، "لكن التقارب الأكبر ربما يخدم حركات المقاومة الفلسطينية"، تقول المحللة السياسية ريهام عودة لـ"نوى".

التقارب السعودي الإيراني الذي حدث بوساطة صينية بهدف إصلاح العلاقات بين البلدين، التي تضررت خلال السنوات الماضية، جاء أيضًا -وفقًا لعودة- لإنهاء الصراع في اليمن، التي تشهد نزاعًا داخليًا تدعمه أطراف خارجية، وكلا البلدين السعودية، وإيران، لديهما دور مركزي فيه.

وتابعت: "السعودية أصبحت تعي تمامًا أن إيران قوة كبيرة في الشرق الأوسط لا يمكن تجاهلها، والدبلوماسية أفضل الطرق للتقليل من مخاطر أي نزاع محتمل بينهما، فالسعودية حاولت الحصول على وعود أمريكية بتشغيل مفاعل نووي لأغراض سلمية، لكنها لم تتلقَّ أي وعود، فتولّدت قناعة لديها بأن العلاقات مع الولايات المتحدة و"إسرائيل" لا تحقق نتائج، وبالتالي، ومن منطلق رؤية أمنية، ذهبت السعودية لتحسين علاقاتها مع جيرانها.

"وكذلك فعلت إيران، التي تعلم ثقل المملكة وحجمها في الشرق الأوسط، فهي دولة نفطية لها تأثير كبير في الكثير من الملفات الدولية والإقليمية، ومن بينها الملفين اليمني والفلسطيني، وبالتالي الذهاب إلى حل دبلوماسي فيه تفادٍ لأي صراعات تزيد خسائر البلدين" تضيف.

وتتوقع عودة أن تشهد المرحلة المقبلة حلحلة في الملف اليمني، "أما على المستوى الفلسطيني، فهناك نقطتين: الأولى موقف منظمة التحرير الرسمي، والرئيس محمود عباس رحّب بالاتفاق منذ اللحظة الأولى، كما أن السلطة الفلسطينية لديها علاقات جيدة مع الجانبين قبل الاتفاق، أما الثانية، فتتعلق بالمقاومة الفلسطينية التي تدعمها إيران بشكل علني، الأمر الذي أثَّر على العلاقة بين السعودية وحماس منذ زمن، لكن يمكن أن يؤدي التقارب الجديد إلى تخفيف عوامل التوتر، وأن تشهد المرحلة المقبلة تحسنًا في العلاقة".

وزادت: "ما حدث يحسّن من فُرَص المقاومة في الحصول على دعمٍ إيراني، أما السعودية الداعمة لمبادرة السلام العربية تبقى الأكثر تأثيرًا، كونها لن تعطي للاحتلال تطبيعًا مجانيًا"، متابعةً: "وما حدث من تقارب أغضب إسرائيل، يؤثر على مسار التطبيع الذي تنتهجه حكومة بنيامين نتنياهو، الذي أراد تشكيل تحالف خليجي لمواجهة إيران، والسعودية قطعت عليه الطريق فجأة".

بدوره عزا الباحث السياسي عزيز المصري هذا التقارب إلى الحرب الدائرة في اليمن والأزمة الإنسانية فيها، وعدم وجود أفق واضح لنهاية الحرب، عدا عن تهديد الحوثيين للمنشآت النفطية والصناعية داخل أراضي المملكة بالصواريخ البالسيتية والطائرات بدون طيار، إضافة إلى ما تحمله الملفات العراقية والسورية واللبنانية من أوراق ضغط لدى الطرفين، دفعهما إلى ضرورة تسكين الجبهات، لكن احتمالات صمود الاتفاق من عدمه متساوية، خاصة على المدى البعيد فالملفات العالقة لا تُحل بسهولة كما يرى المصري.

لكن هذا التقارب يمكن أن ينعكس سلبًا أو إيجابًا على القضية الفلسطينية، انطلاقًا من الدور الفلسطيني في التعاطي مع هذه التطورات، السلطة الفلسطينية تبدو في وضع مريح فهي تقف على مسافة واحدة ومحسوبة تلقائيًا على الخليج، ولم تتورط في سياسات ضد إيران، الفصائل الفلسطينية جميعها رحّبت بالاتفاق، والساحة الفلسطينية حاليًا لا تشكّل أولوية للقوى الإقليمية في ظل اشتعال ملفات أخرى في المنطقة.

أما عن ملف التطبيع، فرغم التصريحات السلبية الإسرائيلية تجاه الاتفاق، لكن المصري لا يرى أن هذا يشكّل عائقًا أمام هذا الملف، فالشروط السعودية للتطبيع مختلفة تمامًا وبعيدة عن الملف الإيراني، والخليج عامة لديه قناعة أن إسرائيل لن تحارب نيابة عن أحد ولا الخليج سيحارب نيابة عن أحد.

أما على المستوى الفلسطيني، يرى المصري إن حماس ليست في مكانة قوية لتحديد علاقاتها الخارجية، ورغم صوتها المرتفع تجاه التطبيع الإماراتي لكنها في أكثر من مرة طلبت الود الإماراتي، وحاولت فتح قنوات دبلوماسية، رغم تصنيفها كحركة إرهابية.

 وتابع إن الساحة الفلسطينية لم تعد ذات أولوية في ترتيب الملفات والقضايا لدى الدول الإقليمية مثل السعودية وإيران وتركيا. ولكن قد يلعب هذا التوافق دورا في تسكين الجبهات الفلسطينية ولو بشكل مرحلي من خلال ضغط إيران على الفصائل الموالية لها في فترة ما ولهدف ما بالهدوء.

ويرى الكاتب والمحلل السياسي أكرم عطا الله، في مقالٍ نشرَه اليوم، أن ردود الفعل الإسرائيلية على الاتفاق الذي يحاول طيّ صفحة صراعٍ دامٍ بين طهران والرياض، انتشر مسرحه على مساحة عواصم الإقليم اعترافًا بدور إسرائيلي كبير في هذا الصراع، "وإلا لماذا يتبادل أقطاب الخلاف في تل أبيب الاتهامات ضد بعضهم بالفشل، لو لم يكن لإسرائيل دورًا مباشرًا؟" يتساءل.

وأكمل: "الرواية بدأت حين اندلعت أحداث الاضطراب، واهتزَّ الإقليم، وتبدّى للحظة الأولى أن (إسرائيل) ستكون في مأزق بفعل صحوة الجماهير العربية، لكن إسرائيل التي كانت تفكر بشكل مختلف، كانت تبحث عن كيفية تحويل الأمر إلى فرصة يمكن استغلالها وتحويلها لصالحها، ليظهر واحد من أخطر المشاريع الدامية في المنطقة في مؤتمر هرتسليا الحادي عشر، وكان البند الثالث في توصياته التي مازالت منشورة على الإنترنت لكل من أراد البحث «يجب على إسرائيل إنشاء محور سني في المنطقة، وتكون إسرائيل جزءًا منه".

بدوره، كتب المحلل السياسي د.منصور أبو كريم "أن عودة العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وإيران، تأتي في سياق سياسة إعادة تدوير الزوايا الحادة في العلاقات الإقليمية، بعد خروج ترامب من البيض الأبيض، وقدوم إدارة بايدن برؤية جديدة للشرق الأوسط لا ترتكز على مبدأ بناء تحالف إقليمي مناهض لطهران".

وتابع في منشور على صفحته في فيسبوك: "هذه الرؤية فتحت المجال أمام دول كثيرة في المنطقة لإعادة النظر في صراعاتها السياسية والاقتصادية، والانفتاح والبحث عن القواسم المشتركة بدل الصراع، لذلك وجدنا تقاربًا مصريًا تركيًا قطريًا، وأخيرًا عادت العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران، التي تمثل نهاية مأساوية لمسار التطبيع بين دول الخليج ودولة الاحتلال الإسرائيلي".

كاريكاتـــــير