شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الخميس 18 ابريل 2024م04:19 بتوقيت القدس

الدهيشة تموت حزنًا،،، عُمر صانع خبزها "استشهد"

05 ديسمبر 2022 - 15:21

شبكة نوى، فلسطينيات: الدهيشة:

لن يستيقظ سكّان مخيم الدهيشة جنوب مدينة بيت لحم بالضفة الغربية على خبزات صانع خبزهم عُمر منّاع، ولن يتذوقوا بعد اليوم حلواه التي كانت تقطر عسلًا تمامًا مثل لسانه الرطب بحُلو الكلام، فالشاب اللطيف الجميل "استشهد".

والدة عمر التي غرق وجهها بدماء ابنها وهي تقبّل رأسه وجبينه ويديه، كتمت دموعها وهي تقول للمعزّين الذين يحيطون بهم :"عمر استشهد، هو طلب الشهادة ونالها، والحمد لله على هذا النصيب".

فجر هذا اليوم، قتلت قوات الاحتلال الشاب عمر مناع "23 عامًا" إثر اقتحامها مخيم الدهيشة فجر اليوم وسط إطلاق نار كثيف، اعتقلت خلال عدوانها أربعة شبان بينهم يزن شقيق عمر، وأصيب آخرون.

بصعوبة كانت الأم تخرج الكلمات وهي تجاهد دموعًا كادت تفلت من عينيها، وتروي تفاصيل ما حدث: "إجا صحاني الفجر كان وجهه منوّر زي البدر، حضنني وحكالي في جيش، كان الجيش طالعين فوق عند يزن، وضربوه وراحت الدار فداه".

بعد اعتقال يزن كما تروي الأم خرج عمر مسرعًا، ما هي إلا لحظات حتى سمعوا أزيز الرصاص يدوّي في أزقة المخيم الذي لا تتجاوز مساحته كيلو مترًا يعيش فيه آلاف اللاجئين، وهنا كان وقت استشهاد عمر على مدخل المخيم، بعد اعتقال شقيقه مكبّل اليدين، مغمض العينين.

عمّه عطا مناع يروي للصحافيين عملية اقتحام بيتهم :"اقتحموا البيت بشكل غير عادي، ومعهم كلاب، رفعوا السلام عليّ وأحاطني أربع جنود في زاوية المنزل ثم دخلوا عند زوجتي، حينها سألوني من بالطابق السفلي فأجبت إنهم عائلة أخي، كان هدفهم يزن، ذهبوا إليه واعتدوا عليه بالضرب وحققوا معه، ثم اعتقلوه".

لدى خروج هذه القوات الخاصة، حدثت اشتباكات بالمخيم بين المواطنين الفلسطينيين العزّل وجنود الاحتلال الذين اقتحموه بقوات كبيرة ودفعوا بتعزيزات عسكرية وسط المخيم المكتظ بالسكان، وبعد ربع ساعة من المواجهات أصيب عمر في صدره بثلاث رصاصات، لكن وفقًا لرواية العم عطا، فهم لم يتوقعوا ان يكون عمر مصابًا.

قتل الاحتلال الإسرائيلي للشاب عمر مناع، أعاد إلى أذهان إلى مخيم الدهيشة للاجئين الفلسطينيين جريمة قتل الشاب أيمن محيسن في مخيم الدهيشة أيضًا قبل ستة شهور من الآن، في هذا المخيم الضي يشهد بشكل مستمر اقتحامات من قوات الاحتلال ضد الأهالي الذين يعانون الفقر والبطالة وانعدام البنية التحتية وسوء الخدمات، عاش عمر، وعلى هذا الواقع أيضًا استشهد.

مع ظهر اليوم شيع آلاف المواطنين الشاب عمر إلى مثواه الأخير في مقبرة الشهداء بمنطقة أرطاس في المدينة، وسرعان ما عمّ الحداد على روح الشاب الذي طالما تمتع بروح الدعابة وخفة الظل، ما جعله من أشهر شباب المنطقة.

جريمة قتل عمر تفتح المجال من جديد للحديث عن جرائم الإعدام الميداني التي تنفذها قوات الاحتلال بحق المواطنين الفلسطينيين، فقبل يومين فقط، أعدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي الشاب عمّار مفلح في بلدة حوارة قضاء نابلس، سبقها إعدام الشابين الشقيقين جواد وظافر الريماوي في بلدة كفر عين بمدينة رام الله، وغيرهم، حتى وصل عدد الشهداء إلى 10 في غضون ثلاثة أيام فقط.

واقع دفع الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان إلى صدر بيان يوم أمس، يدين الإعدامات خارج القانون التي ترتكبها قوات الاحتلال، حتى وصل عدد الضحايا منذ بداية العام الحالي إلى 211 مواطنًا.

ودعت الهيئة في بيانها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى تحمل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية تجاه ما يتعرض له الفلسطينيون من عمليات قتل عنصريه ممنهجة، والتحرك الجاد والفوري لوقفها، وضمان الحماية الدولية لهم، والتركيز على الأسباب الجذرية التي تسهم في مواصلة انتهاكات الاحتلال لحقوق الشعب الفلسطيني.

وطالب البيان المحكمة الجنائية الدولية البدء الفوري بإجراءات التحقيق في عمليات إعدام الفلسطينيين خارج نطاق القانون وملاحقة ومحاكمة المتورطين في اقتراف جرائم القتل بحقهم، ودعا المجتمع الدولي للتحرك الجاد لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي طويل الأمد للأرض الفلسطينية المحتلة، وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير مصيره على أرضه الذي كفلته له مبادئ القانون الدولي.

وقال رئيس الوزراء محمد اشتية، إن التعبير عن القلق لم يعد يتناسب مع حجم الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق أبناء شعبنا الأعزل، وما تتركه من آثار مدمرة تطال كل عناصر الحياة على أرضنا.

وأضاف رئيس الوزراء في كلمته بمستهل جلسة الحكومة اليوم الإثنين في مدينة رام الله، إن تكرار ارتكاب تلك الجرائم لم يكن ليحدث لولا شعور الجناة بإفلاتهم من العقاب مستفيدين من سياسة المعايير المزدوجة التي تشجعهم على مواصلة ارتكاب جرائمهم.

كاريكاتـــــير