شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الاربعاء 24 ابريل 2024م06:55 بتوقيت القدس

معبر كرم أبو سالم.. سلاح "إسرائيل" الأعنف لخنق غزة

30 اعسطس 2022 - 11:50

شبكة نوى، فلسطينيات: غزة : 

إغلاق معبر كرم أبو سالم ليس مفاجئًا بالنسبة لـ2 مليون فلسطيني/ة يعيشون تحت الحصار الإسرائيلي في قطاع غزة منذ 15 عامًا، تخللها أربعة حروب وموجات تصعيد.

فالاحتلال الإسرائيلي يستخدم المعبر لابتزاز الفلسطينيين في قطاع غزة، كونه المعبر الوحيد لمرور الوقود للسيارات ومحطة التوليد ومختلف البضائع والسلع، باستثناء التي تشملها قائمة "الفيتو" الإسرائيلية.

لثلاثة أيام قبل التصعيد الأخير مطلع الشهر الجاري وثلاثة أيام خلاله، استمر إغلاق المعبر الذي ظهرت آثاره سريعًا على كل القطاعات وتعمّقت أزمة الكهرباء.

"وكأنه إغلاق لمجرى التنفس" هكذا وصف تاجر المواد الغذائية بلال نصار الإغلاق المتكرر للمعبر، فالتجار والمواطنون يلمسون تأثيره الكارثي على حد سواء، الذي يزداد خلال أيام الإغلاق.

ويضيف نصار لـ"نوى": "يتكبد التجار خسائر مادية فادحة، في حين يفتقد المستهلك الكثير من السلع، التي تنفذ من الأسواق، فضلًا عن الارتفاع الكبير على الأسعار".

وللخسائر في هذه الحالة وجوه كثيرة -حسب نصار- فصديقه تاجر خضروات وفواكه، اضطر خلال الإغلاق الأخير إلى إرجاع شاحنة محمّلة بأطنان من الفواكه إلى مخزن في مدينة حيفا، الأمر الذي جعله يتحمل أعباء نفقات مضاعفة للنقل، فضلًا عما لحق بالفواكه من تلف.

أما سالم (اسم مستعار) فيعمل في مجال نقل البضائع داخل المعبر، يقول لـ "نوى" إن حياته وأسرته تعتمد على "رِزقة المعبر يومًا بيوم".

سالم شاب أعزب يبلغ (28 عامًا) غير أنه المعيل الوحيد لأسرته المكونة من والديه وشقيقتيه، ويقول: "والله تعبت من الهموم والتفكير (..) لا أنا عارف أتزوج ولا أبني مستقبلي".

فكر سالم في الزواج والسعي للحصول على تصريح للعمل في "إسرائيل"، لكنه تراجع خشية ألا يجد تصريحًا ويتورط في ديون الزواج. يستدرك: "العمل في المعبر جيد لو كان متواصلًا ودون حصار، لكن قيود إسرائيل والإغلاق المتكرر يؤثر علينا".

معبر رفح بديلًا

بعد عدوان مايو 2021م على قطاع غزة، شهدت الحركة التجارية على معبر رفح نشاطًا ملحوظًا، وحسب بيانات وزارة الاقتصاد التي تديرها حماس في قطاع غزة، فقد ارتفعت الواردات عبر مصر 17% بعد أن كانت لا تتجاوز 3% حتى عام 2017م، فضلًا عن دخول مواد ومعدات مصرية لأول مرة إلى قطاع غزة. هذا التحسن دفع إلى التساؤل حول إمكانية الاستغناء عن معبر كرم أبو سالم والتحوّل إلى معبر رفح.

ورغم التطور التجاري الملحوظ على معبر رفح مع مصر، إلا أن مدير عام السياسات والتخطيط بوزارة الاقتصاد في القطاع د.أسامة نوفل يرفض التحوّل التجاري نحو معبر رفح لأبعاد سياسية، كي لا يتم منح إسرائيل بصفتها دولة احتلال الفرصة للتخلّي عن مسؤولياتها القانونية تجاه غزة، والتزاماتها بتوفير الاحتياجات الأساسية والإنسانية.

وقال: "هذا أمرٌ مرفوض فلسطينيًا، وهو بالإضافة إلى كونه يعفي إسرائيل من مسؤولياتها، فإنه يفصل غزة عن الضفة كليًا، ويعمّق الانقسام الفلسطيني الداخلي، والبديل كحل لمشكلات غزة وأزماتها ينبغي أن يكون بممارسة ضغوط حقيقية على الاحتلال لرفع حصاره بشكل كامل ونهائي".

وأكد نوفل أهمية استمرار الحركة التجارية بين غزة والضفة، والعمل باستمرار على تطويرها وتنميتها، وفي هذا الإطار يندرج التوافق الأخير على "الإعفاء الضريبي" المتبادل للمنتجات المحلية، ووفقًا لتقدير نوفل فإن "مصانع وشركات الضفة الغربية تورد لأسواق غزة أضعاف ما تورده غزة إليها".

ولمعبر كرم أبو سالم – والحديث لنوفل- خصوصية لجهة المساعدات الدولية التي تصل غزة، وإغلاقه يمثل عقبة أمام المانحين، فضلًا عن وجود سلع لا يمكن استيرادها إلا عبر "إسرائيل"، وأبرزها المواد الخام و70% من حاجة السوق من المواشي، وتمثل الواردات عبره أكثر من 80% من حاجة السوق في غزة، فضلًا عن كونه منفذًا للتصدير من غزة سواء إلى الضفة أو الخارج.

ومع تأكيده على المصلحة الوطنية من استمرار عمل معبر كرم أبو سالم، لكن نوفل يرى أهميةً لتطوير الحركة التجارية مع مصر، فهذه الحركة شكّلت بديلًا مهمًا عندما منعت وقوع كارثة خلال جولة العدوان الأخيرة على القطاع، والتي أثرت بشكل كبير على مخزون البضائع ذات المخزون المحدود كالقمح والأعلاف والوقود.

العصا والجزرة

وتتفق المحللة السياسية د.عبير ثابت مع نوفل، فيما ذهب إليه بخصوص أهمية معبر كرم أبو سالم من الناحيتين السياسية والتجارية، وتقول لـ "نوى": "هذا المعبر بمثابة شريان الحياة بالنسبة لغزة، ويبقي على روابطها مع الضفة الغربية عبر التبادل التجاري".

وأضافت: "الاحتلال عندما أغلق في سنوات سابقة ثلاثة معابر تجارية أخرى كانت تمد غزة بالبضائع والوقود والاحتياجات الإنسانية، وأبقى على كرم أبو سالم كمعبر تجاري وحيد، كان يقصد ممارسة هذا الضغط والابتزاز، عبر إغلاقه المتكرر والتحكم في آلية الحركة التجارية، بذرائع أمنية واهية".

ووضعت ثابت ممارسات "إسرائيل" تجاه الفلسطينيين في غزة والضفة على حد سواء في إطار سياسة "تجزئة الصراع وتحييد الخصوم"، وقالت: "الاحتلال يستخدم العصا والجزرة مع الفلسطينيين، ويوظّف سيطرته على المعابر وتحكّمه بها، وما يمتلكه من قدرة على منح تسهيلات اقتصادية وتصاريح للعمل، من أجل تحقيق غايته بالتجزئة والتحييد دون أن يتحمل أي أثمان سياسية".

وتدرك "إسرائيل" أن حركة حماس تواجه "وضعًا محرجًا" بعدم قدرتها على إيجاد حلول لأزمات خانقة تعاني منها الغالبية من الغزيين، في ظل تفاقم الفقر والبطالة، ما يجعل الفرصة سانحة إسرائيليًا لابتزاز الحركة للمحافظة على حالة الهدوء، بحسب الدكتورة ثابت.

وعن الخيارات المتاحة فلسطينيًا، قالت ثابت: "إن الفلسطينيين مكبّلين بالاتفاقيات السياسية والاقتصادية مع إسرائيل، التي تتمنى لو تتخلص نهائيًا من مسؤولياتها تجاه غزة وتلقي بها على عاتق مصر، إلا أن الأخيرة تدرك ذلك وترفض الأطروحات الإسرائيلية، انسجامًا أيضًا مع الرفض الفلسطيني".

لكن هذا الرفض وحده ليس كافيًا، ويتوجب علينا كفلسطينيين -والحديث لثابت- إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة والاتفاق على برنامج وطني للخلاص من الاحتلال، وغير ذلك تبقى "حلول ترقيعية".

ولتثبت ما يواجهه الفلسطينيون من "واقع محزن" قالت ثابت: "على المسؤولين إلقاء نظرة على صفحة ما يسمى بـ "المنسق" وتفاعل شباب يدفعه اليأس إلى التفاعل الإيجابي مع هذه الصفحة بحثًا عن تصريح عمل".

كاريكاتـــــير