شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 29 مارس 2024م13:43 بتوقيت القدس

نظّارتي الطبيّة.. صديقتي التي أكره!

22 يونيو 2022 - 12:05
مرام سالم

النظارة الطبية، تلك الصديقة التي أكرهها. إن كنت ترتديها وأنت تعاني من طول النظر أو قصره، فأنت تعرف جيِّدًا عمّا أتحدث، وإن لم يسبق لك أن ارتديت أيَّ نوع من النظّارات، فأنا أحسُدك كثيرًا!

اعتدت منذ صغري التظاهر بأني طبيبة، وارتبط هذا بمخيِّلتي بالنظارة الطبية، وبشكل سرّي تمنيت أن أرتدي واحدة، وللأسف بدأت معاناتتي منذ سنِّ 12 عامًا، مع أسوأ كوابيسي الصحية.

ليس سهلًا أبدًا أن تضطر لمتابعة طبيبك الخاص كلّ 6 أشهر، إلى أن تبلغ من العمر (18 عامًا)، كانت اللحظة الحاسمة بالنسبة لي حين توقّف الطبيب عن استخدام اللوحة لقياس درجة ضعف البصر لديّ، وانتقل لاستخدام أصابع يده، التي لم أعد قادرة على رؤيتها عن بعد مترين. ضحك الطبيب يومها وقال: "أنت لا ترين يدي أليس كذلك؟ يا حلاوتك!".

ماذا يعني أن ترتدي طفلة لا تتجاوز 12 عامًا، نظّارة؟ الأمر سهل! كثير من زملائك في المدرسة سينادونك بصاحب/ـة "العيون الأربع"، كم هذا مبتذل؟! وكنت تظن أنه بعد عقود من اختراع النظارة سيجدون لقبًا أكثر إثارة! ولكنّ هذا يبقى أسهل من "الحوادث المؤسفة" التي تحصل لك، فكل من يرتدي نظارة يعرف جيِّدًا أن هناك خيطًا رفيعًا بين عدسة مكسورة وغير مكسورة. أذكر أني أمضيت يومًا كاملًا في المدرسة وأنا أستخدم عدسة واحدة فقط، صدِّقوني لا تريدون أن تعرفوا ما الذي يعنيه أن ترى بخُمسِ نظرك فقط!

والأسوأ من عدسة مكسورة هي النظارة "الفالتة". كيف ولماذا وأين ذهب "البرغي" الذي يربط إطار العدسة فأنت لا تعرف! عادة كنت أستخدم عود خشب لتثبيتها؛ كانت تمرُّ أيام طويلة وأنا أستخدم إبرة.. لا أنصحكم بعمل هذا، ستحتفظون بندبة قرب أعينكم، وإلى الأبد.. لا تسألوني ماذا حدث؟!

وبما أننا نتحدث عن الندوب، هل لاحظتم يومًا أن البعض لديه ندبتين على رأس أنفه من جهة اليمين واليسار؟ نعم هذه الندوب الدائمة تظهر بسبب ارتداء العدسات، وكل مراكز البصريات سيكذبون عليك بأنواع كثيرة يقولون إنّها لن تترك ندوبًا، ولكن صدقوني.. هذا لا يفلح أبدًا!

أمّا مطر الشتاء - الفصل المُفضّل لديّ- فيمكن اعتباره أيضًا فصل "العذاب". لمن لا يرتدون النظارات، تخيّلوا أن المطر يسقط على نوافذ منازلكم، ويجب أن لا تتوقفوا عن تجفيفه لكي تروا جيِّدًا! أمر صعب أليس كذلك؟ وتخيّلوا أيضًا أنّ هذه النوافذ هي عدسات قريبة جدًا من أعينكم تستخدمونها لتوضيح الرؤية! أذكر أنّي أمضيت ساعات في محاولة لتصميم "ماسحات زجاج" صغيرة، لعلّها تتناسب مع نظارتي!

هذا ينطبق أيضًا على الأطعمة والمشروبات الساخنة، حينما سترتدي نظارة فأنت لن تستمتع بوجبة ساخنة أبدًا، فنظارتك مصنع تكثيف مياه مُصغَّر!
وعزيزتي حواء التي ترتدي نظارات طبية، أنت تعرفين جيِّدًا أنه ومهما حاولتِ وضع المكياج على عينيك فهذا لا ينفع أبدًا.

أمّا فقدان النظّارة الخاصّة، فهو العذاب الحقيقي؛ صحيح أنّك تكره نظّاراتك، ولكن من الصعب أن تتخيّل حياتك دونها. عادة لا أبكي كثيرًا، لكنني انفجرت باكية حين اختفت ذات مرّة. تسألونني كيف فقدتها؟ لم أفقدها في الحقيقة، ولكنها كانت بجانب المنضدة، غير مرئية لي، لأنني لا أرى جيِّدًا!

عدّة مرات كُنت على وشك الموت؛ فيحدث أن أقع في الحفر، أو أكون على وشك أن تصدمني سيارة ما، لأنّ نظّارتي تهشّمت، ولم أعد قادرةً على الرؤية. 
لكن وبرغم ذلك، فإن من لا يرتدي النظارات، لا يعرف روعة اكتشاف عوالم جديدة حين شراء النظّارة، ففي إحدى المرات، وبينما كنت أجرب نظارة جديدة، اكتشفت منزلًا جديد البناء في نهاية شارع حارتنا! نعم النظارة تساعدك على خوض المغامرات! ويمكنك أيضًا أن تلقي باللوم على ضعف رؤيتك، حين يتعلّق الأمر بسوء دقة تنظيف غرف المنزل. أمّا الأضواء فإنها تصبح أضعاف أضعاف حجمها الطبيعي، يحدث أن ترى القمر أكبر بكثير مما هو عليه، دون نظّارة!

على أيّ حال، ابقوا أصحاء، وكفاكم الله أطباء العيون.

منقول عن ألترا فلسطين

كاريكاتـــــير