شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الثلاثاء 16 ابريل 2024م21:10 بتوقيت القدس

الرصاص واليورانيوم ومواد كيماوية أخرى..

أراضٍ أمطرتها صواريخ "إسرائيل" فرُويت بـ"سُم الشظايا"

02 ديسمبر 2021 - 12:44

غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:

خلال العدوان الأخيرة على قطاع غزة في مايو/ آيار الماضي، كشفت وزارة الزراعة أن قيمة الأضرار والخسائر الأولية التي تكبدها القطاع الزراعي بلغت 27 مليون دولار.

آلة الحرب الإسرائيلية قصفت آنذاك مئات الدونمات من الأراضي وعشرات المنشآت الزراعية، كما استهدفت مخازن ومستودعات مستلزمات الإنتاج الزراعي بشكل مباشر، لتكون الحصيلة النهائية للخسائر أكبر من ما كان متوقعًا بكثير.

الوزارة أعلنت بعد توقف آلة الموت الإسرائيلية، أن إجمالي الخسائر  بلغ نحو 204 ملايين دولار أمريكي، مقسمة إلى: خسائر مباشرة بقيمة نحو 126 مليونًا و30 ألفًا، وخسائر غير مباشرة وصلت إلى 78 مليونًا و690 ألف دولار، ناهيك عن الخسائر التي نجمت عن عدم تمكين المزارعين من الوصول إلى أراضيهم وممارسة أعمالهم الزراعية.

حصر الوزارة للأضرار، أوضح أن خسائر القطاع الزراعي شملت تلف مئات الدونمات الزراعية، من خضار وأشجار، نتيجة الاستهداف المباشر، أو انقطاع مياه الري خلال فترة العدوان.

"والتربة أيضا دفعت الثمن، ولم تعد صالحة للزراعة، بل إن هناك مزارعين أعادوا زراعة أراضيهم، وسينتظرون لسنوات حتى يتمكنوا من الانتفاع منها"، فيما تضررت 490 منشأة زراعية من مزارع حيوانية، وحمّامات زراعية، وآبار، وشبكات ري.

خسارة متراكمة

سمير الريس، هو أحد ملاك الأراضي الزراعية في منطقة المنطار، وله أرض بمساحة 170 دونمًا في جبل الريس أصابتها حوالي 20 قذيفة، ما تسبب بتغير لون التربة الزراعية، حتى تحول الطين إلى سواد.

حاول الريس إصلاح الأرض وزراعتها من جديد، لكنه لا يعلم إذا ما كانت التجربة ستنجح مرةً أخرى أو لا، "فهذه المرة كان الضرب أكثر من أي مرة، وبشكلٍ لا يتخيله عقل، لقد خسرنا أشجارًا معمرة عمرها عشرات السنوات" يقول.

تجريف الأراضي بهذا الشكل، كان مثيرًا للخوف بالنسبة للريس، الذي بات يعتقد بأن أرضه لن تنتج أي محاصيل قبل مرور خمس سنوات، خاصةً محاصيل الحمضيات التي لا تطرح ثمارها قبل مرور سنوات طويلة.

يضيف: "القصة ليست قصة الشجر الذي خسرناه، ولكن في تكلفة الزراعة لشتائل جديدة للحمضيات، قد تستغرق خمس سنوات حتى نعرف إذا ما كان يمكن استصلاح الأرض، أم أنها غير صالحة للأبد (..) إنه مخسر تراكمي لسنوات طويلة".

المزارع أبو أحمد، صاحب أشجار زيتون، وتقع أرضه شمال القطاع، وقد تلقفت الكثير من الصواريخ هي الأخرى. لكن كان لصاحبها قرار آخر وهو عدم إعادة زراعة الأرض.

يقول لـ "نوى": "أنا لا أستطيع تحمل التكاليف ولا الانتظار"، وبهذا أوقف عمل أكثر من 27 عامل للأبد، فكل عائد من أرضه الواسعة البالغة مساحتها مئة دونم انتهى، بالإضافة إلى خسائر وصلت لـ(150) ألف دينار، وإذا قرر إعادة زراعتها فإنه سيدخل مغامرة غير محسوبة العواقب على حد تقديره.

أرض منكوبة

الدكتور محمد الأغا المختص بقضايا البيئة، تحدث بدوره عن الأضرار التي أصابت التربة، وجعلتها غير قابلة للزراعة مرة أخرى، ذلك بسبب نوعية الصواريخ التي أطلقها الاحتلال على الأراضي الزراعية متعمدًا، فقال: "تلك الصواريخ رفعت نسبة "اليورانيوم" في التربة، وبالتالي أصبحت غير صالحة للزراعة ما اضطر الكثير من الزارعين إلى تغيير التربة مسبقًا حتى تصلح مرة أخرى للزراعة".

ويشير الأغا إلى أن هناك أراضٍ –لا سيما الحدودية- تعرضت للقصف أكثر من مرة، وبالتالي لم تعد صالحة للزراعة، "بل إن المزارعين لم يعاودوا المحاولة كونهم يعرفون أن الخسائر ستكون أكثر من الأرباح، فنوع القذائف وعدده يحددان مدى صلاحية الأرض للزراعة".

جزء كبير من هذه القذائف ذات نوعية جديدة، وقد فحصت من قبل بعثات أوروبية أثبتت وجود مواد مشعة في التربة، وأكدت خطورتها على النباتات -حتى لو أعيدت زراعة الأرض وأثمرت- فهذه المواد تبقى لفترة طويلة في الأرض وتؤثر على المحاصيل، على حد قول الأغا.

وهناك العديد من المواد المتفجرة والمشعة بأنواع مختلفة، اختلطت بالتربة، يسميها الدكتور الأغا "المفاعلات النووية"، كون نفاياتها تختلط بهذه النوعية من المتفجرات أثناء التصنيع، وبالتالي تتسرب المواد المشعة إلى التربة، وتسبب تلوثها بهذه المواد الخطيرة.

وقد حاول المزارعون تبديل التربة بما يسمى "عملية الغسيل"، لكن هناك أراضي فقدت خصوبتها رغم خضوعها لهذه العملية، ولم تعد تصلح للزراعة لاحقًا، فيما بات أغلب المزارعين يفضلون عدم زراعة أراضيهم مرة أخرى -حسب الأغا- لأن التلوث قد ينتقل إلى الثمار.

خسائر إلى الأبد

"أكثر من 25% من الإنتاج الزراعي لقطاع غزة فُقد بعد الحرب الأخيرة"، هذا ما قاله الدكتور نزار الوحيدي المختص بالقضايا الزراعية، ووكيل وزارة الزراعة سابقًا، إذ لفت إلى أن "الشريط الحدودي الموازي لقطاع غزة من الشوكة جنوب القطاع، إلى بيت حانون، وبيت لاهيا شمالًا، يعد منطقة مطاردة، وقد وسعها الاحتلال كثيرًا ودمر المزارع فيها، وجرفها عشرات المرات، ورشها بالمبيدات مرتين في السنة، ما جعلها مستهدفةً دائمًا وغير آمنة".

"في العدوان الأخير، تضررت التربة بل أعدمت" على حد تعبير الوحيدي، ففي كل مرة تضرب الأرض على عمق قطره 12– 25 مترًا، فتنثر التربة في الهواء، وفي كل مرة يدك فيها الاحتلال هذه الأرض يتكرر نفس الأمر، وبالتالي فإن مساحة 25000 دونمًا لم تعد صالحة للزراعة، "بالإضافة إلى ما تبع ذلك من فقدان للموارد الطبيعية، والآبار، وشبكات الري في المنطقة".

كاريكاتـــــير