شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 29 مارس 2024م16:01 بتوقيت القدس

تخدم كل محافظات القطاع.. غزة..

حربٌ وفقرٌ وبطالة ومشفى واحدة للأمراض النفسية!

21 سبتمبر 2021 - 20:31

شبكة نوى، فلسطينيات: غزة – شبكة نوى :

رغم تسجيل زيادات مطّردة في نسب الاضطرابات النفسية داخل قطاع غزة، "إلا أن مشفىً واحدًا قد يكون كافيًا في بقعةٍ كغزة لو كان مؤهلًا بشكلٍ جيد" هذا ما يؤكد د.سامي عويضة، الطبيب المعالج في برنامج غزة للصحة النفسية، مستدركًا: "لكن هذا لا ينطبق على وضع مشفى الأمراض والاضطرابات النفسية الموجود في قطاع غزة".

ويخدم كافة محافظات قطاع غزة مستشفى نفسي وحيد (حكومي)، أُنشئ عام 1980 على مساحة 6000 متر مربع، في حي النصر قرب مفترق العيون وسط مدينة غزة، تصل قدرته الاستيعابية إلى 50 سريرًا فقط، موزعة بين ثلاثة أقسام: رجال، ونساء، وأطفال، إلى جانب قسم المدمنين.

وتبعًا لتقارير إحصائية فإن الإصابة بالأمراض النفسية ارتفعت عام 2020م، بنسبة 62% مقارنة بالعام الذي سبقه، حيث كان للاكتئاب نصيب الأسد من الانتشار، تلته الاضطرابات المعرفية، ثم مرض الفصام العقلي.

ويقول تقرير لوزارة الصحة الفلسطينية نُشر مطلع العام الماضي: "إن أكثر من 89 ألف زيارة ومراجعة لمشفى الطب النفسي والعيادات النفسية سُجلت خلال 2019م، على مستوى محافظات قطاع غزة.

وأظهر توزيع الحالات المسجلة –حسب التقرير- أعلى الأرقام في مدينة رفح جنوبًا، ثم غزة، فيما كانت الفئة العمرية (30-39) عامًا، الأكثر عرضة للاضطرابات النفسية بنسبة 34.7%، تلتها الفئة العمرية (20-29) عامًا بنسبة 22.6% وغالبيتهم من الذكور.

وسجّل قطاع غزة عام 2018م، نسبًا مرتفعة لحالات الانتحار حيث تجاوز العدد 20، ناهيك عن 504 محاولات لإنهاء الحياة، أكثرها ضمن فئة الشباب.

د.عويضة، الذي أكد أن "ليست كل الحالات تحتاج دخول المستشفى"، قال "إن إجراءات عديدة اتُخذت على مستوى العيادات الصحية بعد دمج الصحة النفسية مع الرعاية الأولية في عيادات ومشافي القطاع، وهذا من شأنه التخفيف من حدة الاضطرابات قبل تطورها لما هو أبعد".

ويؤكد د.عويضة، أن الثقافة المجتمعية تلعب دورًا مهمًا في العلاج النفسي داخل العيادات المتخصصة، منبهًا إلى أهمية العمل على رفع الوعي المجتمعي في هذا الجانب، "فكثير من الناس ما زالوا يتعاملون مع الأمراض النفسية كوصمة".

ويشير عويضة إلى أن الحالات المحولة من البرنامج إلى مشفى الطب النفسي –على الأغلب- هي تلك التي قد تحمل ضررًا لنفسها أو لغيرها مثل: "حالات الانتحار، والفصام الذهاني، ومرضى الهوس أو اضطرابات الشخصية "الشخصية الحدية"".

ويتابع: "الواقع يشير إلى زيادة واضحة في الاضطرابات النفسية التي باتت تصيب الناس بسبب الأوضاع الاقتصادية، أو لتكرار الاعتداءات الإسرائيلية".

معيار أساسي

من جانبه يشدد هشام المدلل مدير التنمية البشرية في الإدارة العامة للصحة النفسية، على أن المعيار الأساسي لدخول المشفى النفسي مرتبط بحجم الخطر الذي يشكله المريض على نفسه أو على من حوله، "وهؤلاء غالبًا هم أصحاب الأعراض الذهانية، مثل الضلالات، أو الاعتقادات الخاطئة، أي أولئك المنفصلين عن الواقع بشكل كامل".

وفي واقع قطاع غزة، فإن النسب الأعلى للأمراض النفسية تسجل للاكتئاب والقلق العام، والصدمات النفسية، "لكن المعضلة تكمن في أن هذه الأمراض تتطور فيما بعد ضمن أعراض ذهانية، مما يستدعي التدخل من قبل مشفى الطب النفسي"، بحسب المدلل.

ويرى أن الأزمة ليست فقط في قدرة المشفى الاستيعابية، وإنما في توفر الأدوية النفسية، فمرضى الذهان تتسم أدويتهم بطابع مزمن، وهؤلاء المرضى هم أساسًا من ذوي الدخل المحدود ويجدون صعوبة في توفيرها.

ويقول المدلل: "إن سلطات الاحتلال تتشدد في إدخال الأدوية النفسية، وتفرض رقابة عالية على دخولها"، منبهًا إلى أن عدم توافرها أو انقطاعها لفترة، يعرض المريض لانتكاسة قد تشكل خطرًا على حياته أو حياة من هم حوله بسبب ميله للعنف.

ويضيف: "شهدنا العديد من حالات العنف المجتمعي نتيجة الانتكاسة النفسية الناتجة عن عدم توافر الأدوية، ونسب احتمال حدوث الانتكاسة في ظروف مثل ظروف قطاع غزة عالية".

نسب وأرقام!

ويفسر مدير التنمية البشرية في الإدارة العامة للصحة النفسية ارتفاع نسب الإصابة، بأن لقطاع غزة خصوصيته إذ يواجه أزمات ذات طابع مستمر وتراكمي، وجميع الدراسات والإحصاءات التي أجريت تؤكد ارتفاع نسبة الأمراض والأعراض النفسية التي تواجه السكان.

زيادة معدلات الإدمان!

وتحدث المدلل عن زيادة ملحوظة في عدد المدمنين في قطاع غزة، ما دفع الإدارة العامة للصحة النفسية إلى استحداث قسم الفطام، وهو مركز لإعادة التأهيل من أجل مساعدة المتعاطين في المشفى، وقد ارتادته 230 حالة فور افتتاحه في عام 2017.

وعلى الرغم من تسجيل نسبة تعافٍ جيدة، إلا أن العديد منهم يعودون للإدمان، لأن الظروف البيئية المحيطة بغزة لا تزال مستمرة، وفي الوضع الطبيعي في أي دولة تصل نسبة الانتكاسة في التعافي من الإدمان إلى 80%، "لكن في غزة يدخل المريض بنفس الظروف التي أجبرته على الإدمان أو المرض النفسي، بالتالي فإن نسبة التعافي قليلة جدًا"، بحسب المدلل.

ويشير إلى دراسة أجرتها منظمة الصحة العالمية عام 2017 حول الإدمان في غزة، قدرت عدد المدمنين في القطاع بأكثر من 10 آلاف شخص فوق سن الخامسة عشرة، يتعاطون موادًا عالية الخطورة، "وهذه الدراسة لا تشمل إدمان الحشيش".

واستنادًا إلى ذلك يؤكد المدلل أن مشفى واحد في قطاع غزة لا يكفي، "حيث تخطط وزارة الصحة لبناء مشفى آخر في شمال القطاع، بقدرة استيعابية تصل إلى 160 سريرًا، وهذا الرقم مع الأسرة المتوفرة بمشفى غزة، يتناسب مع عدد السكان.

كاريكاتـــــير