شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الثلاثاء 16 ابريل 2024م14:06 بتوقيت القدس

اقتصادٌ متدهور وأزمة كهرباء..

"كورونا".. كصفعة الغفلة أصابت خدّ "غزة"

28 اعسطس 2020 - 21:32

خانيونس:

بخجلٍ شديد طلبت "أم قاسم" من جارتها بعض أرغفة الخبز. هذا اليوم، لم تتمكن المرأة الأربعينية –وهي أمٌ لسبعة أطفال- من تحضير الخبز بسبب الكهرباء التي لم تزر المنزل إلا في ساعات الفجر الأولى، لتغادره بعد شروق الشمس بقليل.

رغم أن جارتها -التي انتهت لتوّها من خبز العجين في فرن الطين- لم تبخل بالعطاء، إلا أن فكرة "طلب الخبز" نفسها كانت ثقيلةً على قلب أم قاسم، التي قالت: "نحن اليوم نعيش ضغوطاتٍ أكبر من طاقتنا، نلتزم بالحجر المنزلي في ظل ارتفاع درجات الحرارة، وانقطاع التيار، وننتظر رواتب لا نعلم متى يمكن صرفها".

أم قاسم: حتى لو تم صرف رواتب الموظفين، فبأي طريقة سيمكنهم استلامها؟ ولو استلموها، كيف يمكن أن يصلوا الأسواق

"خلال أربعة أيام داخل البيت، كادت العائلة تستنفذ كل ما هو متوفر من الغذاء" تضيف أم قاسم، التي تساءلت بانفعال: "حتى لو تم صرف رواتب الموظفين، فبأي طريقة سيمكنهم استلامها؟ ولو استلموها، كيف يمكن أن يصلوا الأسواق لشراء احتياجاتهم؟".

بلا سابق إنذار، مرةً أخرى يعود قطاع غزة –بقرارٍ من وزارة الداخلية فيه- إلى حالة الطوارئ، تلك التي عاشها مطلع آذار/ مارس الماضي، بعد إعلانها من قبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الفرق فقط هذه المرة، أن "الوباء تسلل بالفعل إلى غزة".

استثنائية وضع قطاع غزة، عن كافة المناطق والبلدان التي أصابتها الجائحة، يكمن في أن "كوفيد 19" باغتها بينما هي تعاني من أزمةٍ حادة في الكهرباء بمعدل 4 ساعات وصل وسط 20 ساعة قطع، وهو الأمر الذي ألقى بظلاله على وصول المياه للمنازل، ناهيك عن أن القطاع يعاني منذ 14 عامًا هي عمر حصاره من قبل الاحتلال الإسرائيل، أزمات اقتصادية متلاحقة، في ظل تقليص رواتب الموظفين، وارتفاع نسبة البطالة، واتساع مساحة الفقر التي فاقت 75%، في الوقت الذي تعاني فيه 68.5% من الأسر من انعدام الأمن الغذائي.

رنا: لحظر جاء فجأة، وأنا بالكاد أتمكن من تأمين طعام أطفالي بعد اقتطاع أجرة المنزل والخدمات الأساسية

"ماشيين بستر ربنا، الله يعدي هالأزمة على خير"، قالتها رنا محمود، الأم لأربعة أطفال يعيشون بلا معيل، مضيفةً: "نعيش على قدر المتوفر، الحظر جاء فجأة، وأنا بالكاد أتمكن من تأمين طعام أطفالي بعد اقتطاع أجرة المنزل والخدمات الأساسية من ماء وكهرباء".

وتابعت: "عادةً، آخذ من البقالة المجاورة كل احتياجاتي على وعد التسديد بمجرد أن تصلني حوالة زوجي التي يرسلها شهريًا، لكن اليوم حتى الحوالة ستتأخر، وقد لا تصل لفترةٍ غير بسيطة، ولا أعلم ماذا قد يحمل لي الغد"، متحدثةً عن يقينها بأن "غزة عصية على كل الأزمات وسوف تتمكن من هزيمة الوباء".

وكما الكثيرين، سمعت رنا عن مساعداتٍ يتم تقديمها للأسر المحتاجة، أو حتى تلك التي تعتاش على مردود العمل اليومي، "لكن ها هو اليوم الرابع من أيام الحجر ينقضي ولم يصل أي شيء لبابي، لا أنا، ولا حتى أي أحدٍ من أقاربي" تكمل.

البلبيسي: تمديد الحظر لأيامٍ أخرى، سوف يسهم في نفاد المواد الغذائية من بيوت آلاف الأسر المستورة

بدورها، ترى الصحفية ماجدة البلبيسي أن تمديد الحظر لأيامٍ أخرى، سوف يسهم في نفاد المواد الغذائية من بيوت آلاف الأسر المستورة، لا سيما وأن توقيت الجائحة تزامن مع ظروف اقتصادية ومعيشية غاية في الصعوبة تلفُّ أهالي القطاع.

وتقول: "حتى الموظفين لن يتمكنوا من تلبية احتياجات أسرهم في ظل هذه الأوضاع، وما يزيد الطين بلة، أن انقطاع التيار الكهربائي، حال دون تخزين أي من الأطعمة واللحوم في المجمدات البيتية"، داعيةً الأسر ميسورة الحال، ورجال الأعمال المقتدرين في عموم فلسطين، إلى دعم الأسر المحتاجة، والشرائح التي  تأثر عملها بالجائحة وفرض حظر التجول.

شمعون: أن تأتي الكهرباء في الثانية والنصف فجرًا، يعني أحد أمرين، أما أن تكوني نائمة، فلا تشعري بقدومها، أون أن تكوني جالسة في انتظارها طوال الوقت

وفي السياق، كانت الكاتبة هداية شمعون، وضعت في منشور "فيسبوكي" تصورًا لوضع المرأة في ظل الجائحة، التي جاءت متزامنة مع الأزمة الحادة في الكهرباء، وصولًا لأقل عدد ساعات وصل، فقالت: "أن تأتي الكهرباء في الثانية والنصف فجرًا، يعني أحد أمرين، أما أن تكوني نائمة، فلا تشعري بقدومها، أون أن تكوني جالسة في انتظارها طوال الوقت، لتنجزي ما عليكِ من مهام منزلية تحتاج للكهرباء، كالغسيل مثلًا، ناهيك عن متابعة أوضاع ما تبقى من لحوم أو خضار في ثلاجتك، ومدى مقدرتها على الصمود في ظل عدم القدرة على الخروج من المنزل لمن يملك المال، وعدم القدرة على التفكير بالأمر من أصله لمن لا يمتلك المال".

وطالبت شمعون الحكومة، بالعمل على تسهيل مهمة الحجر المنزلي على الأسر في قطاع غزة، والسعي لحل أزمة الكهرباء حتى يتمكن المواطن على الأقل من الصمود في وجه هذه الأزمات المتتابعة "فالاحتياج الإنساني ليس شكلًا من أشكال الرفاهية" تقول.

ورغم أن خد قطاع غزة اعتاد على اللطم، لا تدري أم خالد الهباش كم سيكون بمقدار أسرتها الصمود دون حاجة للتسوق بفضل الأطعمة المخزنة في المنزل، علّقت بعبارةٍ مختصرة فقالت: "كل جهة تتحمل مسؤوليتها قدام هالشعب، بيكفي اللي قاعد بيصير فينا، مش بكفي لا ميه ولا هوا".

كاريكاتـــــير