شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم السبت 20 ابريل 2024م05:25 بتوقيت القدس

قلق أهاليهن أكثر ما يؤلمهن..

"كورونا".. مخاوفٌ تعيشها "المغتربات" من غزة

12 ابريل 2020 - 17:22

شبكة نوى/ فلسطينيات:

الطُرق في إيطاليا لم تعد تؤدي إلى روما، ولا إلى أي مدينةٍ أخرى، "تورينو" التي تقيم فيها الطالبة الفلسطينية روزان الفرا صارت مدينة أشباح بعد انتشار الجائحة بإيطاليا، كل من راحوا ضحية المرض غادروا دون جنازةٍ أو حتى وداع.

روزان التي تدرس الماجستير في تخصص التعاون الدولي، بجامعة "تورينو"، في المدينة التي تحمل الاسم نفسه، وتتبع لمقاطعة "بييدمونت" شمال البلاد، كانت عائدة من العاصمة البريطانية لندن من أجل الاستعداد لبدء الفصل الثاني في الجامعة، فوجئت بإجراءات الحظر، وإغلاق الجامعات وفرض القيود على الحركة والتنقل.

تقول: "منذ شهر بدأ الوضع يسوء هنا، حاولت السفر إلى العاصمة روما، لعلي أستطيع التحرك من هناك إلى أي مكان آخر، لكن أغلب التذاكر كانت قد أُلغيت، وحين فكرت في العودة إلى غزة عن طريق مصر أو الأردن لم أستطع حجز تذاكر طيران فكل المطارات مغلقة".

الفرا (22 عامًا) تعيش في سكن طلبة منذ عام، إلا أنه اليوم بات يخضع لقيود مشددة على خروج الطلاب ودخولهم خوفًا من انتشار الفيروس، فكان من الصعب العودة إليه إلا بعد أن قدمت إفادة من المستشفى بخلوها من المرض.

تضيف: "جميع الإيطاليين في السكن، عادوا إلى بيوت أهاليهم، وبعض الأجانب إلى دولهم إلا أنني بقيت هنا، أتابع دروسي عبر الإنترنت مع أساتذتي، وأعمل على تكليفاتي لأتغلب على هواجسي المتعلقة بالفيروس، وكان هذا أفضل حل بالنسبة لي في ظل غياب حل بديل، حيث تبدو العودة إلى غزة مستحيلة".

الحياة في "تورينو" صعبة للغاية –حسب الفرا- فكثير من ما تحتاجه لا تجده، 94% من المحلات التجارية ومحلات البقالة مغلقة باستثناء الكبيرة منها.

الحياة في "تورينو" صعبة للغاية –حسب الفرا- فكثير من ما تحتاجه لا تجده، 94% من المحلات التجارية ومحلات البقالة مغلقة باستثناء الكبيرة منها، تردف: "أقضي معظم الوقت حبيسة غرفتي، وأتحرك بصعوبة خاصة ان إدارة السكن أعلنت أن من يغادر السكن سيخضع لعقاب قانوني".

ولا تخفي الفرا مخاوفها من الإصابة بالمرض، إلا أنها تخشى أكثر من نقله إلى غيرها، أو حتى الذهاب إلى المستشفى التي تعج بأعداد كبيرة من المصابين، وما يجعلها في توتر أكبر هو قلق عائلتها في غزة عليها، ومطالباتهم لها على الدوام بالتزام البيت واتخاذ إجراءات الوقاية المطلوبة.

نفس المخاوف، تزور بين الفترة والأخرى، عقل الطالبة ريناد المجدلاوي التي تدرس الماجستير في العلاقات الدولية بجامعة "اسطنبول" التركية حيث تقيم.

تلتزم ريناد الحجر المنزلي، بسبب حالة الحظر التي تفرضها السلطات هناك، للحد من الحركة والتنقل نتيجة تفشي فيروس كورونا في أراضيها. تقول: "كوني في غربة، زادت مخاوفي على الأهل والأحبة في غزة، كذلك قلق أهلي علي يحزنني، كون الإصابات في تركيا تتزايد".

وتواصل المجدلاوي دراستها كما سابقتها الفرا، بتلقيها المحاضرات عبر الإنترنت، حيث أصبح التعليم الإلكتروني حلا بديلًا للتغلب على مشكلة إغلاق الجامعات في معظم دول العالم، وأكثر ما يزعجها أن مناقشة رسالتها المقررة في شهر حزيران/ يونيو المقبل تأجلت إلى أيلول/ سبتمبر، ذلك بسبب تمديد الفصل الدراسي في الجامعة بسبب إجراءات الحظر، وحتى الموعد الجديد مرهون بانتشار أو احتواء الفيروس عالميًا وفي تركيا على وجه الخصوص.

وتقول:"أفتقد رياضة المشي التي كنت أمارسها في الطبيعة، والمقاهي التي كنت أتردد عليها وأتابع من داخلها عملي".

ورغم التزام الصحفية مشيرة جمال، التي تدرس الماجستير في النرويج بالحجر المنزلي، إلا أنها لم تستطع التركيز في دراستها، بالرغم من توفر كل الأبحاث والكتب عبر الإنترنت، والتواصل مع المشرفين عبر موقع سكايب.

تعلق بالقول: "هذا بسبب الخوف والقلق النفسي اللذان أعيشهما نتيجة التفكير في مستقبلي الأكاديمي، وقلقي على أهلي بغزة"، مضيفةً: "أراقب باستمرار شاشة الأخبار، وأتابع حالات كورونا في فلسطين وفي قطاع غزة تحديدًا، لا سيما وأنه يعاني من تردي الخدمات الصحية، ونقص المعدات الطبية، بسبب سنوات الحصار الإسرائيلي الممتدة منذ 14 عامًا.

لم تشعر مشيرة بالغربة والوحدة كما شعرت بها خلال هذه الأيام، المرافق كلها مغلقة، المكتبات والحدائق والمقاهي، حتى الالتقاء بالأصدقاء الذين يلتزمون بطبيعة الحالي بالحجر المنزلي، لكنها تحاول أن تتغلب على مشاعرها تلك بالتواصل معهم عبر شبكات التواصل الاجتماعي، والمشي أحيانًا على البحر وفي الغابة القريبة من منطقة سكنها.

تعيش مشيرة كابوس أن تمرض، أو أن تخضع للحجر في مستشفى، أو أن يتم تأجيل تقديم رسالتها، فتخسر الفصل الدراسي، وتعيش دوامة الدراسة من جديد، وهي التي من المقرر أن تتخرج بعد شهر.

وتعد النرويج من الدول التي أعلنت وزارة الصحة فيها سيطرتها حتي اللحظة على تفشي المرض، بعد اتخاذها إجراءات مشددة لاحتوائه، لكنها تعاني حتى الآن من مخاوف فقدان الدولة للسيطرة على الفيروس "كما حدث في إيطاليا وإسبانيا والمملكة المتحدة"، وتستدرك: "لكن ما يطمئنني هي تلك الإجراءات التي اتخذتها الحكومة، ووعي المواطنين الذي تعكسه سلوكياتهم في الشارع والمحال التجارية".

وتتابع الصحفية ناهد أبو هربيد أخبار فتح معبر رفح الحدودي مع مصر، وقد جهزت أمتعتها للعودة إلى قطاع غزة. فمنذ تفشي الجائحة، بدأ القلق يتسلل إلى قلبها حيال البقاء في مصر حيث عدد الإصابات يزداد، وهي المغتربة وحدها بعيدًا عن أولادها وأسرتها.

وتزيد: "نخاف النزول إلى الشارع، ويقتصر تحركنا فقط الذهاب الى السوبر ماركت لشراء الطعام، ليس بسبب إجراءات منع التجوال التي فرضتها السلطات المصرية من الساعة السابعة مساءً حتى السادسة صباحًا، وإنما خوفًا من الإصابة بهذا الفيروس الذي يحصد الارواح بشكل جنوني".

وأكثر ما يزيد مخاوف أبو هربيد، هو أنه في حال أصيبت بالمرض "فلن يعلم بها أحد" على حد تعبيرها، شارحةً ذلك بقولها: "لا أماكن في المستشفيات لنا كفلسطينيين من جهة، وتكلفة العلاج كبيرة جدًا من جهة أخرى، هنا لا نمتلك تأمينات صحية معترف بها، وليس لدي المدخول المادي المطلوب  للعلاج في حال الإصابة بالفيروس لا قدر الله ".

ورغم اخذ أبو هربيد كافة الإجراءات الوقائية التي أوصت بها الجهات الصحية المصرية، من استخدام القفازات الطبية، والكمامة الوقائية، وتعقيم اليدين باستمرار، إلا أنها تعيش القلق والخوف كونها لم تلتزم بالحجر المنزلي خوفًا من خسارة وظيفتها كمعدة للبرامج السياسية في قناة "الكوفية" بمكتبها في العاصمة المصرية القاهرة، فضلًا عن استخدامها المواصلات العامة المعروفة هناك، "الميكروباص أو المترو" أثناء الذهاب والعودة من عملها، وهذه تعد أكبر فرصة للاختلاط ونقل الفيروس" كما تؤكد.

وتذكر أبو هربيد أنها صارت تعاني من الأرق وقلة النوم، بسبب متابعة أخبار انتشار الفيروس، وقررت العودة إلى غزة، لتعتني بوالدتها المسنة وخوفًا من الإصابة بالفيروس بعيدًا عنها.

المغتربات الفلسطينيات، والمغتربين مثلهم، كلهم طالهم نصيب من "الخوف" في أماكن تواجدهم بعد تفشي الجائحة، بل إن بعضهم أصابهم المرض نفسه "كورونا"، إذ أفادت وزارة الخارجية الفلسطينية بأن عدد الإصابات بالفيروس المستجد بين صفوف الجالية الفلسطينية في مختلف أنحاء العالم، ارتفع إلى 614 إصابة، بينهما 379 في الولايات المتحدة و25  وفاة. حتى وقت إعداد هذا التقرير.

ولم توضح الوزارة عدد الإناث أو الذكور من تلك الإصابات. ولكنها أكدت بأنها تتابع أوضاع الطلبة والجاليات الفلسطينية عبر سفارات دولة فلسطين، وطالبتهم بالتواصل معها ريثما تتوفر الفرصة لإعادتهم إلى أسرهم وذويهم.

كاريكاتـــــير