شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الخميس 18 ابريل 2024م14:23 بتوقيت القدس

أصحاب الجوازات المصفّرة

انتهاكات بالجُملة والحلول محدودة

08 يوليو 2019 - 14:53

غزة:

قصص مؤلمة يرويها نحو 5000 مواطن فلسطيني في قطاع غزة هم أصحاب الجوازات المصفّرة ممن لا يحملون هوية فلسطينية، بدءاً من فقدان حقهم بالعلاج في الخارج إلى الحرمان من رؤية الأهل خارج قطاع غزة وصولاً لفقدان حقهم الطبيعي في التعليم الخارجي أو الالتحاق بالدورات التدريبية أو حتى الحق في السياحة خارجياً.

سحر الباز، هي سيدة فلسطينية أربعينية، عادت إلى قطاع غزة عام 2000م، تزوجت هنا وأنجبت ثلاث بنات، ولكن بقي أهلها في الخارج، ولأنها نازحة ولم تكن تحمل هوية فلسطينية، فقد حملت الجواز المصفّر، ولكن عجزت عن السفر باستخدامه، توفي والدها عام 2009 وتوفيت والدتها عام 2015 في المملكة العربية السعودية دون أن تتمكن من رؤيتهم واحتضانهم.

بناتي لا يعرفوا أخوالهم إلا من خلال الانترنت

وأصحاب الجوزات المصفرة هم نحو 5000 فلسطينية وفلسطيني في قطاع غزة، كانوا نازحين بسبب الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين وعادوا مع عودة السلطة الفلسطينية ما بين الأعوام 1994-2000، ولم يحصلوا على الهوية الفلسطينية ذات اللون الأخضر، لتمنحهم دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية الجواز المصفر الذي لا يحظى بصفة رسمية لكنه وسيلة لتسهيل حياتهم، ولكن حدث أن منعتهم السلطات المصرية من استخدامه.

تقول سحر: "رحم الله والديّ حرمني عدم وجود هوية من رؤيتهم قبل وفاتهم، بناتي لا يعرفوا أخوالهم إلا من خلال الانترنت، 20 عاماً لم أشاهد إخوتي أشتاق لهم والانترنت ليس كافياً"، مضيفة إنها تخشى أن تفقد ذات يوم فرصاً متعلقة بتطوير مهاراتها في العمل كما حدث مع آخرين.

السيدة سحر واحدة ممن انتظموا في تظاهرة أمام مقر دائرة شؤون اللاجئين بمنظمة التحرير في مدينة غزة، رفعوا صوتهم عالياً مطالبين السلطة الفلسطينية بالتواصل مع الحكومة المصرية من أجل السماح لهم بالمرور عبر معبر رفح إلى العالم الخارجي.

السيد محمود شاهين كان أحد المعتصمين، وهو جاء إلى قطاع غزة عام 2000 أنجب أربعة من الأبناء كلهم ورثوا مشقّة عدم وجود هوية فلسطينية، أي أنهم أسرى حتى حل هذه المشكلة، لكن مشكلته الأكبر هي خشيته على صحة طفلته ذات الخمسة أعوام والتي تعاني من ثقب في القلب ومشاكل في السمع.

يقول السيد شاهين :"طفلتي تحتاج للعلاج خارج قطاع غزة، لا ذنب لها في هذه المشكلة التي تفوق عمرها ووعيها، أخبرني أناس أن الحل الوحيد هو السفر بتنسيق يكلف 5000 دولار، وهل يوجد مواطن في غزة لديه هذا المبلغ"!! يُشار إلى أن قطاع غزة يعاني من ظاهرة فقر مدقع ارتفعت حتى 62% بسبب الحصار الإسرائيلي المتواصل منذ 12 عاماً.

الحل الوحيد هو السفر بتنسيق يكلف 5000 دولار، وهل يوجد مواطن في غزة لديه هذا المبلغ"!!

وللسبعينية ليلى عبيد قصة أخرى مع معاناة جواز السفر، كانت تمشي بتثاقل إذ تحاملت على كِبر سنها لتشارك، فهي عادت من الجزائر إلى قطاع غزة عام 1999 عقب وفاة زوجها شحدة عبيد الذي كان يعمل في صفوف حركة فتح وتوفي هناك، كانت تأمل بعودة أبنائها ولكن بقوا في الخارج وبدأت فصول المعاناة.

تقول السبعينية :"عندي ابن في الجزائر وواحد في فرنسا وواحد في أمريكا، كلهم أتواصل مع أبنائي على الجوال فقط، أمنيتي أن أراهم وأنا في هذا العمر الكبير، هم كمان ما بقدروا يرجعوا غزة لأن ما معهم هويات"، وتمنّي السيدة المسنّة نفسها بفرصة لرؤية أبنائها وأداء مناسك الحج ولكن حلمها البسيط ذاب على أعتاب معبر رفح.

أتواصل مع أبنائي على الجوال فقط، أمنيتي أن أراهم وأنا في هذا العمر الكبير

أصحاب القضية انتظموا في تجمّع غير رسمي، لتحديد فعالياتهم لإثارة قضيتهم، يتفقون على جروب لهم بالواتس أب على تحرّكاتهم وينفذون، توجهوا بشكل جماعي إلى مركز مساواة لحقوق الإنسان لرفع شكوى قانونية بسبب انتهاك حقهم في حرية التنقل والحركة.

تقول المحامية رولا موسى مسؤولة الرقابة القانونية في مركز مساواة والتي شاركت الناس وقفتهم، إن المركز تلقى شكوى من 100 شخص مجملها هي حرمانهم من حقهم في التنقل والحركة عبر معبر رفح البري مع مصر وهو المتنفس الوحيد للمواطنين الفلسطينيين في قطاع غزة.

وتوضح إن انتهاك هذا الحق ينجم عنه جُملة من الانتهاكات الأخرى مثال انتهاك الحق في الصحة وعدم تلقي الرعاية الطبية المناسبة، والتعليم والكثير من الحقوق تبعاً لانتهاك هذا الحق وفقاً للقوانين الفلسطينية وأيضاً وفقاً للقوانين والمعاهدات الدولية، مضيفة إن مساواة خاطبت الجهات المعنية عبر مذكرات رسمية وستعاود مخاطبتهم من جديد لمتابعة هذا الملف.

دائرة شؤون اللاجئين الفلسطينيين في منظمة التحرير الفلسطينية كانت هي من بادرت بإصدار الجوازات المصفرة بغرض تسهيل سفر وتنقّل من لا يحملون الهوية، ولكن بعد منع السلطات المصرية لهم من استخدام هذا الجواز عادت الأزمة من جديد.

يقول أحمد أبو هولي رئيس دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية إن الدائرة هي حلقة وصل بين وزارة الداخلية والمواطنين الذين لا يحلون هويات بغرض التخفيف عنهم، وهم ارتاحوا لوجود جواز السفر هذا، بالتالي الدائرة لا تصدر جواز السفر وإنما تسهّل مهام المواطن.

الاتصال دائم مع السفير الفلسطيني في القاهرة دياب اللوح وهو تحدث بأن الأزمة متعلقة بالجهات الأمنية المصرية

ويضيف أبو هولي إن المشكلة بدأت فقط عندما أصبحوا غير قادرين على التنقّل باستخدامه، بالتالي هناك جهود تُبذل مع السلطات المصرية لحل الأزمة، والاتصال دائم مع السفير الفلسطيني في القاهرة دياب اللوح وهو تحدث بأن الأزمة متعلقة بالجهات الأمنية المصرية، مبدياً الاستعداد للتعاون من خلال وزارة الداخلية الفلسطينية من أجل حل هذه المشكلة.

أبو هولي التقى عدد من المتظاهرين في مكتبه،أكد دعمه لأي تحرّك يتفقوا عليه، وحمّل الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن معاناة اللاجئين الفلسطينيين لعدم منحهم حقهم في الحصول على الهوية الفلسطينية، بالتالي يصبح من السهل منحهم جواز سفر عادي، مضيفاً أن الجهود يجب أن تسير في اتجاهين الأول ما يُجمع عليه أصحاب القضية ودائرة شؤون اللاجئين تدعمهم، والثاني التحرك باتجاه وزارة الشؤون المدنية للضغط على الاحتلال الإسرائيلي من أجل حل هذه المشكلة.

كاريكاتـــــير