شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الخميس 28 مارس 2024م17:19 بتوقيت القدس

دور ضعيف للصحفيات الفلسطينيات في العمل الاستقصائي.. ما السبب؟

27 يوليو 2017 - 12:17
شبكة نوى، فلسطينيات:

غزة-نوى:
تشهد الصحافة الاستقصائية في فلسطين عموماً وقطاع غزة على وجه الخصوص، تراجعاً ملحوظاً لدور الصحفيات اللواتي يعملن في هذا المضمار. على مدار عام كامل تقريباً لم يبث تحقيقاً استقصائياً في أي من القضايا المجتمعية أو السياسية أو غيرها من النواحي. 
في جميع الأحوال، لا يمكن القول إن الظواهر الخطرة أو قضايا الفساد أو شبهاته قد اختفت تماماً من المجتمع، ولكن الصحفيات الاستقصائيات أين اختفين؟.
عامان من البحث
وتعد الصحافة الاستقصائية سلوك منهجي و مؤسساتي صرف، يعتمد على البحث والتدقيق والاستقصاء حرصا على الموضوعيـة والدقة والتأكد من صحة الخبر وما قد يخفيه انطلاقا من مبدأ الشفافية ومحاربـة الفساد.
مجهودٌ كبير بذلته الصحافية هدى بارود من قطاع غزة استمر عامين لغاية جمع معلومات حول قضية تحقيق صحفي تقوم بإعداده، واجهت خلاله صعوبات عديدة، وهو ما أثر على عملها في مجال الاستقصاء الصحفي.
تقول بارود في حديثها لـ"نوى": "إن العمل في الصحافة الاستقصائية متعب؛ وبخاصة لأنه يحتاج إلى سقف عال من الحرية التي يفتقدها الصحفي في بيئته، فضلا عن غياب الدعم المالي الكافي للتحقيقات الصحفية، إضافة إلى أن أغلب القوانين المعمول بها قديمة وبحاجة إلى تحديث."
وترى بارود تلك الأسباب في مجملها تعيق انخراط الصحافيات في العمل الاستقصائي، وتدفع بهن للإتجاه نحو العمل في اعداد تقارير إنسانية واجتماعية، مؤكدة أن الصحفيات لا يزالن يشهدن تدخلاً كبيراً من قبل المجتمع في عملهن خصوصا إذا ما عملنا على التنقيب عن قضية فساد، "فيتحول الخلاف بين الجهة الفاسدة والصحافية إلى خلاف شخصي، يحلّ بالعرف وليس القانون" كما قالت.
الصحافية شذا حمايشة من جنين، والتي تعمل في مجال الاستقصاء الصحفي، واجهت واقعاً مختلفاً عن سابقتها، إذ أنها تعرضت إلى تهديدات متعددة، أثناء عملها على اعداد أحد التحقيقات الاستقصائية، إلى أن وصل الأمر، لمطالبت عائلتها، بمنعها عن الاستمرار في عملها الصحفي.
تحت وطأة الضغط، توقفت الصحفية حمايشة عن عملها في الكشف عن الفساد. لهذا قالت: "إن وجود الفتيات في المجال الاستقصائي نادر قليلاً"، وأعادت ذلك لسببين: أولًا نحن في مجتمع ذكوري تظل صورة الأنثى فيه منتقوصة، والثاني هو أننا نعيش تحت احتلال وتعتبر الصحافة مهنة المخاطر".
واعتبرت أن صحافة الاستقصاء في الأراضي الفلسطينية ضعيفة بشكل عام، والعزوف عن هذا المجال ليس فقط عنوانه الصحفيات بل الصحافيين أيضًا، حسبما قالت، مرجعة ذلك، إلى قلة الخبرات في هذا المجال، إضافة إلى مسألة التغول على القانون دون محاسب؛ "لذلك أرى أن الخوف هو العائق الأكبر أمام هؤلاء الصحفيات للعمل في هذا المجال".
نسبة متدنية
وتشير دراسة متخصصة في البحث عن اتجاهات الصحفيين الفلسطينيين نحو ممارسة الصحافة الاستقصائية، أجرها الباحث صلاح أبو حسن - قسم الإعلام بجامعة الخليل- إلى أن عدد الصحفيين الذين تلقوا تدريبا على الصحافة الاستقصائية منذ 2009 وصل إلى 555 حتى نهاية أبريل 2015، وتبين أن نسبة الصحفيين الذين أنجزوا تحقيقات استقصائية من الذين تلقوا تدريبا لم تتجاوز (10.5%) وأن نسبة من أنجزوا أكثر من تحقيقين استقصائيين لم تتجاوز (13.5%) من الذين مارسوا هذا العمل.
وفي الوقت الذي لفت فيه البعض، إلى وجود تقصير من قبل نقابة الصحفيين في حماية الصحفيات العاملات في مجال الاستقصاء، دافع تحسين الأسطل، نائب رئيس النقابة، قائلا: "مسؤولية النقابة تقوم على الدفاع عن الصحافيات، ولم تتخلي النقابة يوماً عن حمايتهن في حال تعرضن إلى خطر خلال عملهن الاستقصائي".
وأكد الأسطل على أن نقابته تسعى إلى تطوير العمل الاستقصائي، "من خلال تشجيع الصحفيات للإنخراط فيه من عبر عقد دورات تدريبية، وتقديم مجهود مغاير في هذا الإطار"، حسبما قال. 
وأرجع ضعف دور الصحفيات في مجال الاستقصاء، إلى ضعف موازنة المؤسسات الاعلامية القائمة على التمويل، لتبني مشاريع عمل صحافي استقصائي. 
في المقابل، اعتبر رئيس شبكة المحققين الاستقصائيين الفلسطينيين منتصر حمدان، إن تدني نسبة العاملات في مجال الصحافة الاستقصائية يعود إلى أن هناك تراجع في انخراط الخريجات عموما من كليات وأقسام الإعلام في سوق العمل، حيث بلغ عدد الخريجات 57 بالمائة من مجمل خريجين (الإعلام)، لم يندمج منهن سوى 17 بالمائة في العمل.
فضلا عن ذلك، فإن حمدان يرى أن التحقيق الاستقصائي، يعتبر فن جديد بدأ يطفو على السطح في قطاع غزة والضفة الغربية، مشيرًا الى أن هناك عدد قليل من الصحفيات يعملن في هذا المجال، وذلك عائد لخوف الصحفيات أنفسهن من الانخراط في هذا العمل باعتباره مسؤولية اجتماعية ويعتمد على معلومات دقيقة جداً.
واعتبر أن هناك أسباب أخرى تتعلق بالمؤسسات الصحفية وافتقارها إلى التمويل، فضلا عن ضعف السياسية التحريرية، وضعف القدرات المهنية للصحفيات.
ضعف في المنهجية
وقال حمدان "إن منهجية التحقيق الاستقصائي مازالت ضعيفة ويحتاج الصحفيون المنخرطون في هذا المجال للعديد من الدورات التدريبيّة، لإحداث تغييرات إيجابية حول مواضيع متعددة بحاجة إلى طرح، داعياً الصحفيات العاملات في مجال الصحافة الاستقصائية أن يعتمدن على معلومات دقيقة، الغاية منها تصحيح الواقع القائم للقضية مثار البحث. 
من جهته، أكد بكر التركمان المستشار القانوني لائتلاف من أجل المسائلة والنزاهة (أمان) على أن الصحافيات الاستقصائيات يواجهن مشاكل أثناء الكشف عن الفساد في قضية ما، مشددا على أن أهمية حماية الصحفية التي تعمل في هذا المجال "فهي تقوم بدورها في التبليغ عن الفساد الذي يعتبر انتهاك لحقوق الانسان".
وطالب التركماني، بضرورة العمل على ايجاد قانون يجرم الفاسدين، لا يقوم على حماية الصحفيين فقط، وإنما المواطنين أيضا" كما قال.

كاريكاتـــــير