غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:
"قرأتُ إعلانًا ممولًا عبر فيسبوك عن إمكانية استخدام التطبيق البنكي دون إنترنت. هذا بصراحة ما كنت أحتاجه في ظل الوضع الذي نعيشه بغزة" تقول ندى لـ"نوى".
تواصلت الشابة مع أصحاب الصفحة، فأخذوا بياناتها كاملة. لم تشك للحظة بأنها عملية "نصب"؛ وهدفها سرقة النقود من الحساب عبر التطبيق البنكي، لكن هذا ما حدث! وقعت ندى حمدان ضحية عملية نصب، أدت إلى خسارتها كل ما في حسابها البنكي.
ويشكو العشرات من المواطنين في قطاع غزة، من عمليات نصب وسطو على حساباتهم البنكية، من خلال إعلانات ممولة، وروابط تنشرها صفحات تحمل شعارات البنوك، وأسماءها في قطاع غزة، وتعرض خدمات وتسهيلات يحتاجها المواطنون فعليًا في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع غزة، منذ السابع من أكتوبر/ تشرين أول الماضي.
أعداد كبيرة وقعت في كمائن إلكترونية، وبعضهم خسر "تحويشة العمر" بضغطة زر، أو بسبب جهله القانوني والمصرفي، الذي يمنع منعًا باتًا مشاركة أي بيانات سرية وكلمات مرور وأكواد مع أي أحد، حتى لو كان موظفًا في البنك نفسه.
بالعودة إلى ندى، تخبرنا: "كنت سعيدة جدًا برؤية الإعلان خاصة أننا في غزة نعاني من شح خدمات الإنترنت أثناء التسوق من المحلات، وظننت أنها قد تكون فرصة ذهبية. تواصلت معهم فأرسلوا لي رابطًا للتسجيل، بعد دقائق وصلتني رسائل نصية مفادها: تم تحويل مبلغ 30 ألف شيكل و700 دولار إلى ثلاثة حسابات بنكية".
عادت الشابة للاتصال بالرقم الذي تواصلت معه منذ البداية، فلم يرد، وتزيد: "عندما عدت للصفحة التي عليها شعار البنك نفسه، وبدأت بإرسال الرسائل، وجدت أنني محظورة!".
وتصف شعورها بالقول: "كان قلبي سيتوقف. النقود الموجودة ليست لي وحدي، فأبي له جزء كبير منها، وشقيقتي أيضًا".
قدمت ندى شكوى رسمية للبنك الذي تمت سرقة الحساب المسجل فيه، فقام البنك بتجميد الحسابات التي سحبت المال، وحسابها أيضًا؛ لأنه تعرض للاختراق إلى حين حل مشكلتها في وقت لاحق.
"وها أنا أنتظر منذ شهرين أي اتصال يريح قلبي، ويطمئنني بعودة مالي لي، وفك التجميد عن الحساب" تختم بحرقة.
"دون جدوى"!
وتعرض نبيل زنون هو الآخر لعملية نصب شبيهة، حين كان يتصفح "فيسبوك"، فظهرت له صفحة إعلان ممول لخدمات البنك الذي يودع فيه ماله. يقول: "ضغطت على الإعلان، ودخلت إلى مراسلات الصفحة للسؤال، لا سيما وأنني فقدت بطاقة الصراف الآلي الخاصة بي"، مردفًا: "شرحت أنني بحاجة للبطاقة لأنني قد أخرج للعلاج بتحويلة قريبًا، حيث أنني مصاب بسرطان في الحالب، والبنوك كلها متوقفة بسبب الحرب".
"زودتني الصفحة برقم واتساب، ولما بدأت الحديث سألني عن المعلومات البنكية الخاصة بي، وطلب مني الاتصال بالرقم لطلب بعض المعلومات".
ويضيف: "زودتني الصفحة برقم واتساب، ولما بدأت الحديث سألني الشخص على الطرف الآخر عن بعض المعلومات البنكية الخاصة بي، وطلب مني الاتصال برقم البنك لطلب معلومات أخرى. اتصلت من هاتفي الآخر، وأثناء حديثي مع الموظف الرسمي للبنك، إذا برقم آخر يتصل بي على الرقم الذي كنت أتحدث منه على الواتساب، ويسألني إذا كنت تحدثت مع البنك، فقلت له صحيح، فطلب مني أن أطلب من البنك الرقم الفعال للتطبيق، وأن أقوم بإرساله على واتساب على الرقم الأول فقمت بفعل ذلك".
توجه نبيل على الفور إلى تطبيق البنك، ليرى أن حسابه فارغًا تمامًا حيث تم سحب 21 ألف دولار، و49,700 شيقل! قام الشاب مباشرة بالاتصال على رقم البنك وبعد إلحاحٍ شديد عليه قام بإعطائه بعضًا من الأسماء التي تم تحويل المبالغ إليها.
ويشير إلى أنه تقدم بشكوى إلى المباحث الإلكترونية والبنك الذي يودع فيه ماله، وقاموا بالتواصل معه لمعرفة ما جرى، ولكن دون جدوى. يحكي: "ما زلت بانتظار إعادة أموالي إلى حسابي البنكي لكن أحدًا لم يتواصل معي بعد".
عدد الأجهزة
ولاء أبو جامع، أيضًا، التي وقعت ضحية عملية نصب بصفحات تنتحل اسم البنك الذي لها فيه حساب.
تخبرنا ولاء: "كنت في البنك بخصوص حل مشكلة عدد الأجهزة في التطبيق البنكي، وأخبرني الموظف أنه قام بتغيير الإعدادات وسوف يصلني كود عبر هاتفي، وأن علي أن أضيفه، وسيتم بعدها فتح التطبيق بشكل طبيعي".
وتزيد: "وصلني الكود لكن التطبيق لم يفتح. تواصلت مع البنك عبر فيسبوك وحولني على الواتساب. هناك رد عليا موظف طلب مني رقم الحساب وكلمة السر والكود، وطلب مني حذف التطبيق وتحميله مرة أخرى، فرفضت لأن الإنترنت لم يساعدني على ذلك".
"خلال دقائق تم سرقة مبلغ كبير من حسابي، وبنفس اللحظة تواصل معي البنك بشأن مشكلتي بالتطبيق، وشرحت له المشكلة فأخبرني: صحيح رصيدك في الحساب صفر".
تتابع: "خلال دقائق تم سرقة مبلغ كبير من حسابي، وبنفس اللحظة تواصل معي البنك بشأن مشكلتي بالتطبيق، وشرحت له المشكلة فأخبرني: صحيح رصيدك في الحساب صفر".
وتلفت إلى أن 3 أشخاص تواصلوا معها من أرقام مختلفة للتأكد من إتمام عملية السرقة، وطلب مني البنك تقديم شكوى للمباحث الإلكترونية في رام الله عبر البريد، ففعلت، لكن دون جدوى.
وتؤكد أن ظهور عمليات السرقة بشكل كبير هو "ضعف من البنك"، متحدثة عن شكوكها "بأن يكون موظفون في البنك نفسه شركاء في عمليات النصب، لا سيما وأن المبالغ التي تسرق من الحسابات البنكية ليست بالبسيطة".
"لضمان سلامة القطاع المصرفي"
بدوره، يقول مدير جمعية البنوك في فلسطين، بشار ياسين: "في ظل الحرب الإسرائيلية الشرسة على غزة، والعدوان المتواصل على محافظات الضفة الغربية، وما نتج عنه من أوضاع اقتصادية صعبة أثقلت كاهل المواطنين، برزت فئة من المستغلين الذين اتخذوا من حاجة الناس وسيلة لارتكاب أعمال النصب والاحتيال الإلكتروني"، مضيفًا: "الجمعية تلقت عددًا من الشكاوى من مواطنين أفادوا بتعرضهم لحالات احتيال إلكتروني وسرقة من حساباتهم البنكية. بادرنا بالتعاون مع البنوك العاملة في فلسطين وسلطة النقد الفلسطينية، إلى متابعة تلك الحالات وتقديم المساعدة اللازمة لكل من تواصل معنا، وذلك في إطار دورها التوعوي والمهني في حماية المواطنين وضمان سلامة القطاع المصرفي".
ولفت إلى تصاعد محاولات الاحتيال الإلكتروني، لا سيما عبر منصات التواصل الاجتماعي والروابط الإلكترونية المزيفة، وصفحات الإنترنت، التي تهدف إلى سرقة الحسابات البنكية.
وانطلاقًا من دورها ومسؤوليتها المجتمعية، أكد ياسين أن الجمعية أطلقت حملة توعوية شاملة للتحذير من أساليب الاحتيال الإلكتروني، بهدف تحصين المواطنين، ورفع مستوى وعيهم بمخاطر هذه الأساليب، خصوصًا تلك المنتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي والروابط المشبوهة.
وأوضح أن هذه الحملة، جاءت استجابة للحاجة المتزايدة إلى رفع الوعي بمزايا التعامل الرقمي، وتوفير بدائل أكثر أمانًا من النقد، ما يساهم في تقليل فرص الاحتيال الإلكتروني، وتخفيف الضغط على النظام المصرفي، وتمكين المواطنين من إدارة شؤونهم المالية بسهولة وأمان.
جريمة يُعاقب عليها القانون
من جانبه، أكد إسماعيل الثوابتة، مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي، رصد الجهات المسؤولة انتشار صفحات وروابط زائفة بأسماء بنوك فلسطينية، مستغلة الأوضاع الحالية وحاجة المواطنين للتحويلات المالية، "فتطلب من العملاء إدخال بيانات وأكواد حساباتهم عبر هذه الصفحات والروابط الزائفة، ومن ثم يتم سرقة المبالغ المالية من حسابات المواطنين"، مشيرًا إلى أن هذه الأفعال، تعد جرائم يعاقب عليها القانون الفلسطيني، وتخالف القيم الوطنية والإنسانية.
وقال: "سنعمل بالتعاون مع الجهات المختصة على رصد وتتبع هذه الجرائم، واتخاذ الإجراءات القانونية بحق مرتكبيها"، حاثًا المواطنين على الحذر من عمليات النصب والاحتيال، والتأكد من الصفحات والروابط التي تدعي تبعيتها للبنوك، وذلك بالرجوع للصفحات الأصلية والمواقع الإلكترونية الرسمية لها، وعدم إعطاء الرقم السري للحساب لأي جهة تطلب ذلك.