شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 29 مارس 2024م10:48 بتوقيت القدس

إنهاك يلاحق المتعافين من كورونا

25 يناير 2021 - 14:50

غزة

"مرّ أسبوعان على شفائي من فيروس كورونا ولم تغادرني الأعراض بعد، تعبٌ وضيق في التنفس وآلام في الرئتين ووخزات في القلب"، هكذا استهلت الشابة رويدة مفيد "25 عامًا" حديثها لنوى وهي تروي معاناتها من بعض المشاكل الصحية بعد تعافيها من الإصابة.

وضعت يدها على بطنها وتحسست جنينها وقالت بقلق: " أخشى على الجنين خاصة وقد تعرّضت لارتفاع درجة الحرارة وضيق التنفس بشكل كبير خلال فترة إصابتي التي استمرت لأسبوعين".

رويدة:أخشى على الجنين خاصة وقد تعرّضت لارتفاع درجة الحرارة وضيق التنفس

رويدة التي تسكن منطقة النصر في مدينة غزة كانت قد أصيبت بعدوى الفيروس الذي انتقل لها من زوجها، تلقّت الصدمة الأولى بتعرضها للإصابة رغم أنها لا تخرج من البيت إلا نادرًا، وزاد قلقها كونها في الشهر السابع من الحمل.

تقول لنوى: "إصابة لم أتوقعها، والعدوى انتقلت لأطفالي الثلاثة، صحيح شُفينا جميعًا، لكن ما زلنا نعاني من أعراض مزعجة، حتى طفلتي تشكو من ألم في القلب والصدر، أما أنا فلدي شعور دائم بالتعب والإرهاق عند أقلّ مجهود".

والحقيقة إن أعراض ما بعد كورونا عانى منها غالبية من تعرّضوا للإصابة بالفيروس الذي اجتاح فلسطين منذ مارس 2020 ، لكنه انتشر وتفشى بدءًا من مايو 2020 في الضفة الغربية وأغسطس في قطاع غزة مع ظهور حالات في أوساط المجتمع وليس العائدون من السفر ممن يُحجَرون في مراكز الحجر الصحي.

وأصيب حتى الآن في فلسطين أكثر من 175 ألفًا فلسطينية وفلسطيني بفيروس كورونا، بينما تعافى أكثر من 164 ألفًا في الضفة الغربية وقطاع غزة.

تجربة الإصابة بالفيروس صعبة وقاسية كما تقول شيماء حامد، الأعراض بوجه عام معروفة، من ضيق في التنفس وآلام في الصدر وسعال وارتفاع في درجة الحرارة، لكن من سمع ليس كمن عانى.

تضيف: "كثيرًا ما شعرت أن جبلًا يُطبِق على رئتي، وأن الأكسجين يدخل من أنبوب ضيق بالكاد يصل الرئتين ولا يكفي للتنفس، فأضطر إلى مواصلة التنفّس بعمق وهذا مرهق".

شيماء: بعد التعافي لم أتمكن من السير أكثر من نصف ساعة، شعور بآلام هائلة في الصدر والقلب، ودوار وآلام في القدمين

الصداع والدوار والإحساس بإجهاد في العيون وإجهاد الجسد، أعراض كانت الشابّة شيماء تعدّ الأيام كي تنهي فترة الإصابة 14 يومًا لتتخلص منها، وسرعان ما خرجت إلى الشارع سيرًا على الأقدام عند الشفاء وهنا كانت الصدمة.

تقول :"بعد التعافي لم أتمكن من السير أكثر من نصف ساعة، شعور بآلام هائلة في الصدر والقلب، ودوار وآلام في القدمين وعدم القدرة على مواصلة المشي، كل هذا أصابني بالصدمة وأنا التي ما زلت في مقتبل العمر، كيف أتقبّل ألا أتمكن من السير لنصف ساعة وأشعر بكل هذا التعب".

لكن ما زاد الإرهاق بالنسبة لشيماء كما رويدة، هو اعتمادهما بشكل كبير على الانترنت في البحث عن معلومات حول كوفيد 19 وما حملته من تفاصيل متناقضة زاد وضعهما النفسي سوءًا وجعلتهما تنظران للمستقبل بقتامة، بل إن رويدة زادت بقولها :"هل يحدث كل هذا الدمار الصحي لأطفالي أيضًا".

خبير الأوبئة الفلسطيني د.محمد أبو ريا قال إنه بعد التعافي من كورونا تظهر مضاعفات ما بعد التعافي، أو متلازمة كورونا وهي مجموعة من الأعراض التي يعانيها غالبية المتعافين نتيجة تفاعل جهاز المناعة وعمل ما نسميه "عاصفة مناعية" لمواجهة فيروس كورونا، ومن خلال يتأثر جهاز المناعة.

أبو ريا: اختفاء هذه الأعراض يتطلب جُملة من الخطوات الواجب على المتعافي اتّباعها محورها الأساسي التخلص من الضغط النفسي

أبرز الأعراض التي تم رصدها وفقًا لأبو ريا هي آلام العظام والصدر وصعوبة التنفس والصداع والإرهاق وتوتر عصبي بسبب الخوف وفوبيا الإصابة، وهناك نوع من النسيان-ليس فقدان للذاكرة- لكنه وصفها بالمضاعفات الطبيعية وليست بالشيء المخيف، فجهاز المناعة البشري قادر على مواجهتها، وهي أعراض تحتاج شهرين إلى ثلاثة كي تختفي.

إلا أن اختفاء هذه الأعراض يتطلب جُملة من الخطوات الواجب على المتعافي اتّباعها يوضح أبو أبو ريا بأن محورها الأساسي التخلص من الضغط النفسي وعدم الخوف والدعم النفسي من المحيط، إضافة إلى تعزيز صحة الجسم من خلال النوم المنتظم والتعرّض لأشعة الشمس للحصول على فيتامين D ، والتغذية السليمة المبنية على احتياجات الجسم من الزنك وفيتامين C والحصول على الحديد من خلال مصادره الغذائية، كاللحوم والعدس والفول والبقوليات، وشرب على الأقل 8 أكواب من المياه يوميًا، والاهتمام بالحمضيات والفراولة والجوافة لاحتوائها على كميات من فيامين C.

لكنه نفى أن تكون هذه الأعراض دائمة، فوفقًا لكل الدراسات حتى الآن هي مؤقتة، البعض قال تستمر 3 شهور وآخرون قالوا 6 شهور أو سنة، لكن الثابت أن المتعافي من كورونا لجيه مناعة من نفس الفيروس وليس المتحور لمدة لا تقل عن 6 شهور.

أما بالنسبة للنساء الحوامل والمرضعات، فلا فرق سوى الاهتمام أكثر بالتغذية والحفاظ على التباعد الاجتماعي، واتخاذ إجراءات الوقاية عند الرضاعة وعند تبديل الحفاضات للطفل.

عودة: القلق والتوتر يُنقص مناعة الجسم بنسبة 50% بينما المتعافي يحتاج إلى قوة جهازه المناعي خاصة بالنسبة للحوامل

هذا ما أكدته أيضًا أ.بشرى عودة أخصائية التوعية في دائرة التثقيف بوزارة الصحة الفلسطينية، مع ضرورة الابتعاد عن القلق والتوتر الذي يُنقص مناعة الجسم بنسبة 50% بينما المتعافي يحتاج إلى قوة جهازه المناعي خاصة بالنسبة للحوامل.

وأضافت:"الأهم بالنسبة للأمهات هو الاهتمام بصحتها، فالجنين لا يتعرض لمشكلة صحية بسبب إصابتها بالفيروس وفقًا للدراسات ونادرًا ما تم وضع أطفال مصابين بالفيروس، ومن المهم التزام الأم بالرضاعة الطبيعية التي تعزز مناعة الطفل".

فالأعراض التي تم رصدها بالنسبة للمتعافين والمتعافيات في قطاع غزة، تستمر معهم مدة 90 يومًا من الإصابة، وهذا -وفقًا لعودة- يؤثر على حالتهم النفسية وأدائهم الوظيفي وحياتهم بوجه عام، لأنهم سيتعاملوا مع أنفسهم كمصابين أو مرضى وهذا غير صحيح.

وتابعت عودة إن المتعافي ممن تجاوز 14 يومًا بوسعه ممارسة حياته بشكل طبيعي دون التوجّه لإجراء فحص كورونا جديد، فالنتيجة ستكون إيجابية- أي مصاب- وهي تستمر كذلك حتى 60 يومًا، ولكن لن يكون معدٍ إنما تستمر بعض الأعراض.

وأكملت:"الاهتمام بالتغذية السليمة وتعزيز مناعة الجسم هي التوصية الأهم إضافة إلى التباعد والكمامة والنظافة الشخصية، والابتعاد عن الإجهاد خاصة الرياضي، فالفيروس أصاب الرئتين مباشرة بالتالي لن تتحمل جهدًا، وإذا شعر بأعراض أكثر بإمكانه الاتصال على الرقم المجاني لوزارة الصحة 103 والتوجه للمستشفى إذا شعر بالحاجة لذلك".

وبكل الأحوال، يبقى المقلق بالنسبة للمتعافين والمتعافيات هو التضارب الشديد في المعلومات حول الفيروس الذي ما زال مستجد عالميًا رغم الأبحاث التي تجريها المختبرات العالمية ومنظمة الصحة العالمية، يضاف إليها ضعف القدرة المادية بالنسبة للمواطنين الفلسطينيين خاصة في قطاع غزة، في ظل ارتفاع نسبة الفقر إلى 54% ما يجعل تحسين الواقع الصحي للمتعافين أمرًا ليس بالسهولة المتوقعة.

كاريكاتـــــير