شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 19 ابريل 2024م10:43 بتوقيت القدس

صفحة "فيسبوك".. ترفيه وحماية للأرض

وين نروح في الضفة؟

27 سبتمبر 2020 - 23:40

الضفة الغربية/ شبكة نوى- فلسطينيات:

صورةٌ نشرها أحد أعضاء مجموعة "وين نروح في الضفة" لبركة مياه تتوسط تجويفًا صخريًا مطلًا على البحر، انهالت بعدها التعليقات تسأل عن اسم المنطقة الساحرة الجمال. كانت التوقعات كلها تشير إلى إحدى مناطق الداحل الفلسطيني المحتل، إلا أن المفاجأة كانت كبيرة، عندما كانت إجابة الآدمن: "في الضفة الغربية".

التجويفُ الصخري الذي تتجمع فيه مياه الينابيع، لتشكلَ بركةً متواريةً خلف الصخور المجوفة كنوافذ مطلة على البحر، هي إحدى مناطق "مطلات البحر الميت" من جهة الضفة الغربية، ولكن ليس تلك التي اعتاد المشاركون في مسارات التخييم خلال السنوات الأخيرة الوصول إليها.

ومنذ تأسيس المجموعة على موقع التواصل الإجتماعي "فيس بوك"، نشر الأعضاء صورًا لعشرات المناطق الطبيعية والترفيهية

من الضفة الغربية لا يعلم بوجودها كُثُر، ما انعكس على حجم التفاعل مع هذه الصور بالسؤال والتعليق.

التفاعل، والمعرفة، ثم الزيارة، هذا هو هدف الصفحة وفق مؤسسها "أمير أبو عرام" الذي يعمل صحفيًا ميدانيًا، وبحكم عمله، يضطر لزيارة مناطق عديدة في الضفة الغربية. فتلفته أحيانًا بعض المناطق بما تتمع به من مناظر طبيعية خلابة، يصوِّرُها، وينشر الصور في صفحته الشخصية، ليكتشف أن كثيرين من أهل الضفة لا يعرفون عنها شيئًا رغم قربها الشديد منهم.

يقول لـ"نوى": "مع انتشار فيروس "كورونا"، وانحسار المواطنين عن قلب المدن والتجمعات، والتوجه إلى المناطق الطبيعية، كثُر التساؤل عن أماكن لزيارتها، فكانت  الفكرة: "وين نروح في الضفة؟".

يضيف أبو عرام: "كان هدفي الإجابة عن أسئلة المتذمرين الذين كانوا يظنون أن لا مناطق سياحية وطبيعية في الضفة، وتوجيههم إلى المكان الأقرب لرغباتهم، وهذا بالفعل ما حدث". خلال فترةٍ قصيرة (والحديث لأمير) وصل عدد المشتركين في المجموعة قرابة 10 آلاف مشترك، منهم من ينشر صورًا ومعلومات عن أماكن قام بزيارتها، ومنهم من يتفاعل مع المنشورات بطلب المزيد من التفاصيل عن الصور فيها، اسمها، كيفية الوصول إليها، وما إذا كانت تناسب العائلات أم الأفراد؟

لم تقتصر الصور التي تنشرها المجموعة، على مناطق استجمام فقط، بل ركّز أعضاؤها على نشر صورٍ للمناطق المهددة بالمصادرة، التي يحاول المستوطنون السيطرة عليها، وخاصةً مناطق الينابيع، من خلال الدعوة لزيارتها، وربط المواطنين بالجعرافيا فيها، مقرونةً بالأهمية الوطنية لهذه المناطق.

تمامًا هذا ما جرى مع "نبع العين" في قرية دير نظام، القريبة من رام الله، على المجموعة انتشرت صور لشبان من القرية، يتواجدون باستمرار بالقرب من بركة المياه التي تجمعت من النبع لحمايتها من اقتحامات المستوطنين الدائمة لها، وهو ما  شجع أعضاء المجموعة من منطقة رام الله لزيارتها أيضا.

وتعدُّ الينابيع من أكثر من المناطق الطبيعية المهددة بالمصادرة في الضفة الغربية، إذ تشهد محاولاتٍ دائمة للمستوطنين بغية السيطرة عليها، وتسويقها في أوساطهم كمناطق سياحية دينية، لجذب التواجد "الاستيطاني" الدائم فيها، وهو ما جعل التركيز عليها من أهداف المجموعة حسب أبو عرام.

ووفق دراسةٍ لمكتب الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة (آذار/ مارس من العام 2012م)، فإن 56 نبع مياه في الضفة الغربية، لا تزال المياه تتدفق فيها، و تقع في المناطق المصنفة جيم وباء، وقد خلصت الدراسة إلى أن 40  منها، يبذل المستوطنون مساعٍ جبارة من أجل السيطرة عليها.

وذكرت الدراسة أن 30 نبعًا غير ال56  تبعًا (عينة الدراسة)، تمت السيطرة عليها،  ويُمنع على الفلسطينيين بالكامل الوصول إليها.

هذا الحال ينطبق على أهم تجمعٍ للمياه في الضفة الغربية، الذي حظيَ بأكبر تفاعل وزيارة كما هو واضح من الصور التي نُشرت على المجموعة، أو على مواقع التواصل الإجتماعي عمومًا، نبع العوجا، بحر الفلسطينيين في الضفة.

في منشورٍ نشره الناشط في المجموعة "جاد القدومي" بتاريخ الخامس عشر من أيلول/ سبتمبر الجاري، أرفق صورًا ساحرة للمنطقة، وعرّف المتابعين على المكان ووصفه، فقال: "أجمل مكان ممكن تروحوا عليه.. العوجا/أريحا.. تدفق قوي جدًا للمياه، نقية باردة برودة ملفتة، طبيعية، جميلة. بالإمكان اختيار مكان، والتمتع بخصوصية لا بأس بها".

ويقول الباحث "حمزة زبيدات"، الذي يعمل منذ سنوات في منطقة الأغوار: "هذا النهر أو النبع، كان أكثر المناطق الترفيهية إقبالًا عليه في الضفة الغربية خلال سنوات ما قبل الانتفاضة الثانية، أيلول/سبتمبر 2000م.

وبحسب زبيدات، الذي يتواجد بشكل دائم في المنطقة، فإن رؤية الأعداد الكبيرة للمواطنين على طول امتداد جريان المياه في المنطقة يُثلج الصدر بعد أن كان التواجد غالبًا للمستوطنين، الذين ينظمون رحلات عائلية  جماعية، من أجل السيطرة عليه.

وقال لـ"نوى": "مصادفة القدر الجميلة، أن يستمر جريان المياه في النبع بهذه القوة على عكس السنوات السابقة، وهو ما ساهم في هذا الاقبال، إلى جانب النشر على مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما في ظل ارتفاع الحرارة، ومنع السفر ".

وأضاف: "المستوطنون سيطروا على معظم عيون المياه في الأغوار، من عين حلوة في الشمال وحتى عين الجدي في الجنوب، ليس فقط بفرض الأمر الواقع، وإنما من خلال تحويلها إلى مناطق سياحية تخضع لقوانين السياحة الإسرائيلية، بشروط الدخول إليها، والاستجمام فيها، كما هو الحال في عين المياه في الناصرية".

ورغم أن هذه المنطقة أرضها مملوكة بالكامل إلى عائلة النمر النابلسية، إلا أن المستوطنين سيطروا عليها، ووضعوا لافتاتٍ ومقاعد، وأعلنوا أنها تابعة لما يسمى بـ"مجلس بلديات المستوطنات في الأغوار"، "وحتى وإن تمكن الفلسطينيون حاليًا من زيارتها، فإن هذه الزيارة ستكون وفقًا لشروط وتعليمات الاحتلال" يتابع زبيدات.

ولتعزيز هذا التواجد ودعم المبادرة التي بدأها افتراضيًا، يسعى أبو عرام ومن معه في المجموعة اليوم، إلى الإعلان عن مساراتٍ نحو هذه المناطق، مع مراعاة "العائلية" لتحقيق أحد أهدافهم، وهو "ألا يقتصر الأمر على الترفيه وحسب، وإنما ربط الفلسطينيين بأعمارهم المختلفة جغرافيًا، وتاريخيًا، ووطنيًا، مع هذه المناطق، وخاصةً المهددة بالمُصادرة.

كاريكاتـــــير