شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الثلاثاء 16 ابريل 2024م21:02 بتوقيت القدس

نوفمبر حياة وموت بهاء أبو العطا

12 نوفمبر 2019 - 23:16

غزة:

فجر الثاني عشر من نوفمبر 2019، تجلس أم بهاء أبو العطا في غرفة صغيرة بقسم الولادة في مستشفى الشفاء بمدينة غزة برفقة ابنتها التي تنتظر مولودها، يتصل بهاء "42 عامًا" مساءً للاطمئنان على صحة أخته ويخبرها نيته زيارتها، فتطمئنه على وضعها وأنها ستضع مولودها غدًا، وأنها بانتظاره ليقبل طفلها في المستشفى.

بينما تتسارع دقات القلب في انتظار المولود الجديد يزدحم الشريط الإخباري على الفضائيات بمعلومات لا تحمل أخبارًا طيبة من الشجاعية

خمس ساعات  بين الاتصال والوعد بالزيارة وتفكير منحصر في آلام المخاض وانتظار مولود نوفمبر الجديد، حتى انقلبت المستشفى فجأة إلى قبلة للإعلام، وبينما تتسارع دقات القلب في انتظار المولود الجديد يزدحم الشريط الإخباري على الفضائيات بمعلومات لا تحمل أخبارًا طيبة من الشجاعية شرق مدينة غزة، حيث بيت ذويها.

اختفت لحظات الهدوء في المستشفى لتحل صوت سيارات الإسعاف وصوت الخطوات المتلاحقة والأصوات هناك" شهداء، جرحى، قصف.."

دخلت فجأة سيدة إلى غرفه أم بهاء قائلة:" هناك قصف لبيت في حي الشجاعية وهناك شهداء جاء بهم الإسعاف"، تسابق دقات قلب أم بهاء قدميها إلى ثلاجات الموتى، فلم تعد تقوى على المشي من خوف ما ينتظرها أمام ثلاجة الموتى، تصمت، تقف، وتحدق، ترى أبناءها  يبكون بحرقة و يترحمون على بهاءـ

تتضاعف صدمتها عند سماعها أن زوجته أسماء استشهدت معه، فتصرخ بأعلى صوتها أسماء لا لا لا!

تحاول أن تمسك بجدران المستشفى، فعلّها تبقيها واقفه على قدميها لتحبس قهرها وحزنها، تنظر إلى بوابة ثلاجة الموتى تحتسب الأمر عند الله، وتبكي بحرقة أمام ابنها المسجى بدمائه وجسده البارد، تقبله على جبينه، لتتضاعف صدمتها عند سماعها أن زوجته أسماء استشهدت معه، فتصرخ بأعلى صوتها أسماء لا لا لا!

أسماء أبو العطا "38عاما" زوجه بهاء وهى ابنة عمه كانت ترفض وتخاف أن يتركها بهاء وحيدة، تعلقت به وأحبّته حد الموت سويا بصاروخ إسرائيلي اغتال جسديهما معا، كما تغتال إسرائيل حقوق الإنسان في غزه.

تقبل أم بهاء رأس ابنها وزوجته أسماء الذين قتلهم الاحتلال وهم نيام في منزلهم الجديد ولم يكملاه بعد، إذ دمر الاحتلال الإسرائيلي منزلهم في عدوانه على قطاع غزة عام  2014  بعد اجتياح حي الشجاعية وهدم معظم المنازل في المنطقة.

في مستشفى الشفاء حيث لا تزال جثه بهاء وزوجته أسماء، تضع أخته مولدها الجديد وتسميه بهاء

تغادر أم بهاء المستشفى مع أحفادها المصابين/ات والعائلة لتنتظر توديعهما في المنزل،  وفي مستشفى الشفاء حيث لا تزال جثه بهاء وزوجته أسماء، تضع أخته مولدها الجديد وتسميه بهاء، يرحل بهاء عن الدنيا، ويأتي بهاء آخر إليها في لحظات.

تجلس الجدة "أم بهاء58عاما" وتحتضن أحفادها (سليم 19عامًا،  ومحمد 18 عامًا، وإسماعيل 15 عامًا،  وفاطمة 14 عامًا، وليان 10 أعوام )، والحزن والبكاء سيدا الموقف لا كلمات تواسي الحزن والفقد.

يتجمع أهالي الشجاعية المكلومين بحزنهم لفراق رجل أحبه أطفال ورجال وشباب الحي وكل من عرفه، لإلقاء  النظرة الأخيرة على من أحبته مدينه غزة دون معرفته لأنه كان يحمي ظهر غزة في مقاومة الاحتلال.

وكان بهاء في يوم استهدافه تناول الغداء مع والدته برفقه أطفاله وزوجته، يمازح الجيران ويحرص على زيارة عائلته وإخوته، كان طيب الخلق كريم اليد، لم يُطرق له باب ويُرد الطارق، رحلت أسماء برفقه بهاء تاركين خلفهم خمس أطفال ووجع مفتوح تروي حكايته في شهر نوفمبر الشاهد على ولادة وقتل بهاء حيث ولد في 25 من نوفمبر 1977 وقتل في الحادي عشر من الشهر ذاته ليعلق نوفمبر شهر للموت والحياه لبهاء.

كاريكاتـــــير