شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 29 مارس 2024م00:56 بتوقيت القدس

بسبب الاحتلال

تشوهات الأجنة تسرق أحلام الأمهات

19 نوفمبر 2017 - 20:37
شبكة نوى، فلسطينيات:

غزة-نوى:

"تعرضت لإصابة متوسطة الخطورة في حرب 2014، كنت حديثة الزواج، لم يخطر ببالي أنها ستؤثر على صحتي الإنجابية مستقبلًا"، بهذه الكلمات بدأت المواطنة سائدة كريّم 28 عامًا حديثها بعد إجهاض جنينها وحرمانها من فرحة الأمومة، تضيف أن طبيبها أخبرها منذ شهور حملها الأولى بتشوه الجنين وضرورة إجهاضه.

تسكن سائدة في مدينة بيت حانون على الحدود الشمالية لقطاع غزة، والتي تجرعت الويلات نتيجة الصواريخ والقذائف التي انهالت عليها خلال ثلاثة حروب سابقة، وتابعت كريّم أنها اضطرت للإجهاض حتى لا تفقد حياتها هي الأخرى.

 حسب كريم فإن طبيبها رجّح ألا يكون سبب الإجهاض وراثيًا إنما قد يكون نتيجة استنشاقها لمواد سامة خلال الحروب الثلاث، مستدلًا على ذلك بتعرضها لإصابة، ونصحها بالحصول على تحويلة طبية للعلاج بالخارج وإجراء فحوصات أكثر دقة.

وما زالت الآثار الصحية للحروب الإسرائيلية على قطاع غزة تطفو على السطح، خاصة الناتجة عن قذائف الفوسفور المحرمة دوليًا، وعشرات أنواع الأسلحة التي استخدمها الاحتلال وبيّنت الفحوصات المخبرية أنها تحمل سمومًا تظهر آثارها مستقبلًا.

وفق دراسات أصدرتها وزارة الصحة بغزة، فقد كانت نسبة التشوهات قبل عام 2006 ثابتة ومتماشية مع الأرقام العالمية، نحو 40 حالة لكل ألف مولود، لكنها ارتفعت بعد عام 2010 بنحو 50%، فأصبح قرابة 63 حالة تشوه لكل 1000 مولود، ثم حدثت زيادة أخرى بعد عدوان 2012، وزيادة أكبر بعد عام 2014 بنحو الضعفين، وزادت على 100 حالة لكل ألف حالة ولادة خلال عام 2016، وهي في ارتفاع مستمر.

يقول علام أبو حمدة  رئيس قسم حضانة المواليد في مجمع الشفاء: "إن القسم  يستقبل سنويًا ما بين 170 -200 حالة تشوه أجنة ولاحظ وجود تزايد عن السنوات العشرة السابقة قبل الحروب"، مضيفًا أن معظم الحالات لنساء يقطنّ على المناطق الحدودية، فهناك حالات تشوه خلقي للأجنة في حضانة المستشفى  منها تشوهات الدماغ أو ما تعرف باسم "الاستسقاء"، وحدوة الرأس، أو نقص الأطراف وعدم اكتمال نموها.

ونوه أبو حمدة إلى أنه منذ عام 2014 شهد مستشفى الشفاء ولادة ثلاثة أطفال سيامي وهذه الحالة نادرة الحدوث عالميًا لكنها حدثت في قطاع غزة بفترات متقاربة بعد الحروب، ما  يوضح أن  اليورانيوم المخصب والمستخدم في الصواريخ سبب تشوه أجنة على خلاف باقي السموم التي ألقيت على سكان القطاع.

أجريت بعد الحرب الأولى على قطاع غزة في عامي (2008 و2009) دراسة هامة، نشرت في المجلة العلمية "International Journal of Environment Research and Public Health" وأجراها الباحثون: باولا ماندوكا من جامعة "جِنوفا" في إيطاليا، وعوني نعيم من غزة، وسيمونا سينيوريلو من جامعة "نابولي الثانية"، أثبتت أن هناك رابطاً وثيقاً بين التعرض لمعادن الأسلحة التي استخدمت في قطاع غزة، وارتفاع نسبة العيوب الخلقية والولادات المبكرة في غزة.

وركزت الدراسة على تحليل عينات شعر من حديثي الولادة وقياس نسبة المعادن التي تحتويها، حيث تم جمع العينات من 48 طفلاً حديثي الولادة يعانون عيوباً خلقية، ومن تسعة أطفال خدج لا يظهرون عيوباً خلقية، ومن 12 طفلاً معافى.

وكشفت النتائج أن ما نسبته 27% من أهالي الأطفال، الذين يعانون عيوباً خلقية، تعرضوا لقنابل الفوسفور الأبيض، بينما تعرضت نسبة 1.7% من أهالي الأطفال المعافين لتلك القنابل.

بدوره أرجع محمد عجور اختصاصي فحوصات مخبرية للأجنة في مستشفى  بهاء الغلايني في غزة أسباب تشوه الأجنة يرجع إلى عاملين أحدهما وراثي، وهذا من السهل علاجه وتحديد أسبابه والثاني عوامل بيئية، يحتاج لإمكانيات عالية حتى يتم أخذ عينات لفحصها للتأكد من السبب الرئيس والمباشر لحدوثها.

لكنه أشار إلى أن المستشفى استقبل مؤخرًا حالات مرضية لنساء بسبب تشوه الأجنة التي ثبت خلال التحليل المخبري أنها ليست بسبب وراثي، إنما بسبب السموم والحروب المتكررة على القطاع مؤخرًا.

وبيّن أن مثل هذه الحالات يتم إرسال تقرير لوزارة الصحة، لتحويلها للعلاج خارج قطاع غزة، ونصح السيدات اللواتي يعشن على المناطق الحدودية التي أثبت التقارير لهن بأن تشوه أجنتهم ناجم عن الحروب تغيير مكان سكنهم حتى تقل حدة العوامل البيئية.

 يذكر أنه صدر تقرير عن لجنة (New weapons9) في 17 سبتمبر 2009، أشار إلى احتواء تربة غزة على 35 معدناً ساماً ومسرطناً، ووجود تركيزات غير عادية للعناصر النادرة في التربة، ومن أهمها التنجستن والكوبالت، وأن وجود هذه العناصر تظهر آثاره السلبية على الإنسان والنبات بشكل خلل جيني وتشوهات خلقية وأمراض سرطانية.

كاريكاتـــــير