شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الاربعاء 24 ابريل 2024م06:44 بتوقيت القدس

خالد سرحان .. قصّة طبيب ومبتكر تكنولوجي

31 اكتوبر 2017 - 16:12
شبكة نوى، فلسطينيات:

غزة-نوى:

بصورة مغايرة، ينهمك الطبيب خالد سرحان بتجميع أحرف لوحة المفاتيح باللغة العربية، على حاسوبه الشخصي داخل عيادته التي يستقبل فيها المرضى غير مكتفيًا بعمله كطبيب، وإنما يعالج بالطريقة الصينية حتى قام مؤخرًا بابتكار لوحة مفاتيح عصرية من قطاع غزة.

يتخذ الطبيب من اللغة العربية بيتا له، إذ دفع تعلقه بها لإظهار جمال حروفها على لوحة المفاتيح بشكل حديث وأساسي، على غرار ما اعتدنا عليه بظهورها بشكل ثانوي أمام اللغة الإنكليزية، والفرنسية على اللوحة التقليدية.

عن فكرته يقول سرحان: "في العصر الحديث زاد استعمال الإنسان للحاسوب، ودخل معظم جوانب الحياة، بل وأصبح من ضروريّاتها، وبما أنّ اللّغات الأجنبية كان لها السّبق في الاختراع والتطوير في هذا المجال، واللّغة العربيّة مهمّشة".

ويضيف أن لوحة المفاتيح التقليديّة المعمول بها حاليًا، لم تراع خصوصيّات اللّغة العربيّة، والترتيب على اللّوحة الاعتياديّة بالنسبة للأصابع لم يخدم بالشّكل المطلوب صفات الحروف العربيّة من حيث الشكل أو أوجه الشبه بين الكثير من حروفها".

أراد الطبيب التخلص من العديد من الإشكاليّات المتمثلة في صعوبة كتابة بعض الحروف والتشكيلات وانتقاء الرموز على اللوحة التقليدية، بالإضافة إلى تعريب جميع مفاتيح الاستخدام على اللوحة العصرية بشكل فعّال.

واستغرق العمل عليها ثلاث سنوات من البحث والتجريب، ويمكننا القول إن فكرة انشاء «لوحة المفاتيح العربيّة العصريّة» (اختصارًا لوحة المفاتيح ؏) نابعة من عدم مراعاة لوحة المفاتيح التقليدية خصائص اللّغة العربيّة وطبيعتها، وهناك حاجة ماسّة لأن يكون تصميم اللّغة العربيّة على لوحة المفاتيح بفكر عربي يتناول اللّغة العربيّة على اللّوحة من كافّة الجوانب.

وتحتوي اللوحة العربية العصرية على أكثر من 200 شكل للحروف والرموز، كما تحتوي على نسخة دولية يستطيع المستخدم بواسطتها الكتابة بـ 9 لغات عالميّة إضافية كاللغة الإنجليزيّة،  الإيطاليّة، الأسبانيّة، الألمانيّة، البرتغاليّة، التركيّة، السويديّة، الصينية.

يوضح سرحان أن هناك العديد من المستخدمين العرب يميلون إلى الكتابة باللغة الإنجليزية بدل العربية واستعمال ذلك في كافة حياتهم اليومية، وهذا لا يراعي حق اللغة العربية الأم؛ كمان أن نسبة التأليف باللغة العربية في  تدني؛  لذلك كان لابد  على تشجعيهم من خلال هذه اللوحة العصرية على الكتابة بشكل تقدم خلاله حروف اللغة العربية بشكل مزخرف مكونًا نصل أشبه ما يكون بلوحة فنية.

ونوه بحديثه إلى أن اللوحة بالبداية تستهدف فئة الأطفال لتنشئتهم على اللغة العربية في مرحلة مبكرة من عمرهم،  إضافة لمتخصصي الاعلام والسكرتارية فهم أكثر فئة غالبًا ما تستخدم أجهزة الحاسوب بشكل يومي.

 وتتميز اللوحة العصرية بسهولة تعلمها في زمن قياسيّ، حيث تستمد قوّتها وسهولة حفظ أماكن مفاتيحها من خلال مبادئ البرمجة اللغويّة العصبيّة، حيث يتم الاستدلال على مكان الرمز على اللوحة من خلال مؤشّر ما مرتبط بهذا الرمز، كما أنها معرّبة بالكامل، بحيث يفهم المستخدم العربيّ معنى جميع المفاتيح ووظائفها.

تمّ إنشاء النسخة الدوليّة للوحة المفاتيح ؏ بحيث تكون متوافقة مع النسخة العربيّة من حيث أماكن الرموز وعلامات الترقيم،  تنوع اللغات فيها  فلا داع إلى أن يغيّر المستخدم العربي لوحة المفاتيح الخاصّة به عند السفر لأي من الدول التي تتحدّث باللغات الموجودة على النسخة الدوليّة، وبذلك يتمّ المساهمة في الحفاظ على اللغة العربيّة الفصحى كلغة أمّ، ومواصلة استخدامها في كافة مناحي الحياة.

  تقوم لوحة المفاتيح ؏ تعريب أسماء مفاتيح الاستخدام من خلال ما أطلق عليه “التعريب المقارن” بحيث يتم مقارنة المعاني باللغات المختلفة بين اللغتين (الإنجليزيّة والألمانيّة) وإيجاد اللفظ الأقرب للمعنى والأكثر رونقا، وقد تم ترجمة بعض معاني أسماء مفاتيح الاستخدام وكتابتها على شكل أفعال الأمر، نظرًا لقوة وقعها بصيغة المخاطب على أذن المستخدم، وإشعاره بأنّ اللّوحة تخاطبه، وتتفاعل معه من أجل إتمام المهمّة التي هو بصددها.

ولأن العلم ليس له حدود يقوم الطبيب سرحان باستغلال وقت فراغه في عيادته الخاصة لتقديم دروس للمستفيدين حول كيفية التعامل مع اللوحة العصرية،  تعزيزا لتكوين  محتوى عربي الرقمي، وترسيخ الدور الحضاري للغة العربيّة في ظل الأوساط التنافسيّة الحادّة على الصعيد العالمي.

كما تمّ عرض لوحة المفاتيح العربيّة العصريّة في المؤتمر الفلسطيني الدولي الثاني لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وقد لاقت استحسان الجمهور عامّة والخبراء خاصّةً.

    ويذكر أن خالد سرحان تخرج  في الطب من جامعة فيينا، وأكمل تخصصه في مجال طب الأسرة، ومن ثمّ سافر إلى الصين لدراسة الطب الصيني ويعمل بعيادته الخاصة في قطاع غزة.

كاريكاتـــــير