شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الخميس 28 مارس 2024م21:01 بتوقيت القدس

لماذا الحج بات عبئًا على كاهل الغزيين؟

25 سبتمبر 2017 - 22:35
شبكة نوى، فلسطينيات:

غزة-نوى:

"بعت مصاغي من الذهب أخيرًا، ثمّ سحبت وديعتي من البنك، لكني صدمت أنها لا تسد أيّ من رسوم الحج، حاولت توفير المزيد من الأموال لي ولابني الذي يرافقني للحج لكنني لم أستطع إيفائها لأنها تفوق قدرتنا"؛ هذا ما تقوله المواطنة فاطمة حسن 60 عامًا التي تأسف أنها لم تستطع الالتحاق بفوج الحجّاج للعام 2017 بعد سنوات من الانتظار.

حقيقة، باتت فريضة الحج تشكل عبئًا ثقيلًا على سكان قطاع غزة الذين يعيشون ظروفًا اقتصادية مريرة، سيّما وأن "الحصار الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة للعام العاشر على التوالي رفع نسبة الفقر بين سكانه إلى 65%" بحسب المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان.

تروي فاطمة أنها قضت مدة زمنية بلغت ثمانية أعوام في ادخار أموالها على أمل الحصول على فرصة سفر لأداء فريضة الحج، لكنها تفاجأت بعدما قدمت أوراقها في أحد مكاتب التسجيل للحج والعمرة في غزة  أنّ ما جمعته طيلة الأعوام لا يسد تكاليف الحج الأساسيّة.

وتتهم الجهات المسؤولة عن شؤون الحج أنها لا تراعي الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي يعيشها الغزيين، واذا استمرت التكاليف مرتفعة فإنها لن تستطيع تحقيق أمنياتها في زيارة الديار الحجازية.

لا تخفي فاطمة أنها تنظر بعين الحسرة لنفسها بعد سفر العديد من النساء دونها، حيث تحتاج توفير المزيد من المال حتى يتنسى لها أن تحج في السنوات القادمة، وتتساءل بسخط "ما سبب الارتفاع في تكاليف الحج؟ أضحى الأمر موسم لجني الأموال أكثر من كونه موسم ومرسم ديني" وفقًا لتعبيرها.

وكان المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان قد ذكر في تقرير له سابقًا أن نسبة البطالة في غزة ارتفعت في الآونة الأخيرة إلى أكثر من  47%، وأن 80% من سكان القطاع باتوا يعتمدون على المساعدات الخارجية لتأمين الحد الأدنى من متطلبات المعيشة اليوميًّة، ما يعني تناسب ارتفاع التكاليف عكسيًا مع الوضع المادي على أرض الواقع في غزّة.

وفي حديث مع المواطن فتحي نصر الله 55 يقول لـ"نوى": "كانت أمنيتي أن التحق بالسفر للحج لكني سجلت لدى مكتب  السياحة والحج والعمرة بغزة، وقمت بدفع  1500 دينار كمبلغ أولي، وتوقعت تسديد ما تبقى من الرسوم لكن بشكل بسيط، إلى أن تفاجأت برسوم استكمال  التسجيل المتبقية أنها أكثر من التي دفعها مسبقًا، حيث توجّب علي سداد قرابة 2000 دينار أخرى كي أتمكن من السفر برغم أن اسمي كان مدرجًا بالقرعة".

شغف المواطن نصر الله لأداء مناسك الحج وأمنيته لم تتحقق بسبب التكاليف المرتفعة للحج خاصّة أن ظروفه الاقتصادية سيئة وبالكاد يستطيع توفير دخل للمستلزمات الأساسية.

وكانت قد أعلنت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية سابقا، أن تسعيرة الحج لهذا العام 1438هـ /2017م، لحجاج بيت الله الحرام في (قطاع غزة)  تبلغ (2190) دينار أردني.

 تساءلت "نوى" عن سبب ارتفاع  التكاليف المفروضة على الحجاج، والتي لم تراعِ ظروف الحصار والفقر التي يعيشها السكّان من عقد.

عادةً يتم التسجيل للحج، بداية من خلال  المكاتب السياحية للسفر. بذات السياق، يقول محمّد مشتهى وهو أحد أصحاب تلك المكاتب "إن الوزارة هي من تقوم بتحديد  سقف رسوم تكاليف الحج ويقف دورهم فقط عند تسجيل أسماء الحجاج وتقديم كشوفات بأسمائهم للوزارة"، مضيفًا أنه ومنذ خمسة أعوام لم تسجل المكاتب أي أسماء جديدة؛ وإنما كل من حصل على فرصة سفر كان من خلال قرعة تجريها الأوقاف أيضًا".

ولا تتقاضي المكاتب المال من أي مواطن يقدم لأداء منسك الحج؛ لأنه يقوم يدفع الأموال عبر البنك بتواصل مباشر مع وزارة الأوقاف التي  تعطي بدورها تلك المكاتب نسبة معينة عن كل حاج، حسبما أفاد مشتهى.

وزارة الأوقاف والشؤون الدينية فسَّرت سبب ارتفاع تكاليف الحج للعام الجاري والسابق، أن خدمات الحجاج تتطور عامًا بعد عام وهذا مرتبط بالسعودية وما تضعه من شروط  يتحتم على الأوقاف في قطاع غزة تطبيقها، حيث زادت 200 دينار أردني.

المتحدث على لسانها في دائرة الإعلام رمزي النواجحة يلفت أنه "كلما ارتفعت تكاليف الخدمات المقدمة للحجاج ينعكس ذلك طرديًا مع التكاليف الذي يجعلها تزداد".

وحول ارتفاع التكاليف التي يشكو منها المتقدمين للحج على نحو يشمل رسوم المعابر، تذكرة طيران بثمن 700 دينار، وبقية المبلغ يوزّع على استئجار السكن في مكة والمدينة، ونقل الحجاج في المشاعر وثمن خدمات الطوافة والزمامة، وخدمات أخرى.

ويشير النواجحة إلى أنّ الوزارة توفّر مجموعة من الواعظين من أصحاب الخبرة يصطحبون الحجاج في رحلتهم الدينيَّة.

واستغرب الحاج موسى ناجي  50 عامًا من ارتفاع القيمة المالية التي كلفته مقابل أداء مناسك الحج طيلة  الـ22 يومًا في السعودية، مقارنة بما حصل عليه من خدمات، وحسب قوله: "إن العديد من  المتبرعين وأصحاب الخير يقدمون خدمات مجانية للحجاج، وما يدفعه يزيد عن طاقتهم المادية، فالحج بات مكلفًا بشكل منهك".

وعن المعاناة، فإن الحجاج غالبًا ما يتعرضون لصعوبات كبيرة على خلاف رحلة السفر الشاقة وإغلاق المعبر، وارتفاع التكاليف "يزيد الطين بلّه"، خاصّة أن كبار السن يعتبرون فرصهم في التحصيل المالي ضعيفة مقابل فرص الشباب.

غير ذلك، ينوّه الحاج ناجي أن الغزيين لا يتمكنون إلا أداء فريضة الحج، وبالنسبة للعمرة فهم محرومون من أداءها منذ أكثر من أربعة أعوام، واستطاع لهذا العام أن يؤدي 2823 حاجًا غزيًّا فريضتهم.

كاريكاتـــــير