شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الاثنين 06 اكتوبر 2025م10:27 بتوقيت القدس

حَرَست "كفاح" الشُّهداء.. وأخذت من اسمها النصيب كله!

11 ديسمبر 2023 - 08:29

شبكة نوى، فلسطينيات: أحلام حماد غزة – نوى/ فلسطينيات

لكلٍ من اسمه نصيب، ولكفاح من اسمها النصيبُ كله. هذه الفتاة الثلاثينية اختارت أن تكون "حارسة الشهداء" في منزلها القريب من مقبرة الفالوجا بمخيم جباليا للاجئين، شمالي قطاع غزة.

تحمي كفاح زايد (35 عامًا)، منذ بداية الحرب، جثث الشهداء من أن تنهشها الكلاب والحيوانات الضالة، وترشد متطوعين في منطقتها إليهم لإكرامهم بالدفن، فتشعر أنها بهذا فعلت "أعظم ما قد يفعله إنسان".

بدأت الحكاية في أحد أيام الحرب الإسرائيلية الضارية على القطاع، التي تصاعدت منذ السابع من شهر أكتوبر الماضي، حين كانت على موعد مع مشهد إنساني مؤلم، لجثث شهداء ملقاة على مدخل المقبرة.

تقول لـ"نوى": "يبدو أن الوقت لم يسعف أحد لدفنهم بفعل حدّة الغارات الجوية التي لم تتوقف. المشهد كان دافعًا للتحرك برفقة متطوعين ومتطوعات في المنطقة يبادرون لانتشال الجثث ودفنها في المقبرة".

هذا المشهد ليس استثنائيًا، فمئات جثث الشهداء ظلّت ملقاةً في الشوارع وبين أزقة المخيمات في مدينة غزة وشمال القطاع، من دون أن تتمكن فرق الإسعاف والدفاع المدني من انتشالها، بسبب مخاطر التحرك في الميدان، جراء الاستهداف المباشر، وكثافة الغارات الجوية الإسرائيلية.

وبحسب مقابلةٍ أجرتها "نوى" مع الناطق باسم الدفاع المدني الرائد محمود بصل، فقد استغلت هذه الفرق أيام الهدنة المؤقتة التي استمرت سبعة أيام، وتمكنت من انتشال زهاء 300 جثة لشهداء من الشوارع والميادين العامة وأزقة الأحياء والمخيمات.

هذا شجّعَ فتياتٍ أخرياتٍ للتطوع مع كفاح بحثًا في المنطقة عن جثث، وبمساعدة شبان متطوعين، كُنَّ ينتشلن الجثث ويدفنّها. تعقب كفاح: "الكثير من هذه الجثث دُفنت تحت مسمى مجهول الهوية، وقد واجهت وأعضاء الفريق تحديًا يتمثل بعدم توفر مساحةٍ شاغرة في المقبرة لحفر قبور جديدة، وهذا اضطرنا إلى دفن عددٍ من الشهداء في قبورٍ قديمة أعدنا فتحها من جديد".

لكن التحدي الأكثر إيلامًا بالنسبة لكفاح، عندما استهدفت غارات جوية إسرائيلية المقبرة، ومن شدة الانفجارات تناثرت جثث شهداء وموتى من القبور، واستغرقت مهمة إعادة دفنها وقتًا، وكانت مغامرةً كبيرة على حد وصفها، في ظل التحليق المكثف للطيران الحربي الإسرائيلي.

وفقدت شقيقة كفاح، واسمها أزهار، طفليها أمير وأميرة، جراء غارة جوية إسرائيلية استهدفت محيط مقبرة الفالوجا، فدفن الاثنان في أحد القبور التي كان والدهما قد جهّزها متطوعًا للشهداء.

عن هذه الحادثة الأليمة تروي كفاح أن زوج شقيقتها أزهار كان أحد المتطوعين المبادرين لحفر قبور الشهداء مجهولي الهوية، وقد طلب من طفليه إحضار مياهٍ من المنزل المجاور للمقبرة، وفي طريق عودتهم أطلقت طائرة حربية إسرائيلية صاروخًا تسبب في استشهاد 11 فلسطينيًا بينهم 10 أطفال.

أمير(4 أعوام) وأميرة (3 أعوام) كانا من بينهم، وهما وحيدا أبويهما، وقد أبصرا نور الحياة بعد 3 سنوات من الزواج، وكانا بمثابة نور العين لكل أفراد العائلة.

وفقًا لكفاح، فإن الأبوين يرفضان النزوح عن منزلهما، وأصرا البقاء على مقربةٍ من المقبرة في الفالوجا، التي تؤوي جسدي طفليهما، أما كفاح فنزحت. تقيم حاليًا في مدرسة جنين الثانوية المتاخمة لمستشفى غزة الأوروبي، التي حولها نازحون من شمال القطاع إلى مركز إيواء، كونها ضمت عددًا من الجرحى، الذين كانوا يتلقون العلاج في المستشفى الأندونيسي واضطروا إلى النزوح جنوبًا.

تعالت كفاح على حزنها بفقدان طفلي شقيقتها، والنزوح الاضطراري عن منزلها، ورغم مآسي الإقامة في مركز الإيواء، واصلت مسيرتها التطوعية، فبدأت تعمل على مساعدة الجرحى في المدرسة، وإسنادهم في تدبر شؤونهم اليومية.

وبالنسبة لها فإن "هذه حرب مجنونة، والمطلوب منا جميعًا إسناد ومساعدة بعضنا البعض"، إذ لا تنفك الشابة عن التفكير في مآل ومصير جثث الشهداء في الشوارع وتحت الأنقاض، في ظل استئناف جيش الاحتلال الإسرائيلي حربه العنيفة على القطاع.

وبحسب رصد وتوثيق وزارة الصحة في قطاع غزة ومنظمات حقوقية، فإن حصيلة شهداء الحرب على غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي تجاوزت 15 ألف شهيد، جلهم من النساء والأطفال، إضافة إلى أكثر من 37 ألف جريح، فضلاً عن نحو 7 آلاف مفقودٍ تحت أنقاض المنازل والمباني السكنية المدمرة.

وبحسب الناطق باسم الدفاع المدني، فإن (90%) من جثث الشهداء التي تم انتشالها من الشوارع خلال أيام الهدنة السبعة كانت متحللة، ومجهولة الهوية، والكثير منها مقطعة إلى أشلاء ممزقة.

ويقدر الرائد بصل وجود أعداد كبيرة من الجثث الملقاة في الشوارع، التي لم تتمكن فرق الإسعاف والدفاع المدني من الوصول إليها، خاصةً في مناطق المحاور التي يتواجد بها جيش الاحتلال وآلياته، وفي المناطق القريبة من السياج الأمني الإسرائيلي.

وبشأن المفقودين تحت الأنقاض وركام المنازل والمباني المدمرة، يقول الرائد بصل: "إن إمكانيات الدفاع المدني البشرية والمادية، لا تُمكّنها من التعامل مع هذه الحالات، لعدم توفر الأعداد الكافية من أفراد الطواقم البشرية، وكذلك عدم توفر الحفارات والجرافات المؤهلة لرفع آلاف الأطنان من الركام.

اخبار ذات صلة
كاريكاتـــــير