قطاع غزة:
"فيتامينات من الطحالب" تقرأ العبارة -أنت ابن البحر- وتبتسم، رغم أنك تعي ما تحمله هذه المساحة الزرقاء من "حياة"، "لعلّ الله يعطينا القدرة على التفكير خارج الصندوق لأننا أهل الحصار، ولأن لا خيار أمامنا كي نحيا إلا أن "نجد قوتنا، ونبتدع".
عبد القادر بكر (28 عامًا) ابن مدينة غزة، وبعد سنواتٍ من التجارب ينشئ أول مزرعة في فلسطين، تتخصص باستخلاص فيتامينات من طحالب "الاسبيرولينا". "إنه الشغف الذي ولد معي في مجالات البحث، خاصةً التي تتعلق بالزراعة" يقول.
ويشرح: "عثرت يومًا على منشورات علمية عرّفتني بفوائد هذا النوع من الطحالب، واستخداماتها في التغذية وأسمدة النباتات والحيوانات، وسألتُ حينها نفسي: لم لا أحاول اكتشاف هذا الأمر؟".
في فترة انتشار فايروس كورونا عام 2020م، خضع الشاب لتدريبات عن بعد على يد إحدى الجامعات المصرية، حول آلية إنتاج الطحالب واستخلاص فيتنامينات منها.
ويضيف: "القصة لم تكن سهلة بالطبع، فمجرد وجودي في القطاع الذي يقع بين فكي الحصار الإسرائيلي منذ 17 عامًا، قاتل لأي محاولات للنهوض بإمكانات الباحثين"، مستدركًا: "لكن كان عندي يقين بأن "العدم" أحيانًا يصنع المستحيل، وهذا ما دفعني لإكمال مشروعي".
بدأت قصة البحث، وتواصل الشاب مع مختصين في بلدان عديدة لمساعدته وتوجيهه للقيام بالتجربة هنا داخل قطاع غزة، وفحص ما إذا كانت البيئة ملائمة لفعلها أم لا. يزيد: "لم أكتف هنا، فقد بحثت عن إمكانية زراعتها في غزة، وتشاورت مع الكثير من المختصين حول إقبال الناس عليها فيما لو نجحت، ومدى سؤالهم عن طحالب الاسبيرولينا".
وتبيّن أن العديد من الناس يستوردونها كـ "منتج خام"، عبر البريد من ماليزيا وأمريكا، لكن تكلفتها عالية نتيجة افتقار القطاع لزراعتها، "وهذا ما شجعني" يعقب.
توفير المادة الحية ومكونات إنماء هذه الطحالب داخل القطاع كان أكبر تحدٍ يواجه عبد القادر إلى أن استطاع استيرادها، فجلب عينات الطحالب من الخارج وحاول أقلمتها مع مناخ غزة، وقد نجحت فيها بعض التجارب وفشلت أخرى.
بدأت عملية الإنتاج، وصارت الطحالب تزداد بكثافة، أرسل عينات لمختصين في مصر لفحصها وتأكد حينها من نجاحها.
بحسب الشاب، تمر عملية الإنتاج بمراحل تبدأ بتركيب المحلول الخاص، ثم الانتظار لمدة يومين حتى تتم عملية التجانس، ثم الزراعة عبر إضافة المادة الحية للمحلول، لتحدث عملية الانقسام والكثافة، وتتبعها مرحلة البناء الضوئي للطحالب ثم مرحلة القطاف.
ويكمل: "يتم بعدها غسل الطحالب بعد تصفيتها بشاش أبيض، ثم تجفف وتطحن في آلة كهربائية قبل أن يتم تعبئتها بأكياس مخصصة للبيع في الأسواق المحلية".
وتحدث عملية الإنتاج هذه داخل مزرعة صغيرة خصصها عبد القادر عبر درجة حرارة معينة، برغم عدم توفر نترات البوتاسيوم اللازمة للنمو.
ويشار إلى أن مركز الابتكار وريادة الأعمال احتضن فكرة الشاب، حيث قدم له عدة تدريبات من خبراء ومختصين حول زراعة الطحالب واستخلاص الفيتامينات منها، حسب قوله.
