شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم السبت 27 سبتمبر 2025م02:37 بتوقيت القدس

تجارة المخراز تنتعش

"ماركات عالمية" بين أيدي محدودي الدخل بغزة

06 فبراير 2023 - 09:26

غزة :

اقتسم أحمد (28 عامًا) جزءًا من مساحة منزل عائلته؛ ليكوّن لنفسه سكنًا خاصًا يتزوج فيه. ومع اطمئنانه إلى أن مشكلة السكن قد حُلّت، بات همه التفكير في آلية الحصول على الأجهزة الكهربائية اللازمة لمنزل الزوجية، فهو بالكاد تدبّر نفقات الزواج الرئيسة.

سرعان ما جاءه الفرج حين تكفّل أشقاؤه -وهم من ذوي الدخل المتوسط- بتلك الأجهزة، حين قدّموا الغاز، والغسالة، والثلاجة، هدية زواج مما يُعرف محليًا ببضاعة "مخراز"، حيث تشهد تجارة هذه الأجهزة المستخدمة وغير المستخدمة، رواجًا في قطاع غزة، وأصبح لها محلّات مختصة ببيع هذا النوع من السلع، منتشرة في كل أرجاء القطاع.

يقول أحمد لـ"نوى": "كانت الأسعار مناسبة جدًا وهذا سهّل على إخوتي توفيرها، ولولاها لانتظرت سنوات حتى أوفّر الجديد منها".

في مساء يوم ماطر، وقف التاجر إبراهيم أبو عليان أمام شاحنات ضخمة حملت لصالحه بضائع منوعة من "المخراز"، ومدافئ الغاز، والمكانس الكهربائية، والمكيفات الساخنة، وصوبّات الغاز، وغيرها من البضائع التي سيبدأ مشرف صفحته على "الفيس بوك" بنشر المعلومات حولها.

أضحى "أبو عليان" ماهرًا في البيع "أون لاين"، يريح زبائنه في محافظات قطاع غزة الخمس، من عناء الذهاب إلى محلّه في بلدة عبسان الكبيرة بمدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة.

يخبرُنا أبو عليان: "منذ ست سنوات أعمل في تجارة المخراز. أشتري صفقات متنوّعة من المنتجات الكهربائية، وغيرها، من الداخل المحتل، ثم أبيعها جملة ومفرق للمواطنين".

يعزو أبو عليان زيادة الطلب على بضائع "المخراز"، إلى كونها ماركات عالمية تمتاز بالجودة العالية وعمر الاستخدام المديد، بالإضافة إلى انتظام عمل معبر كرم أبو سالم مع الاحتلال الإسرائيلي.

ويعدُّ أبو عليان السعر المنخفض لبضائع "المخراز"، سببًا مهمًا في دفع الناس ذوي الدخل المتوسط والمحدود نحو شرائها، إذ تقل أسعار الأجهزة المستعملة أو المتضررة ضررًا خفيفًا عن الجديد، ما بين 50-60%.

قبل أيام، تسرب إلى مسامع أبو عليان معلومات حول نية السلطات في غزة مضاعفة الضرائب على بضائع "المخراز" بنسبة 100 %. يقول لـ"نوى": "البضائع التي كانت ضرائبها بقيمة 4 آلاف شيقل، (أي 1250$) ستصبح ثمانية آلاف شيقل. أعتقد أن سبب ذلك مواقف تجار البضائع الجديدة من طغيان بيع المخراز على حساب بضائعهم".

إلى شارع الجلاء شمال مدينة غزة، حيث يعرض التاجر أحمد أبو مسلم صاحب محل "مخراز يافا للتصفيات العالمية"، منتجات تضم أجهزة في مقدمتها الثلاجات بأنواعها وأحجامها المختلفة، إضافة لأجهزة التكييف، والبوتجاز، والغسالات، والأفران الكهربائية، والمدافىء، وأجهزة الحاسوب المحمولة "لابتوب"، ومعدّات الإنترنت، وبضائع أخرى.

يُرجِع أبو مسلم رواج المخراز إلى أن ما تبيعه تلك المحلات، هو من ماركات تصفية عالمية، تُباع بسعر مخفض، وما تأتي به محلات الأجهزة الكهربائية الجديدة هي ماركات تجارية يهدف التاجر من خلالها، لتحقيق أرباح بالدرجة الأولى.

يضيف: "رغم أن سعر المخراز منخفض عامة عن سعر المنتجات الجديدة، إلا أن هناك بضائع مخراز قد تكون أغلى ثمنًا من المنتج الجديد بسبب ماركتها العالمية".

ويشير أبو مسلم إلى صعوبات عدة تواجه تجار المخراز بسبب الاحتلال الاسرائيلي، ويقول: "كثيرًا ما يتم مصادرة البضائع أو إعدام أصناف منها، فهناك تشديد كبير في دخول تلك البضائع إلى غزة".

في السنوات الأخيرة، ومع تنامي حالة الركود الاقتصادي، وانخفاض الدخل بشكل غير مسبوق، وما رافقه من تراجع في القدرة الشرائية لأكثر من ثلثي سكان قطاع غزة، حيث يعانون من الفقر، وتراجع القدرة المالية، والإنفاق على السلع، لجأ آلاف المواطنين في غزة للاعتماد على شراء جزء من احتياجاتهم غير الأساسية المستخدمة "المخراز"، كما يوضح الباحث الاقتصادي حسن الرضيع لـ"نوى".

ويضيف: "تعدُّ تجارة المخراز رائجة، والاستثمار فيها ذو جدوى اقتصادية، والسبب الأبرز في انتشارها، يرجع لحالة الفقر، وانعدام الدخل".

ويُرجِع الرضيع ذلك، إلى انخفاض أسعار السلع المستخدمة، مقارنةً بالسلع التجارية الجديدة وخصوصا المستوردة، مضيفا: "تباع منتجات المخراز بأسعار تصل ثلث أو نصف القيمة، في حال السلع الجديدة، وهذا يعدُّ حافزاً للطلب ووسيلة لتلبية احتياجات الفقراء وذوي الدخل المحدود".

ويؤكد الباحث الاقتصادي أنه بسبب ازدياد الطلب على المخراز، تزايدت أعداد المحلات التي تبيع سلعًا مستخدمة، خصوصًا الأجهزة الكهربائية، والأدوات المنزلية، والأثاث المنزلي، والسجاد، وكذلك الملابس، والأحذية.

وختم: "يُلاحظ ارتفاع حجم تجارة المخراز، حيث أضحت نشاطًا اقتصاديًا مهمًا من عدة نواحٍ، الأول توفير فرص عمل للمئات، إضافة لتقليل أعباء المعيشة على المستهلكين، إضافةً لفائدة مالية، لوزارات المالية والاقتصاد، حيث تقوم بفرض رسوم على الشاحنات الواردة لغزة".

كاريكاتـــــير