غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:
حتى الأطراف صارت رقمًا. هذا ما يحدثُ تحت الإبادة! تُعدّ أطراف الإنسان المبتورة كأنها رقم يُنطق. يشير الأطباء إلى الجرحى أو حتى الناس العاديون: أنظروا إليها، فقدت ثلاثة أطراف من جسدها، فيما فقد وسيفقد شقيقها الأصغر قدمه أيضًا. ليست مبالغة، بل قصّة حقيقية لطفلة وأخيها باغتهم القصف الإسرائيلي ليسلب طفولتهم.
نور فرج (10 سنوات)، تركض بعينيها على سرير طبي في مستشفى ناصر بمدينة خان يونس، جنوبي القطاع، بلا ساقيها ولا يدها. طفلة قضمت الصواريخ نصف جسدها بعدما كانت مفعمة بالحياة، تبحث عن أدنى فرصة للعب، حتى مع استمرار الحرب!
"انطفأ نور قلبي ولم يعد للحياة معنى، لا أعرف كم مرة يجب علينا الحديث لأجل أن ينظر أحد لحالنا تحت الإبادة! لا أعرف كم يجب علينا أن نخسر لإيقاف هذا الجحيم".
أصيبت نور في القصف مع أسرتها. أمها رباب تعيش ألمًا لا يُحتمل بعد تكسّر أطرافها وانتشار الحروق في جسدها. شقيقها معاذ (14 عامًا) ارتقى شهيدًا، فيما يواجه يحيى، ذو الثلاث سنوات، خطر بتر قدمه جرّاء تفاقم حالته الصحية وضعف الإمكانات الطبية.
يخبرنا الأب أنه يشعر بالعجز وهو ينظر إلى عائلته، لا يعرف من يساعد أكثر والجميع يحتاج المساعدة، لا يعرف للعلاج سبيلًا تحت القصف، ولا طريقًا للسفر بهم في ظل تشديد الحصار.
ويضيف: "انطفأ نور قلبي ولم يعد للحياة معنى، لا أعرف كم مرة يجب علينا الحديث والمناشدات لأجل أن ينظر أحد لحالنا تحت الإبادة! لا أعرف كم يجب علينا أن نخسر لإيقاف هذا الجحيم".
تنظر نور بصدمة إلى كل من حولها، ترقب الصحفيين الذين يزورون المستشفى وتبني أملًا في كل مرّة تُلتقط لها صورة. تقول: "لعلّها تكون فرصة تصل لمسؤول ما حول العالم! فأنا طفلة، فقدت ساقيَّ ويدي وأحتاج فرصة للعلاج بالخارج".
لم تعد الطفلة قادرة على السير أو اللعب كأي طفلة في عمرها، إذ فقدت قدميها من فوق الركبة ويدها اليمنى، واستقرت الشظايا في جسدها النحيل. ومع ذلك، تخشى على حبيبها وشقيقها الأصغر يحيى أن يلقى نفس المصير، فالبتر صار أمرًا "طبيعيًا" تحت نيران الجحيم الذي تصبّه "إسرائيل" على سكان القطاع في كلّ لحظة.
قصة نور وأسرتها ليست استثناءً؛ فأكثر من 20 ألف طفل في غزة استشهدوا منذ بداية الحرب، بحسب منظمات إنسانية، وأكثر من 1000 طفل دون العام الواحد لم يُمنحوا فرصة للحياة. فيما يواجه آلاف الأطفال خطر البتر والعجز الدائم، وسط نظام صحي منهار يفتقد لأبسط الإمكانيات الطبية.