شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الخميس 28 مارس 2024م15:42 بتوقيت القدس

تحقيق في الانتهاكات

انتصرت الصحافيات وانهزم القمع

28 يونيو 2021 - 15:21

رام الله:

"نجحت الصحافيات في نقل الرسالة، ورغم كل القمع الذي تعرّضنا له؛ كنا عند ثقة الجمهور ووصلت الأحداث بالكلمة والصورة معًا".

بهذه الكلمات، تحدثت الصحافية الفلسطينية نجلاء زيتون مراسلة شبكة قدس الإخبارية لنوى، وهي تروي تفاصيل الاعتداءات التي تعرض لها صحافيون وصحافيات خلال تغطيتهم اعتداءات عناصر من الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية عليهم أثناء تغطيتهم لمسيرات منددة باغتيال الناشط السياسي المعارض نزار بنات.

تقول نجلاء: "يوم الخميس تمت الدعوة لمسيرات منددة بالاغتيال، واتفقنا كصحافيين وصحافيات على الالتزام بالزي المميِز للصحافة كي يعرفنا الطرفان، وفي الميدان مرّت أول عشر دقائق بسلام، لكن سرعان ما حدثت صدامات بين المتظاهرين ومسيرات مؤيدة للرئيس، وفوجئنا بشتائم من قبل الأخيرة ولا نعرف كيف ظهرت العصي فجأة وتعرضنا للضرب".

فوجئت الصحافية نجلاء، بشخص يحاول سحب هاتفها من الخلف، فحاولت حماية نفسها، سرعان ما تعرضت للضرب بالعصي، ومن ثم هاجمها شخص بلباس مدني وخطف هاتفها، ركضت خلفه وبدأت عملية تناقل للهاتف بين عدة أشخاص وهي تجري خلفهم، إلى أن وصلت لشخص يرتدي الزي العسكري والذي بدوره عاجلها بالشتم رغم أنها أبرزت بطاقة نقابة الصحافيين التي توضح هويتها، كما تعرضت للشتم من قبل سيدتين بالزي المدني، إضافة إلى وجود شخصين قاما بتصويرها بوضوح.

تضيف: "طالبت بهاتفي ورفضوا إعادته، وأثناء مغادرتي تعرّضت للضرب مرة أخرى، والكدمات ما زالت موجودة، لم أعرف كيف أتابع عملي في ظل كل هذا القمع، هاتفي ما زال معهم وهو شخصيّ يحتوي صورًا عائلية، حتى عندما راجعت المباحث نفوا أن يكون لديهم وقالوا ربما ما زال في الفحص، وأنا لا أدري ما هو الفحص فأنا لست متهمة بشيء ولا أشعر بالأمان تجاه وجود هاتفي معهم".

ومع ذلك فالرسالة وصلت، تقول نجلاء، فأثناء العمل كانت تزوّد وكالتها بكل صورة ورواية تحصل عليها من الميدان، وهذا جعل الصور تصلهم قبل مصادرة الهاتف، لتنجح بذلك في تجاوز أكبر عقبة واجهتهم في التغطية.

اقرأ/ي أيضًا :الضفة تشتعل.. لا لقتل المعارضين

أما الصحافية شذى حماد مراسلة موقع ميدل ايست آي، فقد تعرضت هي الأخرى للاعتداء أثناء وجودها برفقة مجموعة من الصحافيين والصحافيات، في مربع صغير وسط شارع الإرسال، حيث لم يسمح لهم الأمن بمغادرته.

تقول حماد التي ما زالت تعاني من إصابة في وجهها :"يوم السبت كان الاعتداء من قبل الأمن على الصحافيين والصحافيات ممنهج، وضرب لكل من يرفع كاميرا أو هاتف، في محاولة لإسكات أي صوت ومنع الصحافيين من مواصلة التغطية".

أصيبت حماد بقنبلة غاز في وجهها، كادت أن تضرّ بعينها، سبقها محاولة أحد عناصر الأجهزة الأمنية خطف هاتفها الجوال، ولما عجز ألقاه على الأرض وتسبب في تكسيره، كما تم سرقة هواتف مجموعة من الصحافيات- تقول حماد-.

وتروي حماد الكثير من المخاوف إثر ما حدث :"كنا في شارع واحد وهو شارع الإرسال، وخفنا من التحرك، عيون الأجهزة الأمنية علينا تعرضنا لاعتداءات رغم أننا ملتزمين بزي الصحافة، كان الوضع كله ذل وقهر لنا، حاصرونا في ذات الشارع، وكان هناك استهداف تحديدًا للصحافيات كذلك التعرّض للمتظاهرات بشكل أكبر".

ووفقًا لحماد، فإن القمع ضدهم أخذ بالتصاعد منذ إقرار قانون الجرائم الالكترونية عام 2017، وما تبعه من ملاحقة الصحافيين والصحافيات على خلفية عملهم، رغم المهنية الكبيرة التي يبدوها حتى إنهم يسجلون في كل عام حصولهم على جوائز دولية"، فحماد ذاتها حصلت العام الماضي على جائزة دولية في الصحافة، انطلاقًا من المهنية التي تبديها.

"لم نتمكن من الوصول إلى شهود العيان لأخذ شهاداتهم، ولم نتمكن من التصوير، كنا شهودًا على القمع والسحل والضرب، ما خرج من صور هو جزء مما شهدناه، نحن نعمل في بيئة معقدة تتشابك فيها هذه الانتهاكات مع ما نتعرض له من الاحتلال الإسرائيلي"-تقول حماد-

تحرّك الصحافيون والصحافيات في الميدان بشكل جماعي-ووفقًا لحماد- رغم كل شيء نجحوا في نقل الرسالة والحصول على شهادات وصور رغم صعوبة ذلك، انتصرت الرسالة رغم كل هذا القمع.

الصحافيتان بدورهما انتقدتا موقف نقابة الصحافيين الذي لم يكن بحجم الحدث، وبينما قالت زيتون أن النقابة قصّرت تجاههن وتجاهلت حتى الاطمئنان عليهن، رأت حمّاد إن البيان الذي أصدرته استفزازي ولا يرتقي إلى مستوى ما تعرضت له الصحافيات.

اقرأ/ي أيضًا:نقابة الصحافيين تدعو لمقاطعة أخبار الحكومة الفلسطينية

وكانت نقابة الصحافيين الفلسطينيين دعت في بيان لها يوم أمس، كافة وسائل الإعلام المحلية والدولية لمقاطعة أخبار الرئاسة والحكومة الفلسطينية حتى تحقيق مطالبها، مطالبة رئيس الحكومة محمد اشتيه بإقالة قائد الشرطة على خلفية تقاعس الشرطة عن تأمين الحماية للصحفيين الذين تمّ الاعتداء عليهم، ومنعهم من التغطية، وتهديدهم من قبل عناصر بالزي المدني، وبملاحقة المعتدين على الصحفيين وتقديمهم للقضاء.

وطالبت النقابة بالاعتذار من الصحافيين والتعهّد باحترام فعلي لحرية العمل الصحفي وتغطية جميع الأحداث من دون استثناء، متوعدة بخطوات ستعلن عنها في حال تواصل هذه الاعتداءات على الصحفيين.

في مؤتمر صحفي عقده اليوم، أعلن عمار الدويك مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الانسان تشكيل فريق قانوني من الهيئة ومؤسسات حقوق إنسان أخرى لمتابعة الاعتداءات التي تعرض لها الصحافيون والصحافيات.

وقال الدويك إن الهيئة ترى إن هناك تعمدًا لاستهداف الصحافيين وبشكل خاص الصحافيات في الميدان من خلال غلق الكاميرات وسرقة أجهزة الاتصال التي يستخدموها في التصوير، وعدم تدخّل قوى الأمن لتوفير الحماية لهم رغم أن بعضهم طلب الحماية.

وأعرب عن أسفه لما حدث، فهذا يحول دون تمكّنهم من القيام بدورهم، مطالبًا بتوفير الحماية للصحافيين في الميدان وخاصة الصحافيات، ومحاسبة ومعاقبة من اعتدى عليهم في اليومين الماضيين وإعادة أجهزة الاتصال التي تمت مصادرتها.

وختم بأن الهيئة اتفقت مع مؤسسات حقوق إنسان أخرى على تشكيل فريق قانوني لمتابعة جميع الاعتداءات والشكاوى التي وردتهم، إضافة إلى أنهم على تواصل مع مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة لمتابعة الأمر وبلورة موقف مشترك من هذه التطورات الخطيرة.

كاريكاتـــــير