شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الخميس 28 مارس 2024م23:32 بتوقيت القدس

دورات مهنية تُمهّد لمشاريع مربحة

27 مارس 2020 - 09:23

ما أن تقترب من بيت السيدة الثلاثينية سميرة وشاح الكائن في مدينة غزة، حتى تجذبك رائحة الطعام الزكية، بهارات فواحة، أو حلويات شرقية حضّرتها  في هذا اليوم لجملةٍ من الزبائن.

لقد حولت تلك السيدة مطبخها المنمق إلى ما يشبه المصنع الصغير ، فأضحى ينتج "ما لذ وطاب" من  الأطعمة، لكنها لم تصل إلى مرحلة امتلاك مشروعٍ صغير مُنتِج بهذه السهولة.

حين قررت وشاح أن تبحث عن فرصة عمل تدر لها دخلًا يساهم في تلبية احتياجات أسرتها الضرورية، وأخبرت صديقاتها بأنها تريد استغلال مهارتها في صناعة الحلويات في تعلم المزيد من أنواعها عبر الالتحاق بدورات تأهيلية؛  استخفوا بها، لكنها في النهاية التحقت بعدة دورات فعلًا، واستقت منها الخبرة والتدريبات الاحترافية في صناعة الحلويات، وبدأت بأولى خطوات حلمها، وافتتحت مشروعها الصغير.

"مطبخ سميرة"

تقول لـ "نوى": "لدي خمسة أبناء، وابني الكبير في الجامعة، حين مررنا بظروف اقتصادية صعبة لم يكن أمامي خيار إلا التفكير في كيفية مساعدة أسرتي"،  مضيفةً : "كنت أتمنى في يوم من الأيام، أن أصبح شيف، وأثبت وجودي في المجتمع بالشيء الذي أتقنه، وبالفعل خضعت لعدة دورات في مجال صناعة الحلويات، فزادت خبرتي، ورفعت من ثقتي بنفسي ودعمتني معنويًا ونفسيًا".

تمكنت سميرة بجانب إدارتها لمشروع المطبخ، الذي يوفر طلبيات المعمول والكيك والجاتو والمعجنات والبيتزا، من إعطاء دورات في صناعة الحلويات والمعجنات لمجموعات أخرى من النساء.

تمكنت سميرة التي تكنى بـ "أم محمد" بجانب إدارتها لمشروع المطبخ، الذي يوفر طلبيات المعمول والكيك والجاتو والمعجنات والبيتزا، من إعطاء دورات في صناعة الحلويات والمعجنات لمجموعات أخرى من النساء، حتى أنها باتت تصنع البهارات في منزلها إذ ما طلب منها أحد ذلك.

تتابع: "أصنع كل أنواع البهارات في منزلي، أحمصها وأدمجها ثم أُعلبها وأزود بها المطاعم والزبائن العاديين".

ولم تتوقف مهارة سميرة هنا، إذ ذاع صيتها فأتيح لها فرصة للعمل في مطعم كويتي، لكن عدم حصولها على الهوية الفلسطينية حال دون سفرها.

المدير التنفيذي لمركز  "سمايل كتشن" المتخصص  في تعليم فنون الطهي أحمد أبو طه، أوضح أن النساء في السابق كُنَّ يلتحقن بالدورات التأهيلية لعدة أسباب: منها الهواية، وأيضًا لزيادة الخبرة في مجال الطهي، لكنهن الآن يملكن بالتحاقهن في مثل هذه الدورات أسبابًا أخرى على رأسها افتتاح مشاريع إنتاجية بغية الحصول على مصدر رزق للأسرة،

 ويقول:  "الوضع الاقتصادي الصعب للعائلات في غزة دفع الكثير من النساء للبحث عن فرص عمل جديدة تزيد من دخل الأسرة، ونحن في مركزنا نعلم النساء  الطهي الغربي والشرقي مما يؤهلن للمنافسة في السوق".

الكروشيه منحنى الاستقرار

ياسمين حسونة (26 عامًا) تجلس في غرفةٍ تزينها لفائف الصوف الملون، يبدو كل شيءٍ في المكان مبهرًا للزائر، لكن ياسمين تأبى إلا أن تزيد على الجمال  جمالًا فتخرج المزيد من أعمال الكروشيه التي أنجزتها للمعارض أو الزبائن العاديين على هيئة "طلبيات".

 بعد العام 2013م، وجدت ياسمين نفسها خريجة جامعية من قسم اللغة العربية بدون عمل، تطوعت في مجال تخصصها ثم حصلت على دبلوم إدارة أعمال، علها تجد عملًا يحقق طموحها، لكن هذا لم يُتَح لها بسبب ظروف قطاع غزة الاقتصادية. آنذاك قررت أن تتبع شغفها ضاربة بعرض الحائط التنديد الذي واجهها.

التحقت ياسمين بدورات تدريبية على شبكة الإنترنت تُعلم "الكروشيه"، ثم توجهت إلى الدورات في المراكز المتخصصة بغزة، وحين أصبحت متمكنة،  بدأت تبيع ما تنتج عن بعد "أون لاين".

التحقت ياسمين بدورات تدريبية على شبكة الإنترنت تُعلم "الكروشيه"، ثم توجهت إلى الدورات في المراكز المتخصصة بغزة، وحين أصبحت متمكنة،  بدأت تبيع ما تنتج عن بعد "أون لاين"، بل وتدرب فتيات ونساء على الكروشيه أيضًا.

تضيف لـ"نوى" : "شعرت بعد التخرج أنني أصبحتُ عبءً على المجتمع، وعلى عائلتي بشكل خاص، بدأتُ أبحث عن قدراتي سوكنت أحب الكروشيه، فخضت مسيرة التدريب على كل ما يتعلق به، دون أن ألتفت لنظرة المجتمع الذي لا يقدر العمل المهني للنساء".

وتتابع: "الاستقرار المادي منحني استقرارًا نفسيًا، بدأتُ أجني ثمار مشروعي في العام الأخير، وأشارك في معارض في قطاع غزة (..) أطمح  مستقبلًا لأن أشارك في معارض دولية، وأنصح جميع النساء للتوجه نحو المجال المهني، عليهن استغلال موهبهن وشغفهن".

التمكين الاقتصادي أولًا

مديرة جمعية "نسائم الأمل" أسماء راضي، أكدت أنه خلال مشاركة النساء في برامج الجمعية التوعوية،  كان هناك إجماع لديهن على أولوية التمكين الاقتصادي بالنسبة لهن، لكون أغلب مشاكلهن ناجمة عن الحالة المادية الصعبة لأسرهن.

وتقول: "كان هناك ضرورة للعمل على تمكين النساء المعيلات لأسرهن اقتصاديًا، من خلال تقديم دورات متخصصة في التأهيل المهني، تساعد النساء على التمكن من مهنة معينة، ومن ثم توجهيها لآلية إنشاء مشروع منتج".

تشدد راضي على أهمية عمل المؤسسات المعنية بشؤون النساء، على تدريب النساء على إدارة المشروع، عبر ورش متخصصة، وكذلك على كيفية الحصول على تمويل لمشاريعهن.

 وفي سبيل تحقيق التمكين الاقتصادي  تقوم الجمعية على مشروع "غراس" منذ يناير /كانون الثاني لعام 2019م، الذي يهدف إلى تدريب وتطوير النساء، ودمجهن في سوق العمل عبر إخضاعهن لدورات الكروشيه والخياطة والتجميل وصناعة المنظفات والمعجنات، وتزيين الكيك، والمخبوزات وغيرها.

وتشدد راضي على أهمية عمل المؤسسات المعنية بشؤون النساء، على تدريب النساء على إدارة المشروع، عبر ورش متخصصة، وكذلك على كيفية الحصول على تمويل لمشاريعهن، سيما وأنهن يخفن من تمويل مشاريعهن عبر الإقراض الحسن، ويفضلن توفير مستلزمات مشاريعهن كمنح، بسب خوفهن من الالتزامات المالية وتبعاتها.

كاريكاتـــــير