شبكة نوى، فلسطينيات
اليوم الاربعاء 29 اكتوبر 2025م21:40 بتوقيت القدس

بيوت غزة القديمة معالم بعضها "مهمل"

03 مارس 2016 - 15:43
شبكة نوى، فلسطينيات:

غزة- خاص نوى:

ما أسوأ أن تعيش مشاعر متناقضة في آنٍ واحد، عندما تزور للمرة الأولى مواقعًا أثريّة في مدينة غزة، كقصر الباشا، أو بيت العلمي للتراث الفلسطيني، أو "بيت الباشا"! حيث الإرث التاريخي القديم للمدنية في أبهى صورها، تعكس الاهتمام المحدود بتلك البيوت، التي نجت مرات ومرات من صراع الأضداد والاحتلالات المتعاقبة للمنطقة محط أطماع المستعمرين.

يُشكّل قصر الباشا" نموذج معماري من العصر المملوكي، يتوسط المدينة القديمة، تجاوره مدرسة الزهراء للبنات، حتى وقت قريب فُصل عنها، بعد أن كان القصر يقوم بدور المدرسة في حقبة زمنية ما، مرة يسمى" السلملك" المبنى الشمالي، وهو مخصص للرجال، و"الحرملك" المبنى الجنوبي، المخصص لنساء القصر، و" دار السعادة" أو " قصر آل رضوان".

المواطنون المنهكون من هموم الحياة اليومية، مشغولون حتى أخر رمق بتوفير متطلبات العيش، لا يلتفتون إلى القصر إلا كعابر بيافطة إعلانات، يرمقونها بنظرة بائسةٍ ثم يمضون إلى حياتهم، إلا أن هذه ليست حجارة وحسب، بل تاريخ المدينة منذ أكثر من 4 عقود، كل زاوية تسرد حقبة تاريخية لها، حياة وتفاصيل يومية، استخدامات متعددة.

على بعد مسافة قصيرة من القصر، يقع " بيت العلمي للتراث الفلسطيني"، وهو بيتٌ قديم محشور بين بيوت المدينة، حافظ على متانة حجارته، وشكله المعماري الهندسي، بعيدًا عن أنانية البعض.

ونجا البيت القديم، وعمره أكثر من 430 من الحروب والصراعات التي أطاحت بعشرات البيوت في القطاع، بسبب حرصه صاحبه" إسماعيل العلمي" المحافظة عليه، وتحويله إلى مزار يقصده المثقفون والأدباء والفنانون والمواطنون، وتنظم فيه الأمسيات والاجتماعات المتنوعة.

أما التناقض فيعكسها زيارة " بيت الباشا" الأثري، وهو مملوك لمواطن من غزة، ورثه عن والده، الحالة التي وجدناه عليها، يُرثى لها، حيث تكوم النفايات والمياه العادمة، ونحت لحق جدرانه، ما يعرضه للتآكل، ويلحق أضرارا في جدرانه.
تشير الروايات إلى أن تاريخ البيت يعود للعهد المملوكي، فمدخله يعلوه عقد نصف دائري يؤدي إلي دهليز يتفرع منه غرفة صغيرة بدرج، يؤدي الدهليز إلي الفناء , والفناء يؤدي إلي 5 غرف وإيوانين,وغرفة سادسة تفتح على إحدى الإيوانين والسابعة مدخلها خارجي. ويحتوي البناء على زخارف هندسية.  

يوجد في قطاع غزة 120 بيتًا آثريًا قديمًا تتركز معظمها( 102 بيتًا) في البلدة القديمة وسط القطاع، وأغلبها بيوت "عثمانية" تركية ومن العصر المملوكي حوالي ( 4-5 بيوت)، وفق م. المهندس أحمد البرش نائب مدير عام السجل الوطني للحفاظ والتراث الثقافي في وزارة السياحة والآثار.

يقول" كوزارة سياحة وآثار نقوم بمشاريع ترميم وصيانة دورية للمواقع والبيوت الأثرية، إلا أن احتياجات هذه المواقع يفوق إمكانيات الوزارة محدودة الكوادر البشرية، والميزانية القليلة".  

يضيف البرش" أن معظم هذه البيوت عبارة عن ملكيات خاصة متوارثة عن الأجداد، وهُجرت وكان سببًا في انهيارها وخرابها، لان عدد كبير من الورثة لم نستطع حل الإشكاليات لكبر عدد الورثة واختلافهما حول الإرث".

وعن مسؤولية الوزارة يقول:" أصحاب البيوت يريدون استثمار الأرض، وليس في مقدرة الوزارة دفع تعويض للورثة عن قيمة البيوت والأرض المقام عليها". يتابع:" استطعنا على مدار سنوات حل أمور 20 بيتًا مختلف عليها، واخترنا 10 بيوت لتصبح ضمن مشروع حكومي لعرضها كأماكن ومتاحف، يقصدها السياح والمهتمين بالتراث.

 يُقر البرش بأن الوزارة والمؤسسات لا تعفى من المسؤولية عن الاهمال والتقصير في الاهتمام بهذه البيوت، ويقول:" تعتمد الوزارة في مشاريعها على التمويل الخارجي من قبل المؤسسات الدولية، أو المؤسسات المحلية، حتى على صعيد تنظيف هذه المواقع، فلا يوجد موظف متخصص لذلك، تعتمد الوزارة في تنظيفها على عمال البطالة الذي تفرزهم المؤسسات المحلية، وهذه تحدّث كل ثلاث شهور، وفي الوقت الحالي توقفت مشاريع التشغيل، لذا يُلحظ عدم الاهتمام بـ " بيت الباشا" مثلًا.

ويشير البرش إلى غياب ثقافة مجتمعية للمحافظة على المواقع الأثرية حتى لزوار هذه الأماكن، ما يدفع إلى تراكم النفايات.

 

كاريكاتـــــير