شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الاثنين 06 اكتوبر 2025م10:29 بتوقيت القدس

نساءٌ على خُطى "الريادة": الحرب "وأَدَت" الحلم!

31 يناير 2024 - 23:12

شبكة نوى، فلسطينيات: رشا أبو جلال

خلف ماكنة خياطة يدوية، تجلس صفاء القرعاوي (٤٢ عامًا) في أحد الأزقة الفرعية من سوق رفح وسط المدينة الجنوبية، وتنشغل في إعادة حياكة بعض الملابس التي يجلبها المواطنون لها.

كانت هذه السيدة تدير مصنعًا للخياطة في مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، أنشأته من الصفر، وكان يضم سبع عاملات قبل أن تقرر قوات الاحتلال الإسرائيلية تحويله إلى كومةٍ من الركام.

تقول القرعاوي لـ"نوى": "الحرب وضعت نهاية حلمي الذي كبر في مخيلتي على مدار سنوات طويلة، بأن يصبح لدي مصنع خياطة كبير، وأن أصبح سيدة أعمال مستقلة اقتصاديًا".

وأضافت: "كنت ملهمة لغيري من النساء الريفيات باتجاه العمل الريادي والاعتماد على الذات، ولكن كل ذلك أصبح من الماضي الآن".

وتعمل القرعاوي حاليًا في حياكة الملابس بمفردها، إذ تُعدُّ الآن المعيل الوحيد لأسرتها التي نزحت إلى مدينة رفح، فقد خسر زوجها أيضًا محله التجاري في خان يونس، التي حولتها الحرب إلى مدينة أشباح أخرى.

وأوضحت أنها تقوم بإعادة تفصيل ملابس البالة التي يشتريها النازحون من السوق من أجل أن تتناسب مع أحجامهم، خاصةً في ظل عدم توفر الملابس الجديدة، بعد أن فرضت "إسرائيل" إغلاقًا شاملًا على قطاع غزة.

وبدّدت الحرب الإسرائيلية على القطاع، حلم النساء الفلسطينيات بأن يصبحن رياديات وسيدات أعمال، بعد أن حولت مشاريعهن الاقتصادية إلى أكوامٍ من الرماد، أُسوةً بالسواد الأعظم من المشاريع الاقتصادية في القطاع، مثل المصانع والمتاجر والأسواق.

وبحسب بيان الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في الثامن من آذار/ مارس  لعام 2023م، ترأس النساء حوالي 12% من الأسر في فلسطين في العام 2022م، بواقع 12% في الضفة الغربية و11% في قطاع غزة.

وأشار البيان إلى ارتفاع نسبة مشاركة النساء في القوى العاملة للعام 2022م، مقارنةً مع عام 2021م، حيث بلغت حوالي 19% من مجمل النساء في سن العمل في العام 2022م، بعد أن كانت النسبة 17% في العام 2021م.

ودمّرت الحرب المشروع الزراعي الخاص بإلهام العطار الذي أطلقته الصيف الماضي، عندما أسست مشتلًا لزراعة الفراولة شمالي قطاع غزة، من أجل تصديرها للخارج.

تقول العطار التي كانت تصطف في طابور طويل أمام مخبز في مدينة رفح لموقع "نوى": "لقد بنيت مشروعي الخاص بمشقة بالغة، وبتكاليف كبيرة وصلت إلى ٧ آلاف دولار، تحصّلتُ عليها كميراث بعد وفاة والدي".

وأضافت: "كنت أحلم بأن أصبح سيدة أعمال، ونموذجًا نسويًا فعالًا في النقابات الزراعية، ولكن الاحتلال حطم كل ذلك".

وأشارت إلى أن "إسرائيل" تتعمد تدمير المشاريع الاقتصادية انتقامًا من الفلسطينيين، ومن أجل إعادتهم إلى الحياة البدائية البعيدة عن مظاهر التحضر البشري.

وقالت بلدية غزة في بيان لها "إن الاحتلال الإسرائيلي تعمد خلال عدوانه المتواصل منذ السابع من أكتوبر الماضي، تدمير المرافق الاقتصادية والمحال التجارية والمهن والحرف والبنية التحتية والمرافق الحيوية والخدماتية".

وأكدت البلدية أن الاحتلال يهدف من خلال تدمير المرافق والمنشآت الاقتصادية والحرفية، إلى تدمير الحركة الاقتصادية وتوسيع دائرة البطالة والفقر، وتدمير حركة البناء والتنمية في المجتمع الفلسطيني داخل قطاع غزة.

بدوره، قال الخبير الاقتصادي محمد أبو جياب لـ"نوى": "تتعمد إسرائيل استهداف الاقتصاد الفلسطيني كأحد الأسلحة الموجهة ضد المجتمع الذي يواجه حربًا شرسة منذ أكثر من ١٠٥ أيام".

وأوضح أن هذه السياسة أعادت القطاع الإنتاجي في غزة إلى نقطة الصفر، وحطّمت مجهود الفلسطينيين في خلق حالة تصديرٍ متصاعدة لبضائعهم إلى الخارج.

وبيّن أبو جياب أن الهدف من هذه السياسة هو جعل المجتمع بعد الحرب مجتمعًا استهلاكيًا بشكلٍ مطلق يعتمد على المساعدات والاستيراد من الخارج، الأمر الذي يعني وصول الفقر والبطالة إلى مستويات غير مسبوقة، وإبقاء الفلسطينيين بعيدين عن الاستقلال السياسي وحق تقرير مصيرهم.

وأضاف: "إن انعكاسات تدمير الاقتصاد المحلي هي أكبر بكثير بالنسبة لسيدات الأعمال وصاحبات المشاريع الصغيرة، اللواتي اعتمد جزء كبير منهن في تأسيس مشاريعهن على أموال لا يستطعن توفيرها مرة أخرى، مثل أموال الميراث أو الاستدانة".

وطالب أبو جياب بضرورة توفير حاضنة اقتصادية للقطاع الإنتاجي في غزة، خاصة لدعم النساء الرياديات وصاحبات المشاريع الصغيرة، اللواتي ستكون الأمور أصعب بالنسبة لهن مقارنةً بالرجال، للنهوض مجددًا في مشاريعهن الاقتصادية.

اخبار ذات صلة
كاريكاتـــــير