شبكة نوى، فلسطينيات: غزة - خضرة حمدان
بالقرب من ثلاجة الموتى في مستشفى الشفاء تقع الإدارة العامة للطب الشرعي، يحتار هناك طبيبان فقط وبعض المساعدين في أي جثمان شهيد أو شهيدة يبدؤون، ما الذي سيبحثون عنه، لديهم بعض الرؤوس والأشلاء لأطفال ونساء ورجال، من الترف القول أن الوقت لا يسعفهم، فالوقت ساعات ودقائق تمر عليهم في الطب الشرعي كسرعة البرق، إذن الحل بعض الإجراءات المسلم بها، تقليب الجثمان، لا نعرف لمن، ثم يقيد لمجهول. يتوجه من بقي حياً من عائلة استُهدِف منزلهم قبل قليل إلى مقر الطب الشرعي، يسألون عن لون الشعر، لا شعر لقد احترق، يسألون عن لون البشرة، بالطبع الجميع سيان إلا من رحم ربي هناك من يمكن التعرف عليه، فالأسماء واحدة والمصاب جلل ومعمم على مليونين وثلاثمائة ألف فلسطيني في قطاع غزة، يقبعون في بقعة سكانية بل الأكثر كثافة سكانية بالعالم على امتداد 365 كيلومتر مربع، الطبيب بالطب الشرعي شحدة ع لا يكاد يفوق من جثة حتى يتسلم أخرى، ليس لديه وقت للاطمئنان على أهل بيته، حتى أنه لا يعلم إن كانوا لا يزالون في البيت الذي توجهوا إليه إلى الجنوب من وادي غزة حيث ساق الاحتلال ادعاءات أنها ستكون آمنة، ولكنه ادعاء كاذب حيث يرتكب الاحتلال فيها عشرات المجازر اليومية، سجلت في يوم واحد " الثامن عشر من الحرب على غزة- ما لا يقل عن 700 شهيد ومئات الجرحى حسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، وفي لحظة كتابة البيان ارتكب الاحتلال جريمة في خانيونس راح ضحيتها 17 شهيداً، وبقي العشرات تحت الأنقاض. تأتي هذه الجرائم في ترجمة حقيقية للتهديد الإسرائيلي بإعادة القطاع 50 سنة إلى الوراء، وحيث يرتكب جرائم تدمير تفوق الخيال دمر فيها نصف الوحدات السكنية في القطاع حسب تصريحات رئيس المكتب الإعلامي الحكومي بغزة سلامة معروف. كما طبيبا الطب الشرعي فإن كافة الأطباء في المنظومة الصحية في قطاع غزة يواجهون ضغوطاً شديدة وبالغة تفوق احتمال البشر، فقد تلقى الكثير من الأطباء نبأ استشهاد أفراداً من عائلاتهم أو كافة العائلة، كما الطبيبين محمد الرن رئيس قسم الجراحة في مستشفى الاندونيسي ومؤيد الرن تلقيا خبر استهداف منزلهم واستشهاد أفراد عائلتهم وهما على راس عملهما لمدة تزيد عن عشرين يوماً. وزارة الصحة في غزة قالت أنه في الوقت الذي تم مضاعفة فيه القدرة السريرية نتيجة العدد الهائل للجرحى جراء العدوان، باتت تتعامل مع هذه القدرة السريرية الممتدة بكادر بشري لا يتجاوز 30% من الكادر الأصلي، نتيجة لاستهداف الاحتلال لجزء كبير منه وتشريد جزء آخر الأمر الذي حال دون قدرة الكادر البشري على الوصول إلى المرافق الصحية، مشيرة إلى استهداف المؤسسات الصحية بشكل مباشر ومتعمد والتهديد لهذه المستشفيات بالقصف إذا لم يتم إخلاءها وإخراج 12 مستشفى و32 مركز رعاية أولية عن الخدمة جراء الاستهداف أو عدم إدخال الوقود.