شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الاثنين 06 مايو 2024م00:08 بتوقيت القدس

قلب طفلٍ توقف بعد صوت انفجار

غزة.. الموتُ "خوفًا"!

12 مايو 2023 - 08:40

شبكة نوى، فلسطينيات: صرخةٌ واحدة، ثم سكَتَ الصوت. اهتزَّ البيتُ بقوةٍ هذه المرّة فقد كان القصف بعيدًا، "لكن الحمد لله نحن بخير" تمتمَ محمد داوود لحظتها، وعانقَ طفله الصغير "تميم"، الذي انتفض من مكانه وغاب في حضنه مرتعد الفرائص.

يقول لـ"نوى": "كان قلبه يخفق بقوة، شعرتُ به وكأنه سيخرج من بين أضلاعه. حاولتُ أن أهدِئ من روعه وقد ظننتُ أنها مثل كل مرة، موجة خوفٍ عابرة نتيجة صوت القصف المريع".

صواريخ الاحتلال الإسرائيلية التي استهدفت منازل المواطنين وسط قطاع غزة، الثلاثاء، لم تأبه لصرخات الأطفال، ولا لدموع أمهاتهم، ولا حتى لحال "تميم"، ذلك الصغير الذي أجرى عملية قلبٍ مفتوح قبل ما يقارب أربع سنوات.

يضيف والده: "كان يعيش حياته بشكلٍ طبيعي، مع اتباع البرتوكول العلاجي المقر له منذ إجرائه العملية، وكان قلبه في تحسن، إلى أن جاءت هذه الضربة، فقضت على طفولته، وحياته، وكل أحلامنا التي رسمناها لأجله".

ويتابع: "بعد ساعتين بدأ يشعر بضيقٍ في التنفّس، فتحدثتُ مع طبيبه المختص الذي طمأنني بأنها حالة مؤقتة وستنتهي بمجرد شعوره بالأمان. لكن حالته بدأت تسوء فنقلته إلى المستشفى، وهناك دخل العناية المركزة".

دقائق مرّت على قلب والده مُرّةً علقم، قبل أن يُعلن الأطباء وفاته في وقتٍ لاحق. تتضاءل على لسانه الكلمات، فهو لا يعرف ماذا يمكن أن يقول، أو كيف يعبّر عن وجعه "ولا كلمات لديه تفي أو تكفي"، فالفاجعة كبيرة، والمصاب جلل. يردد فقط: "حسبنا الله ونعم الوكيل، ربنا يصبرنا على فراقه، وعلى فاجعتنا بفقدانه".

تصطدم فور دخولك صفحة والدته في موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" بجُملة تعريفيةٍ واحدة: "اللهم لا تبتلينا بما لا نستطيع عليه صبرًا"، ومنشورًا قبل ما يقارب العام يحمل صورة تميم الذي التحق بروضة الأطفال، وكلمات حبٍ وأمنياتٍ بالتوفيق والمستقبل الحلو الهانئ.

ليس أقسى من أن تفقد أمٌ طفلها الذي نجا من الصاروخ "خوفًا". ليس أقسى عليها من أن تودّعه إلى غير لقاء، وبدون حقيبة كتبه وعلبة طعامه ومقلمته وألوانه. ليس أقسى عليها من أن تقبله على يقينٍ بأنه لن يعود.

توقف قلب تميم خوفًا، وبقيت آلاف القلوب الصغيرة في حالة خوفٍ لا يتوقف، عيونٌ شاخصةٌ نحو سماء غزة الملبّدة بطائرات مختلفة الأنواع، أرسلها الاحتلال لتبثّ الموت والدمار، وتقتل البراءة بطرقٍ وأدواتٍ مختلفة.

وبينما صوت طائرات الاستطلاع وحده قادرٌ على خلع أي قلبٍ من مكانه، تأتي طائرات الحرب المحمّلة بنيران الجحيم، لتسقط حقدها على رؤوس أطفالٍ لا يملكون من الحياة في غزة المحاصرة إلا الحلم، وبعض الضحكات، وعناق أمهاتهم قبل النوم وحكاية.

يرتقون بطرق شتّى. بشظايا الصواريخ حينًا، وبالرعب من أصواتها أحيانًا. تميم لم يستطع التعبير عن خوفه إلا بالرحيل، بعد أن كانت "صرخته" الأخيرة الإعلان الوحيد عن قهره.

اخبار ذات صلة
كاريكاتـــــير