شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الثلاثاء 30 ابريل 2024م18:27 بتوقيت القدس

بخمسين رصاصة

هبة أبو حصيرة التي أعدم الاحتلال عائلتها أمام عينيها

13 ابريل 2024 - 12:59
سماح شاهين

غزة:

"حبسنا أنفاسنا داخل غرفة في بيتنا المقصوف أكثر من مرةٍ بمحيط مجمع الشفاء الطبي، بعد أن سمعنا مكبرات الصوت تنادي من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي تقول أي حدا بطلع رح نطلق عليه النار"، كان هذا بداية ما عاشته هبة أبو حصيرة أثناء اقتحام 6 من جنود الاحتلال الإسرائيلي بيتها.

حاصرت الدبابات الإسرائيلية المنزل والشارع من كل اتجاه، إضافة لعشرات الجيبات وناقلات الجند، مع استمرار القصف المستمر لمجمع الشفاء ومحيطه.

"أطلق جيش الاحتلال النار بشكل هستيري وبدأنا بالدعاء وقراءة القرآن بأن يحفظنا الله من الموت أنا وعائلتي"، تقول هبة.

تسابقت رصاصات الجيش باقتحام منزل أبو حصيرة المليء بالفتحات في شبابيكه وحيطانه، الذي يقع في محيط مجمع الشفاء الطبي غرب قطاع غزة.

في تاريخ 18 آذار (مارس)، عاشت هبة وعائلتها مشاهد الرعب بسبب كثافة الرصاص الحي من قبل الجيش حتى الساعة 11 صباحًا. 

تقول هبة لـ"شبكة نوى": "بقينا أنا ووالدتي وشقيقاتي رزان ورانيا وشقيقي الوحيد سيف بداخل تلك الغرفة فأمضوا يومهم صائمين بلا سحور، متحملين الجوع والعطش، هنا أنا عشت أصعب صدمة في حياتي عندما اقتحم نحو سبعة أشخاص من الجيش منزلنا وبدأوا بإطلاق النار داخل المنزل". 

وحيدة بلا عائلة

تضيف العشرينية أن الجيش اقتحم الغرفة التي احتمينا بداخلها وأطلق 50 رصاصٍة على والدتي وشقيقاتي اللتين حاولتا الاحتماء داخل حضنها، ومن ثم أعدموا شقيقي بدمٍ بارد.

"كنت انتظر دوري لحظة رفع السلاح نحوي واستقبلت الموت بدموعي وصدمتي على ما حصل، لكن اختار الجندي الأصعب من الموت وهو تركي أتحسر عليهم لوحدي" وفق هبة.

"أخدوني على صالون المنزل وكنت ألحّ عليهم بإني أكون جنب عيلتي خاصة بعد أن رأيت أختي رزان ما زالت تتنفس وطلبت منهم اسعافها لأنني ممرضة أستطيع أن أعالجها ولكن رفضوا ورفعوا السلاح في وجهي وكأنهم يهددوني بالقتل وأصابوني في يدي".

وتتابع المكلومة: "خرجت من المنزل تحت تهديد السلاح والشتم برداء الصلاة ورفض ارتداء حذاء فخرجت حافية القدمين أسير بين الدبابات أطلقت إحداها رصاصة نحوي شعرت باحتكاكها لذراعي".

وتُشير إلى أنّها سارت في الطريق المُلغم بأكثر من عشر دبابات، حاولت الرجوع للاطمئنان على عائلتي وخاصة معرفة مصير شقيقتي رزان"، مستدركًة: "كل محاولاتي باءت بالفشل".

بدموع وحسرةٍ، تُردف هبة أنها أصبحت وحيدة بلا عائلة، وذهبت عند إحدى المنازل وفتحت عائلة لم أعرفها أبوابها حتى استقرار الأوضاع. 

كر وفر من الموت

تُضيف أبو حصيرة أنّه مع كل اجتياح لمنطقة ما في غزة كنا نغادرها خاصة عند مستشفى الشفاء ومحيطه وعندما يستقر الوضع نعود مرة أخرى، واصفًة إياه بأنه "كر وفر من الموت".

وبسبب عدم دخول المساعدات إلى شمال قطاع غزة ومع بداية المجاعة كان طعام عائلة هبة الوحيد هو الصلصلة، وتخرج والدتها للأراضي الزراعية لتقطف لهم الحماصيص والخبيزة لسد رمقهم.

وتكمل: "بقينا داخل منزلنا حتى أجلنا الأخير ورفضنا النزوح إلى الجنوب". 

وتلفت إلى أنّها أن والدها رأفت أبو حصيرة استشهد عام 2004، وعاشت مع أشقائها وأمها حياة، ولكن الاحتلال وسعّ دائرة الفقدان في حياتها لتستشهد عائلتها دفعٍة واحدة. 

أحلام لم تتحقق

وتستذكر هبة: "أختي رزان التي لا زال صراخها في أذناي تدرس الخدمة الاجتماعية والتعليم الأساسي كانت تحلم بالتخرج وكانت تخاف كتير عند سماع أي صوت قصف".

أما رانيا فهي الأخرى تدرس المستوى الأول بتخصص اللغة العربية كان حلمها التخرج، وشقيقها الوحيد كان يحلم سيف بأن يتخرج ويعمل.

وعن حلم هبة فهو أن تفرح والدتها بسيف، والعمل داخل المستشفيات لمعالجة المرضى.

عجزها عن إسعاف عائلتها

وتُشير إلى أن قبل عدة أشهر من الاجتياح البري لمستشفى الشفاء، عادت إلى عملها التطوع بعد تحفيز والدتها بإسعاف المصابين. 

وتُضيف: "كنت مسؤولة عن تدريب الممرضين المتطوعين حتى عودة الطواقم الطبية، قبل الاجتياح الثاني، ولكن الجيش اجتاح مجمع الشفاء بشكل مفاجئ للمرة الثالثة".

وُتعبر العشرينية عن قهرها وعجزها بسبب عدم تمكنها من إسعاف عائلتها خاصة رزان، مناشدًة بمعرفة مصير عائلتها ورؤيتهم للمرة الأخيرة.

 

كاريكاتـــــير