شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 19 ابريل 2024م23:49 بتوقيت القدس

أطفالٌ هزموا الإعاقة في مخيم صيفي بغزة

07 اعسطس 2021 - 07:59
ابتسام مهدي

شبكة نوى، فلسطينيات: - نوى

ابتسامة عريضة ارتسمت على وجه الطفلة دعاء أبو دحروج، بينما كانت تعرض على والدتها مشغولاتٍ مختلفة أنجزتها بيديها الصغيرتين.

وتقطن أبو دحروج (9 أعوام) في دير البلح وسط قطاع غزة، وهي واحدة من عشرات الأطفال من ذوي الإعاقة، المشاركين في مخيم "يلا نمرح ونتعلم"، وتعاني من نقص النمو في العقل والجسم.

المخيم الذي تُنظم فعالياته في المنطقة الوسطى من قطاع غزة، يهدف إلى دمج التعليم بالترفيه والعلاج في نفس الوقت. تقول والدة دعاء: "رغم تشجيعنا الدائم لها لتتقبل حجم جسدها، إلا أنها كانت تفضّل الوحدة، وعدم مشاركة الآخرين خوفًا من الشعور بالنقص".

وتشير إلى أن التحاقها بالمخيم الذي درس حالة دعاء واحتياجاتها، وأخضعها لخطةٍ خاصة بها، أوجد لها مكانًا بين زملائها، ودفعها لتقبل وضعها، ومشاركتهم في أغلب الأنشطة، مع التشجيع والعلاج النفسي.

ولم تجد والدة دعاء، كلمات تشكر بها المنشطات في المخيم، حين فوجئت بمشاركة ابنتها بفقرة الغناء الذي مزجت بينه وبين الحركات. تعقب: "لا أستطيع وصف حيويتها داخل المنزل، لقد تغير حالها بشكل ملفت، أصبحت أكثر تقبلًا لوضعها، وتحاول الاندماج مع أبناء أقاربنا، الابتسامة لا تفارقها، كما أنها ترسم وتبدع في عمل الأشكال التي تتعلمها في المخيم".

وحاول القائمون على المخيم الذي تنفذه جمعية ومدرسة جسور الأمل للتربية الخاصة في دير البلح، كسر كافة الحواجز لدى الأطفال من ذوي الإعاقة، عبر سلسلة من الألعاب المتنوعة، والتعليم النشيط، والأنشطة الرياضية المختلفة، وقد ظهرت الفرحة واضحة على ملامح جميع الأطفال خلال الاحتفالات التي كانت تنظم في المخيم.

وتوج المخيم الذي نظم على مدار شهر كامل، بأعمال الأطفال وأنشطتهم التي أنجزوها، ما بين عروض وفنون ودبكة شعبية ومسابقات.

وسادت حالة من الحيوية والنشاط في ساحة المدرسة، حيث انتشر الأطفال بين ألعاب "الباراشوت" الملون، والدوائر البلاستيكية، ولعب كرة السلة، والتنس، والتلوين على الورق والوجوه.

وتقول منسقة المشاريع في المدرسة فداء بربخ: "إن المخيم هدف إلى مد يد العون والمساعدة لذوي الإعاقة، ورسم البسمة على شفاههم، وتقديم الخدمات التعليمية لهم والارتقاء بهم وجعلهم فاعلين في المجتمع".

وتضيف: "في بداية عام 2019 وبعد إعادة تقييم رسالة المدرسة، وجدنا أن الهدف التعليمي للمدرسة غير كاف؛ الكثير من هؤلاء الأطفال بحاجة ماسة إلى الرعاية الصحية والدعم النفسي والعلاج الطبيعي والوظيفي والتغذية السليمة التي تناسب كل طفل، فلا يعقل أن نرى الطفل يتقدم في الجانب التعليمي، ولديه قصور في الجوانب الصحية والنفسية".

تشير بربخ في حديث لـ"نوى"، إلى أن هذه الأهداف كانت دافعًا لإطلاق المخيم، لا سيما بعد جائحة كورونا التي أعاقت التحاق الطلاب بالمدرسة، "وقد عزز انعكس المخيم إيجابيًّا على نفسية الطلبة، وشخصياتهم، وحسّنت من قدراتهم الحركية والمعرفية".

وتوضح أنّ المخيم ضم عددًا من الزوايا، مثل: تأسيس قراءة وكتابة، ودراما ومسرح، ورسم، وألعاب تنشيطية، وعلاج النطق، ومشاكل الكلام، والعلاج الطبيعي.

وبينما بلغ عدد المنشطين في المخيم (20) فتاة، عملن على رعاية وتنشيط (90) طفلًا وطفلة من ذوي الإعاقة والاضطرابات النمائية التي تشمل اضطراب "طيف التوحد"، والإعاقة الفكرية، وفرط الحركة، وتشتُّت الانتباه، وصعوبات التعلم، والإعاقة الحركية، ومختلف الإعاقات، ومن "هنا تميز المخيم" وفق بربخ.

وتفيد بأن المدرسة جهزت قاعات تعليمية وترفيهية خاصة، لكل إعاقة، بهدف دمج المتعة والتعلّم والصحة، لتحقيق أفضل النتائج خلال الفترة الصيفية.

وتلفت بربخ إلى أن أنشطة المخيم نفذت بطريقة ممتعة وغير تقليدية، تخرج ذوي الإعاقة من قالب التلقين وتعتمد على مهارة (التقليد ثم التفكير)، مع العمل على تنمية عدد من المهارات، مثل: توسيع الجانب الإدراكي، تنمية الجانب الاجتماعي، زيادة الحصيلة اللغوية، وتنمية الإبداع والحس الفني، وتقوية الأنشطة الحركية بممارسة الرياضة وإكساب المهارات الاستقلالية وتنمية المهارات اليدوية".

ووجهت بربخ رسالة للمؤسسات المعنية بالطفل ذوي الإعاقة، بضرورة مواصلة مثل هذه المشاريع ودعمها بشكل مستمر، لتأثيرها الإيجابي في حياة الأطفال ذوي الإعاقة بجميع أنواعها.

طبيب ليوم واحد

وتتحدث المنشطة، صفاء يوسف أبو حمضل، عن تجربتها في المخيم، قائلة: "شاركتُ مع الأطفال بمختلف الزوايا، تحديدًا زاوية طبيب المدرسة، حيث كنا نعلم الأطفال أساسيات الإسعاف الأولي وكيفية التعامل مع الحوادث بما يخص التعامل مع ذوي الإعاقة".

وبحسب أبو حمضل فقد طلب أحد الأطفال الذين يعانون من الإعاقة الحركية أن يكون طبيبًا ليوم واحد، فحقق المخيم حلمه، ليتجول بين زويا المخيم، ويعطي الإرشادات والنصائح والتعليمات للأطفال وكأنه طبيب حقيقي.

وتضيف: "أصيب جميع المنشطين بدهشة من طريقة حديثة رغم أنه بالعادة كان يتلعثم بالكلام، لينهي يومه وهو في قمة السعادة، وقد عاهد الجميع: رغم إعاقتي سأكون طبيبًا في المستقبل، وهذا الأمر من ضمن أهداف المخيم".

في حين تذكر المنشطة آمال جمال أبو عيشة، موقفًا نُقش في قلبها، وقت رأى الطلبة الألعاب التي تم تجهيزها في المدرسة، "كانت الفرحة لا تسع ذوي الإعاقة الحركية، حين وجدوا ألعابًا تتناسب مع إعاقتهم، لم أستطيع تجنب نظرات عيونهم القائلة: إننا أخيرًا وجدنا لعبة تناسبنا، إننا أخيرًا مثلكم لا تعيقنا كراسينا عن اللعب، ولم أتجاهل مناداتهم بلغتهم البسيطة (يا مس شوفي هيني بلعب)".

 

كاريكاتـــــير