شبكة نوى، فلسطينيات
gaza2023
اليوم الجمعة 03 اكتوبر 2025م10:37 بتوقيت القدس

عظامها في ثلاجة وتناشد أمه لعلاجه بالخارج..

طفلٌ بنصف جمجمة.. عالقٌ بين "الموت" و"الحياة" بغزة!

29 سبتمبر 2025 - 12:12
الطفل كنان أبو محسن
الطفل كنان أبو محسن

غزة/ شبكة نوى- فلسطينيات:

تمسك سما أبو محسن بيد طفلها كنان تارة، وتربت على رأسه تارة أخرى، في محاولة يائسة لفعل أي شيء يخفف آلامه التي لا تهدأ. منذ إصابته في رأسه وصدره بإصابات خطيرة، مكث أربعة وعشرين يومًا في العناية المركزة، بعد أن اضطر الأطباء لاستئصال أجزاء من عظام جمجمته وحفظها في الثلاجة، على أمل زراعتها له في وقت لاحق.

الطفل كنان، ذو الأعوام الأربعة، كان نائمًا في خيمة نصبتها عائلته في مواصي خانيونس، جنوبي قطاع غزة، المصنفة "منطقة إنسانية آمنة"، حين اخترقت شظية رأسه الصغير في قصف استهدف خيمة مجاورة. تلك الليلة لم تُصبه الشظايا وحده، بل استشهد والده في القصف، وأصيبت والدته معه. مكث طويلًا في غيبوبة ليصحو على آلام لا تكاد تفارقه.

تصف سما حالة ابنها بالخطيرة: لا يستطيع التنفس إلا عبر أجهزة التنفس الصناعي، وقد فقد القدرة على الحركة بشكل كامل.

وتقول بأسى: "يتألم، يئن، ولا أملك عصا سحرية توقف أوجاعه أو تنقذه. كل ما أتمناه أن يُنقل للعلاج خارج القطاع لإجراء عملية زراعة عظام الجمجمة، إذ لا يمكن لمستشفيات غزة المنهكة أن تجريها."

خسر كنان نصف وزنه، وأصبح بحاجة لنظام تغذية مكثف يمنحه القدرة على مواجهة الإصابة واستعادة جزء من عافيته ليتمكن من الانتظار حتى تُفتح له نافذة أمل للخروج واستكمال العلاج. لكن ذلك يشبه طلب المستحيل؛ فالمواد الغذائية من لحوم وبيض وفواكه شبه معدومة في قطاع غزة، وإن وُجدت فأسعارها خيالية.

اضطر الأطباء إلى استئصال جزء من عظام جمجمة كنان وحفظه في الثلاجات بعد إصابته بكسور وتهتك حاد. ومع تعقد حالته، فُتح ثقب في قصبته الهوائية لمساعدته على التنفس.

في مستشفى ناصر الطبي، اضطر الأطباء إلى استئصال جزء من عظام جمجمة كنان وحفظه في الثلاجات بعد إصابته بكسور وتهتك حاد. ومع تعقد حالته، فُتح ثقب في قصبته الهوائية لمساعدته على التنفس، غير أن هذه الخطوة تركت آثارًا مدمرة: شلل نصفي، تشنجات متكررة، التهابات وصديد في الرأس، وتقرحات عميقة نتيجة عجزه عن الحركة.

في حيرة لا تهدأ، تمضي سما أبو محسن وقتها أمام سرير ابنها في مستشفى ناصر، تتأمل ملامحه البريئة التي غطتها الأنابيب. تضم يده الصغيرة المرتعشة وتهمس له: "اصبر يا روحي، أنا معك ومش راح أتركك". لكن في داخلها بركان لا يهدأ، وقلب ممزق يخاف أن يختطف الموت كنان كما اختطف والده؛ فالوقت في مثل حالته يساوي الموت.

"كل ما أتمناه أن يعود إلى سابق عهده قبل تلك الليلة المشؤومة. هو آخر ما تبقى لي في هذه الحياة. خسرت زوجي في لحظة، ولا أحتمل أن أفقد طفلي الوحيد أيضًا".

تقول سما: "كل ما أتمناه أن يعود إلى سابق عهده، يجري ويلعب ويلهو كما كان قبل تلك الليلة المشؤومة التي قلبت حياتنا رأسًا على عقب. هو آخر ما تبقى لي في هذه الحياة. خسرت زوجي في لحظة، ولا أحتمل أن أفقد طفلي الوحيد أيضًا. كل ما أريده أن يعيش، أن يرى الحياة كما يجب أن يراها أي طفل في مثل عمره."

اليوم، يقف كنان شاهدًا على طفولة مدمرة بفعل الحرب والحصار، وصوتًا صامتًا يطالب بحقه في العلاج والحياة. قصته ليست مجرد ملف طبي، بل حكاية إنسانية تختزل وجع غزة كلّه.

كاريكاتـــــير